ننشر نص كلمة شيخ الأزهر خلال الاحتفال باليوم العالمي للأخوة الإنسانية

شيخ الأزهر
شيخ الأزهر

قال فضيلة الإمام الأكبر أ.د أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، إن الاحتفال اليوم بـ «وثيقة الأخوة الإنسانية» هو احتفاء بـ «حدث عالمي تاريخي»، ولد منذ عامين اثنين، ليبشر ببدء رسالة سلام يحملها عقلاء العالم إلى البشرية جمعاء، تدعو للتآخي والتعاون، ووقف الحروب، ونشر التسامح والوئام، ونبذ التعصب والكراهية، وسياسات القوة والاستعلاء.

ووجه شيخ الأزهر التحية إلى البابا فرنسيس، بابا الكنيسة الكاثوليكية، واصفًا إياه بالأخ الفاضل والصديق الدائم الشجاع على درب الأخوة والسلام، كما شكر البابا على رسالته العامة "كلنا إخوة" والتي مثلت معلما بارزا على طريق الأخوة والسلام، داعيًا فضيلته الجميع وبقلب مفتوح ويد ممدودة بالمودة والسلام إلى الانضمام لوثيقة الأخوة الإنسانية، والاصطفاف خلف ما تزخر به من مبادئ الأخوة والحرية والمساواة والعدل بين الناس، وكل القيم والأخلاق العالمية التي حفلت بها هذه الوثيقة.

إلى نص الكلمة:

بسم اللهِ الرحمنِ الرحيمِ

إخوتَنا في الإنسانيَّةِ في مَشارقِ الأرضِ ومَغاربِها!

السلامُ عليكم ورحمةُ الله وبركاتُه.. ويعد:

فإنَّ احتفالَنا اليومَ بوثيقتِكم: «وثيقةِ الأخوَّةِ الإنسانيَّةِ» - لهو احتفاءٌ بـ« حدثٍ عالميٍّ تاريخيٍّ»، وُلِدَ منذُ عامين اثنين، ليُبشِّرَ ببَدءِ رسالةِ سلامٍ يحملُها عُقلاءُ العالمِ إلى البشريةِ جمعاءَ، تدعو للتَّآخِي والتعاونِ، ووَقْفِ الحروبِ، ونشرِ التسامحِ والوئامِ، ونبذِ التعصُّبِ والكراهيةِ، وسياساتِ القوَّةِ والاستعلاءِ.

واسمحوا لي في البدايةِ أن أُوجِّهَ تحيَّةً ممزوجةً بالاحترامِ والإكبارِ لأخي الفاضلِ البابا فرنسيس، بابا الكنيسةِ الكاثوليكيةِ، والصديقِ الدائمِ الشُّجاعِ على دربِ الأخوَّة والسلامِ، وأشكره على رسالته العامة "كلنا إخوةٌ" والتي مثَّلَتْ مَعلَمًا بارزًا على طريقِ الأخوَّةِ والسَّلام.

وإنَّني إذ أُبدي سعادتي بهذا الاحتفاءِ، فإنَّني أدعو الجميع - وبقَلبٍ مفتوحٍ ويَدٍ ممدودةٍ بالمودَّةِ والسلامِ - إلى الانضمامِ لوثيقةِ الأخوَّةِ الإنسانيَّةِ، والاصطفافِ خَلْفَ ما تَزخَرُ به من مبادئِ الأخوَّةِ والحريَّةِ والمساواةِ والعدلِ بينَ الناسِ، وكلِّ القِيَمِ والأخلاقِ العالمية التي حَفَلَتْ بها هذه الوثيقة.

هذا.. وإنَّ تبنِّيَ الجمعيَّةِ العامَّةِ للأُمَمِ المتحدةِ، بإجماعِ أعضائِها، إعلانَ الرابعِ من شهرِ "فبرايرَ" من كلِّ عامٍ "يومًا دوليًّا للأخوة الإنسانية" - لهو دعمٌ عالميٌّ لكلِّ الجهودِ المخلصةِ التي تَسعَى لنشرِ ثقافةِ التعايشِ والإخاءِ، ومُكافحةِ التميُّزِ والعنصريَّةِ والكراهيةِ، بل هو انتصارٌ لكرامةِ الإنسان، أيًّا كان دينُه، وكائنًا ما كان جنسُه أو لونُه أو موقعُه.

وإني ليَحدُوني الأملُ في أن يُمثِّلُ يومُ "الرابعِ من فبرايرَ" من كلِّ عامٍ - جَرسَ إنذارٍ وتنبيهٍ، يُوقِظُ العالمَ ويُنبِّهُ قادتَه، ويَلفِتُ أنظارَهم إلى ضرورةِ ترسيخِ مبادئِ الأخوَّةِ الإنسانيَّةِ.

ولا يُخامِرُنا أدنى شكٍّ في أنَّ هذه الوثيقةَ تحتاجُ لتحقيقِها وتنزيلِها على واقعِ الناسِ - إلى إرادةٍ صادقةٍ، وعزيمةٍ صلبةٍ، وإيمانٍ راسخٍ بأنَّ الناسَ جميعَهم إخوةٌ، ومن حقِّهم أن يَعيشوا في سلامٍ وأمان، وأنَّ ما بينَهم من اختلافٍ وتنوُّعٍ إنَّما هو سُنَّةُ اللهِ في خلقِه وعِبادِه.

وإنَّني لمُلتزِمٌ - إن شاء اللهُ - فيما تبقَّى لي من حياةٍ في هذه الدُّنيا - بمُواصلةِ العملِ مع أخي البابا فرنسيس، ومع إخوتي: علماءِ الأديانِ ورُموزِها، بل مع كلِّ مُحبِّي الخيرِ والسلام،ِ لأنْ نَجْعَلَ من مبادئِ الأخوَّةِ الإنسانيَّةِ وأهدافِها واقعًا ملموسًا يعيشُه الكبيرُ والصغيرُ في العالم أجمع.

واليومَ – أيُّها الإخوةُ في كلِّ مكانٍ! - تأتي "جائزةُ زايدٍ للأخوَّةِ الإنسانيَّةِ" كمبادرةٍ عالميةٍ من أجلِ تحقيقِ أهدافِ الوثيقةِ، تحملُ اسمَ هذا القائدِ العربيِّ الذي لم يكتفِ بتأسيسِ دولةٍ عصريَّةٍ فحسب، بل أسَّس معها نهجًا مُميَّزًا للتعايش، ونُموذجًا للتعدُّديَّةِ والتسامحِ.

وبهذه المناسبةِ أودُّ أن أُعبِّرَ عن تقديري البالغِ للأخِ الكريمِ الشيخِ محمد بن زايد - الذي يُواصِلُ مسيرةَ والدِه الخيِّرةَ - على رعايتِه لهذه الوثيقةِ، ودعمِه بكلِّ صدقٍ وإخلاصٍ لمبادراتِ ترسيخِها وتأصيلِها ونشرِها في العالم أجمع.

وأخيرًا.. أُحيِّي أبنائي وإخوتي أعضاءَ اللجنةِ العُليا للأخوَّةِ الإنسانيَّةِ، الذين يُواصِلُون الليلَ بالنهارِ في العملِ من أجلِ تطبيقِ أهدافِ تلك الوثيقةِ الساميةِ، ويُطلقونَ من أجلِها العديدَ من المبادراتِ التي تَتَخطَّى حواجزَ الاختلافاتِ والحدودِ والفوارقِ، رُغْمَ ما يُواجِهُه العالم من جائحةِ الكورونا وتداعياتِها.. وإنِّي لأُشجِّعُهم وأشدُّ على أيديهم وأدعوهم لمواصلةِ هذه الجهودِ الخيِّرةِ مع كلِّ الشُّركاءِ لتحقيقِ هذا الهدف النبيل.. وكُلِّي أملٌ في أن يكونوا دائمًا - وبمشيئة الله - بارقةَ أملٍ ومصدرَ إلهامٍ دائمٍ لكل من يسير في هذا الطريق الصعب.. مع تقديمِ وافرِ شُكري وتقديري لكلِّ مَن يدعمُهم ويُيسِّرُ مهمتَهم من أجلِ خدمةِ الإنسانيَّةِ ورقيِّها.

شُكرًا لكم..

والسلامُ عليكُم ورحمةُ الله وبركاتُه

تم نسخ الرابط