قصة الكلمة التي أثارت غضب الشيخ الحصري وجعلته يتفق مع عبد الناصر علي إنشاء إذاعة القرآن الكريم
بدأت إذاعة القرآن الكريم في مصر بث إرسالها في 29 مارس 1964، وأشهر ما تزخر به الإذاعة هو القرآن المرتل بصوت القارئ الشيخ محمود خليل الحصري رحمه الله الذى كان أول من جمع القرآن بصوته.
لكن قبل أن تبدأ أشهر المحطات الإذاعية في جمهورية مصر العربية، إذاعة برامجها كان وراء إنشائها قصة بين الرئيس الراحل جمال عبد الناصر والقارئ الشيخ محمود خليل الحصري رحمه الله.
كان لقرار نشأتها ظروف وملابسات سبقته ودعت إلى اتخاذه ؛ ففي أوائل الستينيات من القرن الماضي ظهرت طبعة مذهبة من المصحف، ذات ورق فاخر، وإخراج أنيق، بها تحريفات خبيثة ومقصودة لبعض آياته، منها قوله تعالى: "وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ {85}"(سورة آل عمران). وطبعوها مع حذف كلمة "غير" فأصبحت الآية تعطي عكس معناها تمامًا ، وكانت هذه الطبعة رغم فخامتها رخيصة الثمن، وكان تحريفها خفيًّا على هذا النحو، لكن الله تولى حفظ كتابه حيث يقول سبحانه: "إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ"(سورة الحجر) ومن ثم يهيئ من الوسائل ما يحقق هذا الحفظ.
فقد كان الشيخ الحصري بحكم مهمته كشيخ للمقارئ المصرية يسافر إلي العديد من دول العالم لنشر القراءة الصحيحة والسليمة وبحكم منصبه المختص بمراجعة المصحف كان يتحري الدقة في آيات الله المطبوعة بالمصاحف فوجد هذه الأخطاء التي تغير معني الآية وهي قد لا تلفت نظر المسلم العادي ومن هنا جاءت فكرة التسجيل والحفظ الصوتي للقرآن.
واتفق علماء الأزهر الشريف علي تسجيل صوتي للمصحف المرتل برواية حفص عن عاصم بصوت القارئ الشيخ محمود خليل الحصري، على أسطوانات توزع نسخ منه على المسلمين في أنحاء العالم الإسلامي، وكافة المراكز الإسلامية في العالم، باعتبار ذلك أفضل وسيلة لحماية المصحف الشريف من الاعتداء عليه، وكان هذا أول جمع صوتي للقرآن الكريم بعد أول جمع كتابي له في عهد خليفة رسول الله - أبي بكر الصديق.
ووافق الرئيس جمال عبد الناصر علي إنشاء "إذاعة القرآن الكريم" ليذاع فيها تسجيل صوتي للمصحف المرتل برواية حفص عن عاصم بصوت القارئ الشيخ محمود خليل الحصري مع عدد كبير من القراء والمشايخ ، وبدأت الإذاعة إرسالها في الساعة السادسة من صبيحة الأربعاء 11 من ذي القعدة لسنة 1383هـ الموافق 25 مارس لسنة 1964م، لتكون أول صوت يقدم القرآن كاملًا بتسلسل السور والآيات كما نزل بها أمين الوحي جبريل "عليه السلام" على قلب سيد المرسلين محمد صلى الله عليه وسلم.