مثل شم النسيم.. هل يجب أن يأتي المولد النبوي يوم اثنين؟
دقائق قليلة، وتبدأ ليلة الاحتفال بالمولد النبوي من مغرب اليوم الاثنين الموافق 18 أكتوبر، وحتى مغرب يوم الثلاثاء 19 أكتوبر، تحل ذكرى ميلاد الهادي البشير والذي توافق الثاني عشر من شهر ربيع الأول لعام 1443 هـ.
وقد شهدت مواقع التواصل الاجتماعي حالة من الجدل، أمس، وذلك بسبب ترويج البعض إلى أن اليوم هو ذكرى المولد النبوي؛ لأنه صلى الله عليه وسلم ولد يوم الاثنين، الامر الذي دفع دار الافتاء المصرية، لحسم هذا الجدل من خلال إصدار بيان نوهت خلاله إلى أن المولد النبوي الشريف غدا الثلاثاء 12 ربيع الأول وليس اليوم الاثنين، كما أوضحت الدار أن المولد النبوي الشريف إطلالة للرحمة الإلهية بالنسبة للتاريخ البشري جميعه؛ فلقد عَبَّر القرآن الكريم عن وجود النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- بأنه "رحمة للعالمين"، وهذه الرحمة لم تكن محدودة؛ فهي تشمل تربيةَ البشر وتزكيتهم وتعليمهم وهدايتهم نحو الصراط المستقيم وتقدمهم على صعيد حياتهم المادية والمعنوية، كما أنها لا تقتصر على أهل ذلك الزمان؛ بل تمتد على امتداد التاريخ بأسره ﴿وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ﴾ [الجمعة: 3].
موروث خاطئ
يعود الجدل الذي شهدته مواقع التواصل الاجتماعي ويتكرر كل عام في هذه المناسبة إلى الموروث الخاطيء لدى البعض بأن المولد النبوي لابد أن يأتي يوم اثنين كيوم مولده، كما هو الحال في عيد شم النسيم الذي يحتقل به دائماً يوم الاثنين من كل عام.
لماذا يأتي شم النسيم يوم الاثنين؟
من جانبه أوضح القس رفعت فكري رئيس مجلس الحوار بالكنيسة الإنجيلية بالقاهرة، سبب الاحتفال بشم النسيم يوم الاثنين من كل عام قائلاً،إنه منذ القديم وعيد شم النسيم يأتى فى يوم الإثنين التالى ليوم أحد القيامة.
وتابع: عيد شم النسيم هو عيد مصرى قديم، يحتفل به المصريون منذ حوالى ٢٧٠٠ سنة قبل الميلاد، يعنى عيد عمره أكتر من ٤٧٠٠ سنة، وكان أجدادنا المصريون يحتفلون به مع مطلع فصل الربيع.
و أضاف "فكري" أنه بعد انتشار المسيحية فى مصر خلال القرن الرابع الميلادى، واجه المصريون مشكلة فى الاحتفال بهذا العيد «شم النسيم»، إذ إنه كان يقع دائمًا داخل موسم الصوم الكبير المقدس الذى يسبق عيد القيامة المجيد، الذى يصومه عدد كبير جدًا من المسيحيين، وفترة الصوم تتميز بالنُسك الشديد والاختلاء والعبادة العميقة مع الامتناع طبعًا عن جميع الأطعمة التى من أصل حيوانى، فكانت هناك صعوبة خلال فترة الصوم فى الاحتفال بعيد الربيع، بما فيه من انطلاق ومرح وأفراح ومأكولات، لذلك رأى المصريون المسيحيون وقتها تأجيل الاحتفال بعيد الربيع «شم النسيم» إلى ما بعد فترة الصوم، واتفقوا على الاحتفال به فى اليوم التالى لعيد القيامة المجيد، الذى يأتى دائمًا يوم أحد، فيكون عيد «شم النسيم» يوم الإثنين التالى له، ومن وقتها يحتفل جميع المصريين بعيد «شم النسيم» بعد عيد القيامة.
مولد الرسول
ولد النبي صلى الله عليه وسلم فجرَ الإثنين الثَّاني عشر من ربيع الأول من عام الفيل في دارِ عقيل بن أبي طالب، سَبَقَت ولادة النبي -صلى الله عليه وسلم- رؤى لأمِّه آمنة بنت وهبٍ «كَانَتْ تُحَدِّثُ أَنَّهَا أُتِيَتْ فِي مَنَامِهَا لَمَّا حَمَلَتْ بِرَسُولِ الله -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقِيلَ لَهَا: إِنَّكِ حَمَلْتِ بِسَيِّدِ هَذِهِ الْأُمَّةِ، فَإِذَا وَقَعَ بِالْأَرْضِ قُولِي أُعِيذُهُ بِالْوَاحِدِ مِنْ شَرِّ كُلِّ حَاسِدٍ، ثُمَّ سَمِّيهِ مُحَمَّدًا».
التقويم الهجري
وعلى مر العصور والقرون الماضية لم يشترط أن تأتي ذكرى المولد النبوي يوم الاثنين في كل عام وذلك لأن التقويم الهجري يعتمد على قياس دورة القمر حول الأرض، بحيث يكتمل الشهر الهجري باكتمال دورة القمر. وذلك على عكس التقويم الميلادي/ الشمسي الذي يعتمد على دوران الأرض حول الشمس.
وتُقاس نهاية وبداية الشهر الهجري بناء على رؤية هلال الشهر الجديد، ما يجعل أيام الأشهر الهجرية غير محددة، على عكس التقويم الشمسي. وبناء عليه، يتباين عدد أيام الشهر الهجري ما بين 29 وثلاثين يوما.
وبسبب النقطة السابقة، تتقدم السنة الهجرية 11 يوما كل عام، مقارنة بالتقويم الشمسي، ما يجعل الشعائر والمناسبات الإسلامية تقع في فصول وأوقات مختلفة كل عام.
وبالتالي فإن تباين عدد أيام الشهر الهجري يؤدي بطبيعة الحال الي اختلاف الأيام رغم ثوابت التاريخ، كما هو الحال في ذكرى المولد النبوي.