صلاحيات الزوجة.. أمور حذر منها القرآن الرجل في تعدد الزوجات
تنتشر ظاهرة تعدد الزوجات في كثير من المجتمعات العربية والإسلامية، حيث يعتبر الرجل الزواج بأكثر من زوجة حق كفله الشرع له، ولا يلتفت الزوج إلى أن هذه الرخصة الشرعية وضعت لها شروط وضوابط وردت في نصوص قرآنية.
أذاع برنامج (مع القرآن الكريم) بإذاعة القرآن الكريم، حلقة سابقة للدكتور محمد سيد طنطاوي شيخ الأزهر السابق رحمه الله حول قول الله عز وجل في سورة النساء"وَلَن تَسْتَطِيعُواْ أَن تَعْدِلُواْ بَيْنَ النِّسَاء وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلاَ تَمِيلُواْ كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ وَإِن تُصْلِحُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا (129) وَإِن يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللّهُ كُلاًّ مِّن سَعَتِهِ وَكَانَ اللّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا (130)".
فأوضح الدكتور طنطاوي أن في الآية الأولي بين الله عز وجل لنا أن تحقيق العدالة في الحياة الزوجية بين أكثر من زوجة أمر غير ممكن، فقال سبحانه وتعالى" وَلَن تَسْتَطِيعُواْ أَن تَعْدِلُواْ بَيْنَ النِّسَاء وَلَوْ حَرَصْتُمْ"، والخطاب هنا للرجال الذين يتزوجون أكثر من واحدة، والمعنى أنكم أيها الرجال لن تستطيعوا أن تعدلوا بين الزوجات العدل التام في المعاملة والمحبة والميل القلبي وغيرها من الأمور ولو أنكم حرصتم على تحقيق العدل الكامل فلن تستطيعوا، حيث إنه يجب العدل في الإنفاق والقسم أما الميل القلبي فلا يملكه إنسان ولا يستطيع أحد التحكم فيه.
وتابع بقوله إن في الآية الكريمة توجيه للرجال إلي ما يجب عليهم فعله نحو زوجاتهم عند عدم المساواة بينهن في الميل وهو ألا يبالغوا في هذا الميل حتى لا تضار الزوجات غير المرغوب فيهن فتصبح الزوجة كالمعلقة فلا هي زوجة تنال حقوقها ولا هي مطلقة فتأثموا بسبب ذلك، ثم ختمت الآية الكريمة بقوله عز وجل "وَإِن تُصْلِحُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا" أي وإن تصلحوا أعمالكم فتعدلوا في قسمكم بين أزواجكم بالقدر الذي تستطيعونه، وتعاشرونهن بالمعروف وتراقبوا الله عز وجل فيهن وتتوبوا إلى الله عز وجل عما بدر منكم من ظلم لهن، يغفر لكم ما في قلوبكم.
وأضاف أن الآية الثانية بينت أنه إذا عجز الأزواج عن تحقيق العدل بين الزوجات، وعن إقامة حقوق الله عز وجل التي أوجبها على كلا الزوجين واستحال الصلح وساءت العشرة فإنه يجوز الفراق، وأن الله عز وجل واسع وحكيم في أفعاله وأحكامه.
وأشار دكتور طنطاوي إلى أن هاتين الآيتين الكريمتين قد بينتا أسس الحياة الزوجية السليمة، وقدمتا العلاج الشافي لأمراضها ؛ حيث أمرت الرجال أن يؤدوا إلي الزوجات حقوقهن وأن يعاشروهن بالمعروف، وأنه إذا دب الخلاف بين الزوجين أن يعالجاها بالتصالح والتسامح، وأن يعمل الزوج على تحقيق العدل بين الزوجات بالقدر المستطاع، فإن لم يستطيع الأزواج تحقيق العدل فإن الفراق مع الإحسان خير من المعاشرة السيئة.