ترك الحربية من أجل كرة القدم..واستجوب الأسرى في حرب أكتوبر..وكرمه رئيس اليمن..وأهداه عبدالناصر نوط الواجب..وحزن لعدم فوزه في انتخابات رئاسة الزمالك..حكايات الثعلب الكبير حمادة إمام
واحد من أهم وأفضل الأساطير التي حملت على عاتقها مسؤولية كتابة التاريخ، ولكن الآن قد نتذكر اسمه فقط دون معرفة تاريخه الكبير، وإنجازاته التي سطرت تاريخ عريق له مع القلعة البيضاء، بفضل أداءه الرجولي والمهاري والموهبة التي يمتلكها، يعتبر الثعلب الكبير محمد يحيي الحرية إمام الملقب بـ"حمادة إمام"، أسطورة مصرية وعربية وأيقونة من أيقونات نادي الزمالك، كان لا يلتفت إلى لعب كرة القدم وبدأ في التفكير بعد ذلك، عندما رأى الجميع يلتف حول والده في قاعة السينما، ونجح في دراسته حيث كان والده ضابطا بالقوات المسلحة، وهو الذي جعله يلتحق بالكلية الحربية وأصبح ضابطا بسلاح المشاة، ومثلما كان متفوق في دراسته كان متألق وموهوب في كرة القدم، وذلك جعل له تكريم سياسي في فترات ولاية مختلفة..
في هذا التقرير الموجز ترصد مشوار "حمادة إمام" وتكريماته من الرؤساء المصريين وأيضا تكريمه من الرئيس اليمني على عبدالله صالح.
ولد حمادة إمام فى 28 نوفمبر 1943 فى حى المنيرة المجاور لشارع القصر العينى بالقاهرة، وتخرج بالكلية الحربية ليعمل ضابطا بالقوات المسلحة، ونال شرف المشاركة في حرب أكتوبر 1973، بعدما قام باستجواب الأسرى الإسرائيليين، وتمت ترقيته إلى رتبة عميد، وخرج من الخدمة بهذه الرتبة، وكان والده ضابط سابق وحارس مرمى الزمالك والمنتخب الوطني فى فترة الثلاثينات ووالد حازم إمام نجم الزمالك ومنتخب مصر السابق وعضو مجلس إدارة إتحاد كرة القدم السابق.
لقب بـ"الثعلب"، بسبب قوة شخصيته، وتميزه داخل الساحرة المستديرة، كما كانت له أراء مسموعة وصائبة، وطغت تربيته العسكرية على أخلاقه التي طالما شهد له الجميع بها، حتى أنه عقب تقاعده على المعاش وعمله فى مجال كرة القدم، كنت تهتف له الجماهير بالثعلب لمكره وذكاءه في التعامل مع الخصوم، وساهم حمادة إمام في الكثير من الإنجازات والبطولات مع الفارس الأبيض.
بدأ حمادة إمام مشواره الكروي في صفوف ناشئي الزمالك فى عام 1957، فى ذلك الوقت شاهده على شرف مدير الناشئين بالقلعة البيضاء، وقرر ضمه للفريق تحت الـ 16 عاما، وقد كان يلعب لمختلف فئات الشباب فى النادى وهو فى سن صغيرة نظراً لموهبته الكبيرة، وشارك مع نادي الزمالك في الفوز 3 مرات بالدوري وكأس مصر مرتين، وذلك خلال فترة جيل الستينات، ورفقة كلا من عمر النور وأبو رجيلة، عصام بهيج وحنفي بسطان وغيرهم.
برز اسمه فى أواخر عام 1959، أثناء مباراة الأهلي والزمالك، في نهائي بطولة الشباب تحت 20 عاما، وكان حمادة إمام في ذلك الوقت يبلغ 17 عام، وبحثوا عنه في النادى ليلعب هذه المباراة فلم يجدوه حتى وصل للمسئولين خبر بأن والده يحيى إمام، الذي كان نائب حاكم غزة وقتها، اصطحبه معه إلى هناك للتفرغ لمذاكرة امتحانات الثانوية العامة، وبعد ذلك صدرت تعليمات فورية من المشير عبد الحكيم عامر، وزير الحربية في هذا التوقيت، الذى كان يعرف بإنتمائه وتشجيعه لنادي الزمالك، قام بإرسال طائرة خاصة إلى غزة لإحضار "إمام" يوم المباراة، حيث وصل من المطار إلى ملعب الترسانة، التي أقيمت عليه المباراة، المفاجأة أن حمادة إمام الناشئ الصغير، قاد فريق الزمالك لتحقيق فوز كبير على الأهلي بنتيجة 6 – 0، أحرز منها حمادة إمام بمفرده خمسة أهداف مما دعا الناقد الكبير ناصف سليم، أن يطلق عليه لقب "محمد الخامس" نسبة إلى ملك المغرب السابق محمد الخامس.
لعب الثعلب أمام الأهلي لمدة 9 سنوات، لم يتعرض خلال تلك الفترة للهزيمة من الأهلي على مدار 9 مباريات متتالية، حيث سجل، خلال فترة مواجهاته للأهلي 4 أهداف وكان الهداف للقاءات الفريقين خلال فترة الستينات، متساويا مع زميله بالفريق عمر النور، وطه إسماعيل ورفعت الفناجيلي من الأهلي.
وكانت أشهر مباريات الإمبراطور فى تاريخه، تلك التى لعبها أمام وست هام يونايتد الإنجليزى فى 1966، حيث تألق أمام بوبى مور وجيف هيرست وتريفور بروكينج وغيرهم من نجوم المنتخب الإنجليزى فى ذلك الوقت ليسجل ثلاثة أهداف من أصل 5 سجلها الزمالك.
حصد نجم الزمالك الكبير بطولة الدوري لموسمين، موسم 1963/1964، وسجل 11 هدف في 19 مباراة، وموسم 1964/1965 وسجل 18 هدف في 22 مباراة، وإجمالا، سجل في مسابقة الدوري 74 هدفا احتل بهم المركز الرابع خلف عبدالحليم علي وعلي خليل وحسن شحاتة بقائمة هدافي الزمالك، وحصل على لقب هداف الفريق 6 مرات متتالية من 1961 حتى 1967، كما سجل 10 أهداف في مسابقة الكاس، وتوج بكأس مصر عام 1962، واختتم حياته الكروية بعد حصول الزمالك على لقب دورة أكتوبر التنشيطية عام 1974، وكانت آخر مباراة رسمية له هي الأولي للمعلم حسن شحاتة أمام الاتحاد السكندري قبل حرب أكتوبر 73، بينما جاءت آخر أهدافه الرسمية كانت ثلاثية رائعة في شباك الطيران في الثالث من ديسمبر 1971.
ويعتبر حمادة إمام أول لاعب فى مصر تم إنشاء رابطة جماهيرية باسمه، وبعد اعتزله لعب كرة القدم عام 74، اتجه إلى التعليق الكروى، حيث أصبح واحداً من أفضل وأشهر المعلقين فى الوطن العربى على مر التاريخ، عقب ذلك اتجه للعمل بالإدارة، حيث عمل مديراً للكرة فى الزمالك، وتدرج فى العمل الإدارى حتى وصل إلى منصب نائب رئيس اتحاد الكرة فى مجلس اللواء الدهشورى حرب، وفي هذا الوقت وصل المنتخب المصري إلى كأس العالم 1990.
الثعلب الكبير الموهبة التي لا يختلف عليها اثنين، اكتسب حب الجماهير المصرية وخاصة جماهير الزمالك، واشتهر بسبب احترامه واخلاقه، وأصبحت علاقته بالزعماء والرؤساء جيده وذات طابع مميز، حيث كرمه الرئيس جمال عبدالناصر وأعطاه نوط الواجب بعدما فاز على فريق وست هام يونايتد الإنجليزى عام 1966، وإحرازه ثلاثة أهداف من أصل 5 أهداف، كما كرمه الفريق فوزى وهو طالب فى الكلية الحربية، ومنحه رتبة أومباشى، وكان شبلًا صغيرًا لا يتجاوز عمره 19 عامًا، وتم تكريمه أمام الكلية الحربية كلها، وكرمه رئيس اليمن على عبدالله صالح أثناء زيارة لليمن وقابل معظم الرؤساء "جمال عبدالناصر، أنور السادات، حسني مبارك".
ومن أصعب المواقف التى مرت على كابتن حمادة إمام، عدم فوزه فى انتخابات رئاسة نادى الزمالك التى نافس فيها الدكتور كمال درويش، حيث تم خيانته، بعدما أيدته كثيرا من الناس ولكن هذا كان فى الظاهر، بعد ذلك وقف هؤلاء الناس ضده فى الخفاء، وهذا أثر فيه بشكل كبير، واستمر فترة لا يدخل فيها نادي الزمالك، لأنه كان متقدمًا حتى آخر وقت وفجأة تغيرت النتيجة، وخسر بفارق 120 صوتًا فقط.
وتوفي حمادة إمام في التاسع من شهر يناير عام 2016، تاركاً تاريخاً عظيماً داخل المستديرة الخضراء وخارجها في التعليق الرياضي.