سكان الدلتا ممنوعون من تناول سمك البلطي لهذا السبب
نشرت مجلة european chemical bulletin العالمية بحثا للباحثة المصرية ياسمين محمد فتحي فرج، حصلت به على درجة الماجيستير في الكيمياء الحيوية، تحت عنوان «كيميوحيوية على سمكة البلطى النيلي وعلاقتها بمعايير جودة المياه في مصرف الرهاوي على فرع رشيد بنهر النيل في مصر»، والذي تناولت فيه الباحثة أخذ عينات المياه والسمك عند منطقة القناطر الخيرية غير الملوثة، ومنطقة قريبة من مصرف الرهاوي تتسم بالتلوث، بغرض تعيين الخصائص الفزيوكيميائية للمياه وقياس بعض العناصر الثقيلة في عينات المياه والسمك (Fe، Zn، Cu، Pb، Mn and Cd).
وتوصلت نتيجة البحث لوجود درجة خطورة كبيرة به على صحة الإنسان، حال الإكثار من تناول عيناته الموجودة عند منطقة القطا ومصرف الرهاوي، على خلاف نظيرتها الأجود بمنطقة القناطر الخيرية، محذرا من تجمعات المواد الصلبة وتأثيراتها على طبيعة الأسماك في نيل مصر.
وأظهرت النتائج تغيرات في مؤشرات الخصائص الفزيوكيميائية التي كان لها تأثيرات سلبية على جودة المياه، وثمة تغيرات أخرى في تركيز العناصر الثقيلة في المياه والأسماك في المناطق الملوثة التي تمت دراستها.
واستخدمت الباحثة طريقة التفريد الكهربي لبعض البروتينات في كبد الأسماك وعضلاتها كمؤشرات حيوية لتلوث المياه، وتبين أن مؤشر الخطورة وكذا معامل الخطورة لعينات أسماك القناطر كان أقل من المسموح بهما، بينما كانا أكثر بكثير من المسموح به بالنسبة لعينات أسماك منطقة القطا، وعليه فإن خطورة تراكم العناصر الثقيلة هو بمثابة علامة تحذير خاصة عند ارتفاع معدلات استهلاك الأسماك في هذه المنطقة، بحسب البحث الذي أشرف عليه وناقشه الدكتور إسماعيل عبدالشافي عبدالحميد، والدكتورة ماجدة فكري محمود والدكتور نصر أحمد محمد.
وكشفت نتائج تحاليل السمك البلطى النيلي عن ارتفاع نسبة تراكم المعادن الثقيلة في عضلات أسماك المحطات الملوثة «الحديد والزنك والمنجنيز والنحاس والرصاص والكادميوم» على الترتيب، مع تركيز للنحاس والمنجنيز والكادميوم في الحدود المسموح بها، بينما كان تركيز الحديد، والرصاص والزنك أعلى من الحدود المسموح بها.
وتمت دراسة المكونات الأساسية لدم أسماك البلطي المأخوذة من منطقتي القناطر الخيرية والرهاوي بعد المصرف، ووجد أن مستويات هذه المكونات في منطقة مصرف الرهاوي أعلى بكثير منها بمنطقة القناطر الخيرية، ما يؤكد تأثير ملوثات مصرف الرهاوي على البيئة المائية بالمنطقة.
وكشفت الباحثة عن أن زيادة نسبة سكر دم أسماك البلطي يرجع إلى زيادة الأمونيا والعناصر الثقيلة وانخفاض الأكسيجين الذائب، فيما تسببت الملوثات والسموم الموجودة في مصرف الرهاوى في انخفاض مستوى البروتين الكلي بالدم.
كما تراجعت قيمة الألبيومين والجلوبيولين في الدم بشكل ملحوظ في عينات السمك المأخوذة من منطقة الرهاوي بسبب وجود الملوثات والسموم المختلفة التي أثرت بشكل سلبي على الكبد والكلى، حيث تراوحت نسبة الألبيومين الكلي بين 0.45 جرام/ ديسيلتر خلال موسم الشتاء عند منطقة مصرف الرهاوي بعد المصرف و1.95 جرام/ديسيلتر خلال موسم الصيف عند منطقة القناطر الخيرية، كما تراوحت قيمة الجلوبيولين بين 1.65 إلى 1.95 خلال موسم الشتاء والصيف عند منطقتي الرهاوي والقناطر الخيرية على الترتيب.
أما إنزيم أسبرتيت الناقل للأمين AST: فتراوح نشاطه من 64 إلى 388 وحدة دولية /مل خلال موسمى الصيف والشتاء في منطقة القناطر الخيرية والرهاوى على الترتيب، تلاه إنزيم جلوتاميت الناقل للأمين ALT، وتراوح مستواه من 64.5 إلى 152.75 وحدة دولية /ملفى موسمى الصيف والشتاء في منطقة القناطر الخيرية والرهاوى على الترتيب.
وأرجعت الباحثة زيادة نشاط هذين الإنزيمين إلى تحطم خلايا الكبد وربما زيادة الأكسيجين المستهلك حيويا والأمونيا والنيتريت والنترات، وكذلك العناصر الثقيلة في مياه نهر النيل بسبب مياه الصرف الصحي من مصرف الرهاوي.
أما حامض اليوريك فتراوحت قيمته في الدم بين 3.075 إلى 7.9325 ملليجرام/ ديسيلتر خلال موسمى الصيف والشتاء عند منطقتى القناطر الخيرية والرهاوى بعد المصرف على الترتيب، وترجع زيادة نسبته في الدم إلى تلف خلايا الكبد بسبب ارتفاع نسبة المعادن الثقيلة في المياه.
وأكد البحث أنه بتطبيق معامل ومؤشر الخطورة على تركيزات العناصر الثقيلة التي تم تقديرها في منطقة القناطر الخيرية كانت 0.4873، وبالتالي يكون في الحدود المسموح بها حيث إنه لم يتجاوز درجة الخطورة وهي أكبر من الواحد الصحيح؛ وبالتالي يشير هذا إلى عدم وجود خطورة في الاستهلاك الآدمي لأسماك القناطر الخيرية، بينما معامل الخطورة في منطقة القطا كان 1.5869 وبالتالي فقد تجاوز الحدود المسموح بها، وعلى هذا توجد خطورة وعلامة إنذار بالخطر خاصة عند الاستهلاك الآدمي لأسماك هذه المنطقة بكميات مرتفعة.
وأوصت الباحثة بضرورة معالجة مياه الصرف الصحي قبل إلقائها في مياه نهر النيل ووضع إجراءات وقوانين تحمي الإنسان والأسماك من خطورة تأثير التلوث، وتحويل مسار مصرف الرهاوي بعيدا عن مجرى نهر النيل والاستفادة من هذه المياه بعد معالجتها في الزراعة، ومنع صرف مياه الصرف الصحى وإلقاء أجسام الحيوانات الميتة في نهر النيل.
كما أوصت برعاية الأنواع الخاصة من الطحالب ذات القدرة على امتصاص العناصر الثقيلة، ونشر الوعى بخطورة الملوثات المائية، وإجراء المزيد من الدراسات العلمية عن الملوثات وأضرارها، وقيام الوزارات المختصة بعمل تحاليل دورية لعينات المياه والأسماك المختلفة للتأكد من خلوها من الأمراض الناتجة عن التلوث، مع إدخال البعد البيئى في تخطيط المشروعات الصناعية والسياحية والسكانية لحماية مصادر المياه والمصايد من التلوث.