إمرأة تزوجت بشخص يكبرها وقلبها به حب قديم.. هل هي آثمة؟
في سؤال لفقهاء سألت إمرأة تقول :
كنت فتاة أبلغ من العمر 18 سنة، وكنت قد أحببت شخصا كان لي كل شيء في حياتي، وتمت خطبتنا. وحدثت مشاكل بيني وبين أهله، وتركنا بعضنا.
وبعد ذلك خطبت لآخر ثم آخر، ولا أنساه أبدا. ومر الوقت إلى أن وصل سني 25 عاما، ولا أريد الزواج. تقدم لي صديق والدي، وهو يبلغ من العمر 45 عاما وقد رفضته، ولكن ضغطت علي أمي وأهلي لأوافق عليه؛ فوافقت وقتها لكي أرضي أمي أولا، ولأن قلبي لم يحب شخصا آخر. وتزوجت وفي قلبي شخص آخر، ولكن لم أتواصل معه، وقلت: عيشة والسلام.
صدمت بواقع مطالبه بمعاشرتي، فلم أتحمل ذلك، فأنا لا أكن له أي مشاعر، فكنت أمثل عليه دور السعيدة بالعلاقة، وأنا بداخلي بركان من نار. ومرت أيام وأعوام، ورزقني الله بطفلة، وقلت أعيش لها، ولكن تصرفاته أفقدتني القدرة على التأقلم معه؛ لأنه كان يريد مني أن ألبس ثيابا ضيقة؛ لكي يقول إنني كبير وتزوجت فتاة صغيرة لم يسبق لها الزواج. وإن حدث ولبست شيئا فضفاضا أو واسعا، ينظر لي نظرة تحرقني. ولكن كنت في بعض الأحيان ألبس ضيقا، وأحيانا لا، ساعتها أنزلته من عيني، وفقدت الإحساس بأنه رجل في حياتي، كان عندما يحتاج أن يشتري شيئا لا يستطيع فعل ذلك بمفرده، ويأخذني معه لشرائه. إنه رجل في صورة طفل، وأفعال طفل، فطول مدة زواجي وأنا لا أراه رجلا لي، ولا سندا. فإن وقعت في مشكلة لا أراه، إن مرضت لا يسأل عني، واضطررت أن أجلب لي عملا بالمنزل دون الخروج، ولكن من وقتها وهو كل ما طلبت منه شيئا يقول لي: أنت معك ادفعي، أو جزء منك وجزء مني، ولا يعطيني عندما أمرض إلا إذا عملت مشكلة معه، والآن وبعد طفل آخر مللت من العيش معه، ولكن لم أعرف ماذا أفعل؟ قلبي به حب قديم، وعقلي به نفس الحب وحياتي بها زوج، ولكن لا أريد معاشرته، فأنا لا أطيق أن ألمسه ولا يلمسني.
ماذا أفعل؟ أنا الآن سني 36 عاما، وهو 56 عاما.
وأجاب الفقهاء بالقول:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي عليك فعله؛ أن تعاشري زوجك بالمعروف، وتطردي عنك الأوهام، والنزغات الشيطانية التي تنفّرك من زوجك، وتحول بينك وبين أداء حقّه عليك.
وإذا كان يطلب منك أن تلبسي له الملابس الضيقة في بيته؛ فليس في ذلك ما يطعن في رجولته. وأمّا إن كان يطلب منك لبس الملابس الضيقة أمام الأجانب؛ فهذا غير جائز، ولا تجوز لك طاعته فيه.
والواجب عليه أن ينفق عليك بالمعروف، ولا يلزمك أن تنفقي من مالك، إلا أن تتبرعي بذلك.
واعلمي أنّ عاطفة الحب ليست شرطاً لاستقامة الحياة الزوجية.
قال عمر -رضي الله عنه- لرجل يريد أن يطلق زوجته، معللاً ذلك بأنه لا يحبها: ويحك، ألم تبن البيوت إلا على الحب، فأين الرعاية وأين التذمم؟
وقال أيضاً لامرأة سألها زوجها هل تبغضه؟ فقالت: نعم، فقال لها عمر: فلتكذب إحداكن ولتجمل، فليس كل البيوت تبنى على الحب، ولكن معاشرة على الأحساب والإسلام. أورده في كنز العمال.
أمّا إذا بذلت وسعك وراجعت نفسك، ولم تقدري على معاشرته بالمعروف، ووجدت نفسك كارهة له، فلك طلب الطلاق منه أو مخالعته على مال.
قال ابن قدامة -رحمه الله-: وجملة الأمر أن المرأة إذا كرهت زوجها، لخلقه، أو خلقه، أو دينه، أو كبره، أو ضعفه، أو نحو ذلك، وخشيت أن لا تؤدي حق الله تعالى في طاعته، جاز لها أن تخالعه بعوض تفتدي به نفسها منه؛ لقول الله تعالى {فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به} [البقرة: 229]. انتهى.
والله أعلم.