خنجر الجزيرة .. لماذا يتعمد تميم الانتقام من محمد بن زايد رغم المصالحة الخليجية

تميم وبن زايد
تميم وبن زايد

كشفت مصادر سياسية خليجية إن استمرار قناة الجزيرة القطرية في مهاجمة الإمارات ودورها في اليمن على وجه التحديد، يؤكد أن قطر تدير ظهرها لمقررات قمة العلا، وتعزز التكهنات حول فشل الدوحة في تغيير سلوكها إزاء ملفات الخلاف الرئيسية، وفي مقدمتها الملف اليمني الذي وصفته المصادر بأنه الاختبار الأصعب الذي يثبت جدية الدوحة في المصالحة الخليجية.

واعتبرت المصادر حسبما نشرت جريدة ر الأوبزرفر أن الاستهداف المستمر لدولة الإمارات، مؤشر على أجندة الدوحة في التعامل مع دول المقاطعة الأربع، وفقا لمعايير مختلفة، وبعيدا عن الالتزامات التي تعهدت بها قطر تجاه إجراءات بناء الثقة في اتفاق المصالحة.

واستغرب المتابعون والسياسيون إعادة الجزيرة بث تقريرها الذي يشوه دور الإمارات في دعم قوات المقاومة المشتركة في الساحل الغربي لليمن ومحاولة إظهار هذا الدور، الذي ينضوي تحت لواء التحالف العربي بقيادة السعودية لمواجهة المشروع الإيراني، بأنه ينطوي على أهداف خفية.

ويعكس بث قناة الجزيرة هذا البرنامج على حساباتها في مواقع التواصل الاجتماعي، ثم حذفه، ثم إعادة بثه مجددا، حالة ارتباك في منظومة قطر الإعلامية وعدم استيعابها التحولات الجديدة التي فرضتها المصالحة الخليجية.

وتساءل متابعون للشأن الخليجي عن إمكانية التزام الدوحة بجوهر المصالحة في وقت لا يبدو أنها عازمة على تنفيذ البند الأول الذي يتطلب منها وقف التحريض في قنواتها الإعلامية مثل الجزيرة التي لم يتوقف بعض العاملين فيها عن الإساءة إلى قادة دول المقاطعة الأربع حتى أثناء تواجد أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني في قمة العلا بالسعودية.

غير أنهم لم يستبعدوا أن يكون هذا التصعيد الإعلامي مقصودا بهدف إيصال رسالة مفادها أن الدوحة غير ملتزمة بتغيير خطابها الإعلامي تجاه دول المقاطعة.

وقال الباحث السياسي الكويتي ورئيس المنتدى الخليجي للأمن والسلام فهد الشليمي، تعليقا على استمرار الإعلام القطري في مهاجمة الإمارات، إلى ما أسماه “السقطة الكبيرة لقناة الجزيرة بعد يوم واحد فقط من نجاح القمة الخليجية الـ41 في العلا”.

ونشر الشليمي تغريدة على تويتر إن “قناة الجزيرة تخالف بيان العلا وبيان مجلس التعاون الخليجي عبر معلومات مغلوطة ومسمومة”، وأن “قناة الإعلام (…) المستورد تهاجم الدور الإماراتي في تحرير المحافظات الجنوبية في اليمن”.

بدوره قال الإعلامي جمال الحربي: “كنا نأمل أن يجف حبر اتفاق العلا قبل أن تُسلط قطر أذرعها الإعلامية علينا! برأيكم هل هذا سلوك دولة تريد الصلح؟”.

وفيما توقفت آلة قطر الإعلامية عن مهاجمة السعودية بعد الحفاوة التي لقيها الشيخ تميم بن حمد آل ثاني من ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في القمة، استمر الخطاب الإعلامي القطري في بث مواد تستهدف مصر والإمارات.

ولم تستبعد مصادر خليجية أن تعمل الدوحة خلال الفترة القادمة على ممارسة دور مزدوج قائم على التقرب من الرياض وتحييد القاهرة وتجاهل المنامة وخوض مواجهة منفردة مع أبوظبي، في سياسة تهدف في المقام الأول إلى تفكيك التحالف الرباعي الذي استطاع محاصرة أنشطتها التخريبية في المنطقة.

وتسعى الدوحة للظهور بصورة المنتصر في معركتها مع دول المقاطعة الأربع، في ظل غياب أي معلومات عن طبيعة الالتزامات التي تعهدت بها. ونفى مسؤولون قطريون أن يكون من بين هذه الالتزامات إغلاق قناة الجزيرة أو وجود أي تحول في علاقتها مع تركيا وإيران.

وقال الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، وزير خارجية قطر، في مقابلة مع صحيفة فاينانشال تايمز البريطانية إن بلاده لن تغير علاقاتها مع إيران وتركيا، وإنها لم تقدم تنازلات لأحد.

وأكد أنه لن يكون هناك تغيير في ما يتعلق بقناة الجزيرة، ما يوحي بأن قطر تريد أن تأخذ من نتائج القمة المكاسب فقط، وأنها لن تضع أي ضوابط أو ضمانات لتبريد الخلافات مع الدول المعنية.

واعتبرت مصادر سياسية أن الأيام القليلة القادمة ستظهر مدى التزام قطر باستحقاقات المصالحة، وجديتها في وقف التصعيد السياسي والإعلامي وتجميد دعمها المباشر وغير المباشر للجماعات الراديكالية مثل الإخوان المسلمين والميليشيات الحوثية في اليمن.

وتعاملت الدوحة طوال السنوات الماضية مع الملف اليمني بشكل منفرد بعيدا عن رؤية مجلس التعاون الخليجي، بدءا من الوساطة القطرية بين الحكومة والحوثيين في عام 2007، وما رافق ذلك من حديث حول تورطها في دعم الحوثيين ماليا ولوجستيا وإعلاميا.

وانسحبت قطر من المبادرة الخليجية التي تم بموجبها انتقال السلطة في اليمن من الرئيس السابق علي عبد الله صالح إلى الرئيس عبد ربه منصور هادي في ظل معلومات عن دعمها آنذاك لاستمرار الاحتجاجات التي كانت تهدد بنشوب حرب أهلية.

وتصاعد الدور القطري في اليمن بعد إنهاء مشاركة الدوحة في التحالف في 2017، حيث عملت وفقا لمراقبين يمنيين على خلق حالة انقسام في بنية الشرعية، وتحويل بوصلة الصراع باتجاه مكونات أخرى مناهضة للحوثيين، كما دعمت تأسيس ميليشيات تابعة لجماعة الإخونجية، إضافة إلى دورها في دعم الحوثيين سياسيا وماليا وإعلاميا ولوجستيا.

تم نسخ الرابط