خلال مشاركته بمنتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة بالإمارات .. الخشت يدعو للبحث عن أخلاق تقوم على الحد الأدنى المشترك من القيم الإنسانية
ترأس الدكتور محمد عثمان الخشت أستاذ فلسفة الدين والمذاهب الحديثة والمعاصرة ورئيس جامعة القاهرة، جلسة بعنوان "العولمة والدولة الوطنية" ضمن فعاليات الملتقى السابع لمنتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة "قيم عالم ما بعد كورونا .. التضامن وروح رُكاب السفينة"، والذي عقد بدولة الإمارات عبر تقنية الفيديو كونفرانس، خلال الفترة من 7 وحتى 9 ديسمبر 2020، تحت رعاية الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي بالإمارات، ورئاسة الشيخ عبدالله بن بيه رئيس منتدى تعزيز السلم ورئيس مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي، وبمشاركة وزراء وممثلي حكومات ومنظمات دولية وشخصيات رفيعة المستوى ومئات المفكرين والأكاديميين والباحثين وعلماء الدين وممثلي منظمات المجتمع المدني والشباب.
وناقشت جلسة "العولمة والدولة الوطنية" التي ترأسها الدكتور محمد عثمان الخشت، 3 موضوعات هي: مفارقات العولمة والحاجة إلى التعاون الدولي، والأزمة الاقتصادية وأخلاقيات التضامن، وأهمية الدولة الوطنية وسبل تعزيز مكانتها، وشارك في موضوعات الجلسة كلٌ من: السفير تركي بن عبدالله الدخيل سفير السعودية لدى دولة الإمارات، وروبرت ويكسلر رئيس مركز إس ۔ دانیال آبراهام للسلام في الشرق الأوسط، الولايات المتحدة الأمريكية، ورحمن شيشتي عضو مجلس النواب بالمملكة المتحدة، والدكتور حسن أوريد أستاذ جامعي للعلوم السياسية بالمغرب، والدكتور ياسر قنصوه أستاذ الفلسفة بجامعة طنطا، والكاتب الهندي رامي صديقي مؤلف کتاب وجه الإسلام، وجيرالد أربويت مؤرخ وباحث ومحاضر في عدة جامعات فرنسية.
وفي بداية كلمته، أكد الدكتور محمد الخشت، على ضرورة التوافق حول رؤية قيمية تستلهم المشتركات الدينية والإنسانية من أجل عالم أفضل لجميع البشر يمكن معه إيقاف تلك الآلة الجبارة التي تحركها قيم الاستهلاك والتنافس المحموم على الربح السريع؛ في ظل عولمة تحكمها قيم الغاب أكثر مما تحكمها قيم وأخلاق التقدم.
وقال الدكتور محمد الخشت، إن أزمة كوفيد 19 ليست مجرد أزمة صحية عابرة، بل هي امتحان صعب للإنسانية كلها، كشفت عن انحدار قطاعات كبيرة منها إلى الانتهازية وصراع المصالح وقيم الاستهلاك والربح، وازدياد الهوة بين الأغنياء والفقراء، وهو الأمر الذي يعكس أزمتنا مع الحداثة.
ودعا الدكتور الخشت، إلى ضرورة البحث من جديد عن أخلاق للتقدم تقوم على الحد الأدنى المشترك من القيم الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والدولية، حتى تكون أقرب إلى قيم الإنصاف والعدالة، وقيم التضامن والرحمة، وقيم الأخوة الإنسانية المشتركة.
وأشار رئيس جامعة القاهرة، إلى دور الدولة الوطنية في إدارة الأزمات العالمية، لافتًا إلى أن أزمة فيروس كورونا المستجد أثبتت أن الدولة الوطنية هي الإطار الطبيعي والضروري القادر على التصدي لهذه التحديات، حيث لاذ الناس إلى بلدانهم واضطلعت الدول بمسؤولياتها مع أبنائها العائدين.
وأكد الدكتور الخشت، أهمية الدولة الوطنية في مواجهة أعداء الخارج والداخل، مشددًا أنه لامفر من أن تتراجع أحلام الطامحين في إعادة امبراطوريات قديمة قائمة على الإمبريالية والجشع الاستعماري.
كما أكد الدكتور الخشت، على ضرورة التفكير في بعث روح جديدة للإنسانية تستقبل بها مرحلة ما بعد أزمة فيروس كورونا، التي تُحتم الوقوف طويلًا أمام الإنسانية من أجل أن تراجع نفسها في الأزمات، وقال "إننا يجب أن نتطلع أن تكون جائحة فيروس كورونا فرصة لمراجعة النفس ومحاولة لصنع عالم آخر يقوم على الحد الأدنى المشترك من القيم والتوجهات الإنسانية".
جدير بالذكر أن الدكتور محمد عثمان الخشت رئيس جامعة القاهرة، فيلسوف عربي معاصر، ألف عددًا من الكتب ناقش فيها قيم وأخلاق التقدم ومنها كتابه الصادر حديثًا بعنوان "أخلاق التقدم"، كما نشر رؤيته الخاصة عن مفهوم الدولة الوطنية ودورها في العصر الحديث، في كتبه ومنها "فلسفة المواطنة وأسس بناء الدولة الحديثة" و "المجتمع المدني والدولة".
يشار إلى أن الملتقى السنوي السابع لمنتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة، يستشرف الآفاق المستقبلية للأزمة الراهنة لفيروس كورونا المستجد، وإمكانيات تطوير القيم الكونية المشتركة، وما إذا كان بوسع الإنسانية أن تبلور منظومة جديدة في الاقتصاد والسياسة والمشروع المجتمعي والعلاقات الدولية؛ أقرب إلى قيم الإنصاف والتضامن والرحمة والأخوة الإنسانية، وذلك من خلال سعي المنتدى إلى تعميق النظر في الدروس والعبر المستخلصة من أزمة جائحة «كوفيد 19»، وفي التصورات والمبادرات الكفيلة بإرساء أسس للتفكير والعيش بإنسانية، والتعارف والتضامن والعيش المشترك بين البشر.
وتبحث أعمال الملتقى عن مخرجات معرفية وأجوبة فقهية وشرعية وفلسفية؛ لجملة من الموضوعات، التي تشغل الوعي الكوني في هذه المرحلة الحرجة من تاريخ البشرية، وتتسبب بالقلق الكبير على كل المستويات النفسية والمعنوية والمادية؛ للأفراد والمجتمعات والدول القوية والضعيفة على حد سواء.