عمل ترزى وقارئ للقرآن في بداية حياته .. سبب شهرة عبد الحليم حافظ .. حكايات كارم محمود
تحل اليوم ذكري ميلاد المطرب الراحل كارم محمود والذي ولد في مثل هذا اليوم من عام 1922، من أكثر المطربين الذين قدموا أغاني خالدة مازلنا نرددها حتي الآن، ومنها "أمانة عليك يا ليل طول، والنبي يا جميل حوش عني هواك، ونجح في أن يحتل مكانة متميزة بصوته الجميل الحاد، والمكانة الفنية المحترمة على مدى تاريخ طويل في الوسط الفني، وقد لقبه جمهوره بـ"الكروان الطيب" لمايتمتع به من حلاوة الصوت وهدوء طبعه ودماثة خلقه.
ولد كارم أبو رية محمود في 16 مارس 1922 بمدينة دمنهور بمحافظة البحيرة، وكان والده يعمل في التجارة، وأثناء التحاقه بالمدرسة الابتدائية، عمل ترزي، وكان قارئ للقرآن الكريم في بداية حياته لحلاوة صوته، ويقال أنه قد نقل حلاوة الصوت عن والده الشيخ أبو ريا قارئ القرآن.
ذهب كارم محمود في عام 1938 للقاهرة ليلتحق طالبا بالفرع المدرسي بمعهد الموسيقى العربية وحصل على الدبلوم عام 1944، وكان يرعاه فنيا آنذاك مصطفى بيك رضا رئيس المعهد ومستشار الإذاعة المصرية، وبناء على توصية المستشار رضا التحق بفرقة الأنغام الذهبية واشترك في تسجيل الأغاني الوطنية، ثم سجل أغنية محلاها الدنيا مع حياة محمد وهبي، كما أن كارم محمود تدرب على غناء التراث على يد معلمه محمد حسن الشجاعي رئيس قسم الموسيقى والغناء، وعمل أيضا في تلك الفترة مع الشيخ فؤاد محفوظ ودرويش الحريري وآخرين.
بعد نجاحه مع فرقة الأنغام الذهبية أعطته الإذاعة فرصة الغناء منفردا والتلحين أيضا وقد أسندت إليه البطولة الغنائية لأكثر البرامج الإذاعية شهرة في ذلك الوقت، ولمع صوته بين الأصوات الكبيرة التي كانت تتسيد الغناء في مصر تلك الأيام، فوجد مكانته بين محمد قنديل وإبراهيم حمودة ومحمد الكحلاوي وغيرهم من عمالقة الغناء العربي في تلك الفترة من الزمن، ونتيجة لذلك أصبح كارم محمود فنانا مطلوبا من الكبار فطلبته المطربة بديعة مصابني للغناء معها.
وشارك كارم أيضا في بطولة عدد من الأفلام أبرزها: "ملكة الجمال، شادية الوادي، ورد وشاه، عيني بترف، معلش يازهر، ليلة غرام، خبر أبيض"، وغيرها"، وأعتاد علي ابعاد حياته الشخصية عن الأضواء، وتزوج من خارج الوسط الفني وأنجب طفلين (ولد وبنت).
وكان غياب كارم محمود عن إحدي حفلاته سبب في ظهور العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ للساحة، ففي أحد الأيام كان يزور حليم صديقه كمال الطويل في الإذاعة فعرض عليه الطويل بحماس شديد العمل في "أوركسترا الإذاعة الجديد" كعازف على آلة "الأبوا" نظير 25 جنيهًا، عندئذ كاد حليم يحلق من السعادة، وقدم استقالته من التدريس حيث كان يعمل مدرسا في إحدي المدارس، والتحق بأوركسترا الإذاعة، حيث عزف مع كل مطربي مصر باستثناء "أم كلثوم وعبد الوهاب"، وكان يدندن طول الوقت ببعض أغنيات مطربه المفضل محمد عبد الوهاب، وكذلك بعض أغنيات أم كلثوم، حتى اشتهر صوته بين زملائه.
في أحد الأيام وأثناء استعداده للعزف وراء المطرب كارم محمود لحنه الجديد "يا سلام" تأليف المخرج حسن الإمام، وألحان عبد الحميد توفيق زكي، وقبل إذاعة اللحن على الهواء بعشر دقائق اعتذر كارم لظروف طارئة، جعلته لا يستطيع الوصول في موعده، وكان عبد الحليم يحفظ اللحن عن ظهر قلب، وحتى ينقذ توفيق الموقف طلب من عبد الحليم شبانة الذي كان معجبًا بصوته أن يترك آلة "الأبوا" ويغني اللحن الجديد الذي يقول مطلعه: "ياللي حبك في فؤادي شيء مالوش أبدًا مثيل أنت روحي بس لو قلبك يميل يا سلام يا سلام"، ونجح عبد الحليم في أداء اللحن، ولم يغضب المسئولون في الإذاعة خاصة "حافظ عبد الوهاب" مراقب الموسيقى والغناء لاستبدال المطرب بعازف الأبوا الذي لم تعتمده لجنة الاستماع، على العكس تحمس له، وفي أثناء ذلك كانت الإذاعية "ثريا نجم" تستمع إلى المطرب الجديد أثناء غنائه "يا سلام"، وأعجبت بصوته، وطلبت من عبد الحميد توفيق زكي أن يعطيه لحنه الجديد "بدلتي الزرقا" الذي كان من المقرر أن يغنيه محمد رشدي، وبالفعل غنى عبد الحليم "بدلتي الزرقا" لتكون هذه الأغنية أول مختارات إذاعية له.
توفي كارم محمود في لندن يوم الأحد 15 يناير عام 1995 عن عمر ناهز ال72، في وحدة العناية المركزة في مستشفى سانت ماري في لندن. وكانت آخر كلماته لأطبائه، قبل الجراحة: “الرجاء حماية الحبال الصوتية طوال الجراحة”.