خالف الزعيم من أجل الفن.. تزوج مرتين ووصل للعالمية.. عمل مترجمًا وأصيب بالعمي.. حكايات حسن البارودي
حسن البارودي فنان من طراز خاص تميز بنبرة صوت مميزة تستطيع أن تميزها من بين ألف صوت، فلا يستطيع أحد أن ينسي المشهد الشهير الذى قال فيه: "قناوى يابنى.. البس بدلة الفرح.. هاجوزك هنومة»، ومثل قمة النفاق في فيلم"الزوجة الثانية" مع الفنان شكري سرحان والفنانة سعاد حسنى عندما قال لزوجها المطحون فى العمل أبو العلا، محاولا إقناعه بتطليق زوجته ليتزوجها العمدة قائلا :"ماتعصلجش ياابوالعلا، إنطاع ياابنى، ده احنا غلابة، والله لما ندن على مدنى ماحدش هيسمعنا،الأكابر بس اللى بيتسمع كلامهم.. بيأمروا واحنا اللى ننفذ..واطيعوا الله واطيعوا الرسول وأولى الأمر منكم"
ويحل هذا الشهر زكري ميلاده ووفاته حيث أنه ولد فى 21 يناير من عام 1890 ، وتوفي فى 18 يناير من عام 1974، عن عمر يناهز 83 بعدما ترك فى الفن بصمة لا تنسي على الرغم من أنه لم ينال أدوار بطولة مطلقة أبدًا، ولد في حى الحلمية بالقاهرة وكان والده يعمل مترجمًا لذلك كان يتقن اللغة الإنجليزية إتقانًا شديدًا إلى جانب إتقانه للغة العربية حيث تعلم فى مدرسة الأمريكان، وموهبته الفنية ظهرت عليه من الطفولة، وخلال إحدى الأيام ذهب البارودي إلي المدرسة كأي يوم عادي لكنه تفاجئ بعدما اختاره معلم اللغة العربية ليلقى كلمة أمام سعد زغلول وبعدما أنتهى من الخطبة ناداه سعد باشا، وقال له صوتك حسن مثل اسمك ومؤثر وقوى ومقنع، ولو عملت محاميًا ستكون بارعًا وستكسب القضايا من أول مرة، ورغم سعادته بهذه الكلمات إلا أن حلم التمثيل ظل يراوده ولم يفكر فى غيره.
بعد تخرجه من الجامعة قرر أن يعمل مترجمًا مثل والده ولكنه لم يكمل فى هذا المجال، وفي عام 1920 ألتحق بفرقة حافظ نجيب، ثم شارك في فرقة فاطمة رشدى وجورج أبيض، وفى عام 1923 تقدم للعمل بفرقة رمسيس التى كونها يوسف وهبى مع عزيز عيد، وعمل كملقن لإكتمال عدد أفراد الفرقة، فوافق على أمل أن تأتيه فرصة للتمثيل، وكان يترجم مسرحيات يوسف وهبى وتحقق حلمه فى التمثيل عندما غاب استيفان روستى عن مسرحية "غادة الكاميليا"، فأُسند له يوسف وهبى الدور وأداه بنجاح كبير، ومن يومها تألق وذاع اسمه.
قدم الفنان حسن البارودي العديد من المسرحيات يذكر منها الجمهور تلك التي عرضت علي شاشات التلفزيون مثل "سكة السلامة" و"السبنسة" أما مشواره السينمائي فقد بدأه في عام 1934 بدوره في فيلم "ابن الشعب" ثم في عام 1941 قدم "عاصفة على الريف"، توالت بعد ذلك أدواره في الأربعينات مثل أدواره في أفلام "علي بابا والأربعين حرامي" و"بنت ذوات" و"أولاد الفقراء" و"العامل" و"كرسي الاعتراف"، و"الافكاتو مديحة" و"بلال مؤذن الرسول" و"حلاق بغداد" و"درب المهابيل" و"لحن الوفاء" و"إسماعيل ياسين في البوليس" و"الفتوه" و"باب الحديد"، "باب الحديد"، "الزوجة الثانية"، "حسن ونعيمة"، "جعلونى مجرمًا"، "هجرة الرسول".
واستمر عطاء حسن البارودي في الستينيات ليقدم "زقاق المدق" و"أمير الدهاء" و"الطريق" إلي أن قدم في عام 1973 آخر أدواره في فيلم "العصفور" قبل أن توافيه المنية في عام 1974.
جاء الممثل شارلتون هيستون فى فترة الخمسينات ليبحث عن ممثل عربى بمواصفات خاصة للمشاركة فى فيلم الخرطوم" فشاهد عدد من الأفلام العربية ووقع اختياره على البارودى وتفاجئ بأنه يتقن اللغة الإنجليزية، ثم شارك البارودى وفى فيلمين آخرين هما فيلم "ثلاث قصص مصرية"، والفيلم الألمانى "روميل يغزو القاهرة"، وقال عنه المخرج الأمريكى جورج راتوف إن صوته يساوى مليون جنيه، وعندما سألوا أم كلثوم عن أكثر صوت يعجبها من الممثلين قالت: "حسن البارودى يغنى على المسرح بصوته وتعبيراته".
تزوج البارودي مرتين، الأولى من الفنانة رفيعة الشال وله منها ابنة، ثم تزوج مرة أخرى من خارج الوسط الفنى وأنجب ثلاثة أولاد.
حصل علي وسام الفنون سنة 1959، و جائزة الدولة التشجيعية في العلوم والفنون من الطبقة الأولى، وقال نجل البارودي، في إحدي اللقاءات أن نهاية والده كانت عندما تسلم خطاب عام 1965 يفيد بإحالته إلى المعاش، ولكن ذلك لم يكن مرضي له، لأنه كان يرى نفسه مازال قادراً على العطاء رغم بلوغه سن المعاش، وحاول العودة للعمل لكن لم يستجب لشكواه أحد، فأعتكف في منزله وأصيب العمى حتى وفاته في 18يناير عام 1974.