حلاً عملياً.. كيف عالج الرسول مشكلتي البطالة والتسول ؟
تعتبر البطالة سبب رئيسي في كثير من المشكلات التي يعاني منها أي مجتمع وذلك لأنها تنتج العديد من الأمراض الاجتماعية الخطرة ومنها التسول الذي يبدأ كمعاناة سببها الفقر والحرمان ثم يتحول بمرور الوقت إلى مهنة ترتبط بسلوكيات منحرفة تقوم على الغش والخداع وهو ما نهت عنه الشريعة الإسلامية وتصدى إليه الرسول الكريم في مواقف كثيرة وردت في السنة النبوية الشريفة التي قدمت وسائل عملية لعلاج مشكلات التسول والبطالة داخل المجتمع.
قال الدكتور محمد عبد السلام أبو خزيم أستاذ الدراسات الإسلامية بجامعة عين شمس، إن الشريعة الإسلامية دعت إلى العمل والكسب الحلال وحثت عليه، وأن خير ما يأكله الإنسان ما كان من عمل يده، كما أن العمل الذي ينظر إليه الناس بالاستهانة أفضل من سؤال الناس، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "ما أكل أحد طعاما قط خيرا من أن يأكل من عمل يده وإن نبي الله داود عليه السلام كان يأكل من عمل يده"، وأخْرَجَ الطَّبَرانِيُّ عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ رضي الله عنه قالَ: "مَرَّ عَلى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم رَجُلٌ فَرَأى أصْحابَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِن جَلَدِهِ ونَشاطِهِ فَقالُوا: يا رَسُولَ اللَّهِ، لَوْ كانَ هَذا في سَبِيلِ اللَّهِ. فَقالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إنْ كانَ خَرَجَ يَسْعى عَلى ولَدِهِ صِغارًا فَهو في سَبِيلِ اللَّهِ، وإنْ كانَ خَرَجَ يَسْعى عَلى أبَوَيْنِ شَيْخَيْنِ كَبِيرَيْنِ فَهو في سَبِيلِ اللَّهِ، وإنْ كانَ خَرَجَ يَسْعى عَلى نَفْسِهِ يُعِفُّها فَهو في سَبِيلِ اللَّهِ، وإنْ كانَ خَرَجَ يَسْعى رِياءً ومُفاخَرَةً فَهو في سَبِيلِ الشَّيْطانِ".
و أضاف في برنامج (الدين المعاملة) بإذاعة القرآن الكريم، أن هناك نصوص شرعية صريحة تؤكد قيمة العمل بمجالاته المختلفة وتحث عليه، ففي مجال الزراعة قال صلى الله عليه وسلم :" ما من مسلمٍ يغرسُ غرساً أو يَزْرَعُ زَرْعاً فيأكلُ منه طيرٌ أو إنسانٌ أو بهيمةٌ إلاَّ كان له به صدقة"، وفي مجال رعي الأغنام قال صلى الله عليه وسلم في حديث آخر "عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ما بعث الله نبيا إلا رعى الغنم فقال أصحابه وأنت فقال نعم كنت أرعاها على قراريط لأهل مكة"، وفي مجال التجارة قال صلى الله عليه وسلم" التاجر الصدوق الأمين مع النبيين والصديقين والشهداء".
وأشار إلى أنه من خلال هذه الأحاديث وغيرها نتعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد وضع حلا عمليا نموذجا إيجابيا لحل مشكلة البطالة، فعن أنس أن رجلا من الأنصار أتى النبي صلى الله عليه وسلم يسأله ، فقال : " أما في بيتك شيء ؟ " ، فقال : بلى حلس نلبس بعضه ، ونبسط بعضه وقعب نشرب فيه من الماء ، قال : " ائتني بهما " فأتاه بهما ، فأخذهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيده ، وقال : " من يشتري هذين ؟ " . قال رجل : أنا آخذهما بدرهم ، قال : " من يزيد على درهم ؟ " مرتين أو ثلاثا ، قال رجل : أنا آخذهما بدرهمين ، فأعطاهما إياه ، فأخذ الدرهمين ، فأعطاهما الأنصاري ، وقال : " اشتر بأحدهما طعاما ، فانبذه إلى أهلك ، واشتر بالآخر قدوما ، فائتني به ، فأتاه به ، فشد فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم عودا بيده ، ثم قال : " اذهب ، فاحتطب ، وبع ، ولا أرينك خمسة عشر يوما " فذهب الرجل يحتطب ويبيع ، فجاءه ، وقد أصاب عشرة دراهم ، فاشترى ببعضها ثوبا وببعضها طعاما ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " هذا خير لك من أن تجيء المسألة نكتة في وجهك يوم القيامة ، إن المسألة لا تصلح إلا لثلاثة : لذي فقر مدقع ، أو لذي غرم مفظع ، أو لذي دم موجع"، لافتا إلى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ضرب لنا مثلا في هذا الحديث الشريف يحل مشكلتي البطالة والتسول، حيث أعان الرجل الذي سأله ؛ و فتح له بابا للعمل والكسب الحلال، وهو ما يجب أن نطبقه لعلاج هذه المشكلات.