رئيس جامعة القاهرة يكشف خطورة الخطاب الديني المنغلق ودعمه للإرهاب والتنظيمات المتطرفة

الموجز

ألقى الدكتور محمد عثمان الخشت رئيس جامعة القاهرة، محاضرة بكلية القادة والأركان، بعنوان: "تطوير البحث العلمي في دراسة ظاهرة التطرف الإرهابي"، بحضور اللواء أركان حرب طارق علي حافظ مدير كلية القادة والأركان، و 400 ضابط من 12 دولة عربية وأجنبية ضمن الدورة (70 أركان حرب عام) وفي إطار حرص كلية القادة والأركان على عقد لقاءات دورية للضباط مع قادة الفكر والثقافة بهدف نقل الخبرات واكتساب المهارات.

وقبل بدء المحاضرة عرضت الكلية للتاريخ العلمي للدكتور الخشت عبر اربعة عقود واسهاماته في البحث العلمي في علوم الدين وتحقيق التراث ومعالم مشروعه التجديدي في الخطاب الديني والتأسيس الفلسفي لمفهوم الدولة الوطنية.

وتحدث الدكتور محمد الخشت، مع ضباط كلية القادة والأركان، في عدة موضوعات أبرزها: مفهوم الدولة الوطنية وأهميته، الجيش الوطني ودوره في الحفاظ على استقرار الدولة الوطنية وحماية مواطنيها، الخطاب الديني الجديد وترسيخه لمفهوم الدولة الوطنية، وخطورة الخطاب الديني التقليدي في دعم الإرهاب والتنظيمات المتطرفة التي تعتمد على أحادية الصواب وترفض التعددية، وتؤمن بالحقيقة المطلقة ولاتميز بين المتن المقدس والمتون البشرية.

وقال الدكتور الخشت، إننا في حاجة إلى بذل الجهد في عملية تأسيس خطاب ديني جديد، مؤكدًا أن الخطاب الديني ليس هو الدين نفسه، بل هو ما يقوله البشر عن الدين، لأن الناس علمها متغير ومتجدد.. ويجب تجديد فهمهم للدين.

وحذر الدكتور محمد الخشت من الاقتراب من ثوابت الوحي عند تجديد أمر الدين، مبينا أن عملية التغيير لن تتم بتنقية الكتب من العبارات المتطرفة، بل بطرح كتابات جديدة تجمع بين العناصر الايجابية من القديم والعناصر المستجدة في مركب جديد يقوم على الوحي الخالص والعقل النقدي، وأن التجديد الذي يدعو إليه يقوم على تأسيس مرجعية جديدة من الوحي وحده وعلوم دين جديدة تراعي المكتسبات المعرفية الحديثة ودون اقتراب من ثوابت الوحي.

وشدد الدكتور الخشت، على أننا نحتاج إلى أفكار جديدة تتحدث عن تعددية الصواب خاصة وأن الصواب ليس شيئًا واحدًا وانما متعدد، مؤكدًا أن ذلك يتطلب تطوير علوم الدين وليس احيائها، قائلاً: "إذا تم ضبط طريقة التفكير سيكون كل شىء منضبطا من حولك".

وأكد الدكتور الخشت، أن علوم الدين مثل علم أصول الفقه وعلم الفقه وعلم التفسير هي علوم بشرية أسسها علماء عظماء كانوا قد احتكوا بثقافات أخرى، ولابد عند تطويرها أن يكون هناك احتكاك بالحقول المعرفية الأخرى وبعضها البعض حتى نكون قادرين على التجديد من الداخل، مشيرًا إلى أن الأنبياء أنفسهم احتكوا بثقافات أخرى وتفاعلوا معها.

وركز الدكتور الخشت، خلال المحاضرة، على بيان مفهوم الدولة الوطنية، مؤكدًا أن الدولة الوطنية حتمية تاريخية، وهي أرفع وأرقى أشكال الدولة والنظم السياسية عبر التاريخ، مشيرًا إلى أن الدولة الوطنية جاءت كتطور تاريخي بعد عصر الإمبراطوريات، وعصر الخلافة، وعصر الدولة القومية، قائلًا: الآن يعيش العالم في عصر الدولة الوطنية.

وأوضح رئيس جامعة القاهرة، أن الدولة الوطنية هي النظام الأفضل للحفاظ على الهوية الوطنية لكل مواطنيها، وعلى إيجاد صيغة سياسية وأمنية واقتصادية واجتماعية لمجموعة من الأفراد لهم هوية مشتركة وينتمون إلى اقليم وتكوين له حدود سياسية وجغرافية وفي جوانب مشتركة.

وأشار إلى أهمية الدولة الوطنية، في مواجهة جائحة فيروس كورونا المستجد، وإدارة الدول الوطنية للأزمة، ولجوء المواطنين إلى دولهم وإدراك أهميتها وإظهار مشاعر الولاء والإنتماء.

وبين الدكتور الخشت، أن الدولة الوطنية لا يمكن أن يكون لها وجود بدون جيش وطني قوي؛ يحافظ على أمنها وحدودها واستقرارها، ويحمي مواطنيها من أعداء الداخل والخارج، مؤكدًا أن الجيش المصري جيش وطني صامد يعمل وفقًا لعقيدة راسخة، وبدعم من الشعب المصري الواعي بأهمية الجيش الذي يقف دائمًا مع الشعب في كل المواقف والأزمات عبر التاريخ، وقادر على السيطرة على حدوده دولته.

وتطرق الدكتور الخشت، في محاضرته، إلى العلاقة بين مفهوم الدولة الوطنية والخطاب الديني الجديد، موضحًا أن الخطاب الديني التقليدي يكرس لغير الوطن، على عكس الخطاب الديني الجديد الذي يؤكد على مفهوم الوطن والدولة الوطنية التي تقوم على المصالح المشتركة وأمن أفرادها.

وفي ختام المحاضرة، تم فتح باب الأسئلة والنقاش من الضباط حول ما طرحه رئيس جامعة القاهرة من مفاهيم وأفكار وآليات لدعم الدولة الوطنية والجيش الوطني والمشاركة في عملية تجديد الخطاب الديني، ومشروعات الجامعة في تنفيذ هذه الأفكار وتوعية الطلاب وتعزيز مشاعر الولاء والانتماء للدولة الوطنية.

و أهدى اللواء أركان حرب طارق علي حافظ مدير كلية القادة والأركان، درع الكلية، للدكتور محمد عثمان الخشت رئيس جامعة القاهرة على مشاركته في نقل أفكاره وخبراته إلى ضباط الكلية المشاركين في الدورة (70 أركان حرب عام).

تم نسخ الرابط