أبر الأمة قلوباً.. هل يجوز تشبيه أشخاص بالصحابة؟

الموجز

تحتل صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم منزلة عظيمة، ومكانة رفيعة، وقد أثنى الله عليهم، ووصفهم بجميل السجايا ومحاسن الأخلاق، قَالَ تَعَالَى: (وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ)؛ لذلك يرغب كثير من الناس في الاقتداء بهم أو التشبه بصفات بعضهم للفوز برضى الله وجناته، ولكن ربما لا يعرف البعض حكم تشبيه الأشخاص بالصحابة وهو ما نوضحه فيما يلي:

ورد سؤال إلى موقع "الإسلام سؤال وجواب" يقول: هل يجوز أن أشبه أي شخص بصحابة الرسول عليه الصلاة والسلام؟

وأجابت لجنة الفتوى بالموقع قائلة، إن التشبه بالصحابة خيرٌ عظيم، ونعمة كبيرة، قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ "مَنْ كَانَ مِنْكُمْ مُتَأَسِّيًا فَلْيَتَأَسَّ بِأَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فَإِنَّهُمْ كَانُوا أَبَرَّ هَذِهِ الْأُمَّةِ قُلُوبًا وَأَعْمَقَهَا عِلْمًا وَأَقَلَّهَا تَكَلُّفًا وَأَقْوَمَهَا هَدْيًا وَأَحْسَنَهَا حَالًا، قَوْمًا اخْتَارَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى لِصُحْبَةِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَاعْرِفُوا لَهُمْ فَضْلَهُمْ وَاتَّبِعُوهُمْ فِي آثَارِهِمْ؛ فَإِنَّهُمْ كَانُوا عَلَى الْهُدَى الْمُسْتَقِيمِ"، وقال الحسن: "أولئك أصحاب محمد كانوا أبر هذه الأمة قلوبا، وأعمقها علما، وأقلها تكلفا، قوم اختارهم الله عز وجل لصحبة نبيه، وإقامة دينه، فتشبهوا بأخلاقهم وطرائقهم، فإنهم كانوا ورب الكعبة على الهدي المستقيم".

واستطردت: إن تشبيه شخص ما بأحد الصحابة، في شيء من أخلاقه، أو أعماله، أو صورته الخِلْقية: لا حرج فيه، ولا يظهر ما يمنع منه؛ لأنه تشبيه ببعض الوجوه دون بعض، فلو أنك شبهت إنسانًا بأنه شجاع كخالد، أو عالم كمعاذ، أو قوي كفلان من الصحابة، أو ذو صوت حسن كأبي موسى، فهذا جائز ولا بأس به.

بل لو حصل نحو من هذا التشبيه، مع من هو أجل وأعظم، وهو النبي صلى الله عليه وسلم: لم يمنع منه؛ إذا كان المراد به: التشبيه ببعض صفات النبي صلى الله عليه وسلم، وأعماله، وأخلاقه، في غير ما هو من خصائص النبوة وقد صدر مثل هذا عن كثير من الصحابة فعَنْ أَنَس بن مالك قَالَ: "لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ أَشْبَهَ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ" رواه البخاري، وقال عن الحسين بن علي: "كَانَ أَشْبَهَهُمْ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ". رواه البخاري.

قال ابن الجوزي: "وَكَانَ من التَّابِعين رجل يُقَال لَهُ كابس بن ربيعَة السَّامِي،... كَانَ يُشبههُ، فَبعث إِلَيْهِ مُعَاوِيَة فَقبل بَين عَيْنَيْهِ، وأقطعه قطيعة، وَكَانَ أنس بن مَالك إِذا رَآهُ بَكَى". انتهى من "كشف المشكل من حديث الصحيحين" وكذلك قد يكون التشبيه بالهدي والصفات، قَالَ حُذَيْفَةُ بن اليمان: "إِنَّ أَشْبَهَ النَّاسِ دَلًّا، وَسَمْتًا، وَهَدْيًا، بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَابْنُ أُمِّ عَبْدٍ" رواه البخاري .

تم نسخ الرابط