لقاح كورونا كلمة السر.. معلومات عن خطة الصين للسيطرة علي الدول الفقيرة

كورونا
كورونا

في الوقت الذي يتسابق فيه العالم للتوصل إلى لقاح لفيروس كورونا المستجد، يخضع حاليًّا أحد عشر لقاحًا محتملًا للفحوصات الخاصة بالمرحلة الثالثة، وهي المرحلة الأخيرة قبل الموافقة النهائية على اعتماد اللقاح. ومن بين هذه اللقاحات يوجد أربعة لقاحات صينية.

ومن أهم اللقاحات الصينية الواعدة في هذا الصدد، اللقاح الذي طورته شركة Sinopharm التي يقع مقرها في ووهان، وهي المقاطعة التي شهدت بداية ظهور وانتشار الفيروس، حيث تم بالفعل إعطاء هذا اللقاح للعاملين في المجال الطبي في بعض الدول. ويرى الخبراء أن هذا اللقاح في طريقه للحصول على الموافقة الكاملة خلال شهر نوفمبر الجاري أو ديسمبر المقبل.

وفي هذا السياق، أشار "إيك فرايمان" و"جوستين ستيبينج" في مقالة بعنوان "الصين تفوز في سباق تطوير اللقاحات: كيف ترسخ الصين صورتها كمنقذ للدول النامية؟"، نُشرت بموقع مجلة "الشؤون الخارجية" في ٥ نوفمبر الجاري وترجمها مركز المستقبل للدراسات إلى أن الصين قد أخفقت في استجابتها الأولية لاحتواء فيروس كورونا المستجد في بداية العام، مما أدى إلى انتشاره في أنحاء العالم والإضرار بصورة بكين بشكل بالغ على الصعيد الدولي، لكنها عازمة على أن يكون العام المقبل هو عام تصحيح هذا الوضع، وذلك من خلال اضطلاعها بمهمة توفير اللقاح لعدد كبير من دول العالم النامي.

ويُضيفان أن إحجام إدارة "ترامب" عن صياغة خطة مماثلة للمساهمة في توزيع اللقاحات حول العالم أو دعم منظمة الصحة العالمية في هذا الشأن، قد قدم للصين فرصة كبرى لترسيخ صورتها ليس فقط كقائدة عالمية في تطوير اللقاحات وتوزيعها ولكن باعتبارها المنقذ للدول النامية.

رواج اللقاح الصيني في الدول النامية

يشير المقال إلى أنه من المرجح ألا يَلقى اللقاح الصيني رواجًا في الأسواق الغربية، حيث قامت الولايات المتحدة والدول الأوروبية بالتعاقد مع كبرى الشركات الغربية (مثل: Moderna وPfizer وAstraZeneca) لتوريد كميات ضخمة من اللقاحات التي تعمل هذه الشركات على تطويرها.

ولكن اللقاحات المنتَجَة من قبل الشركات الغربية لن تنتشر في الدول النامية نظرًا لارتفاع تكلفتها. فعلى سبيل المثال، تقدر شركة Moderna أن لقاحها سيتكلف ما بين 64 دولارًا و74 دولارًا للشخص الواحد، وهي تكاليف ضخمة لا تستطيع غالبية الدول النامية تحملها. ولذا فإن الأسواق الناشئة الشاسعة في آسيا وإفريقيا والشرق الأوسط وأمريكا اللاتينية، حيث يعيش أكثر من نصف سكان العالم، هي الأسواق التي سيهيمن عليها منتجو اللقاحات الصينية. والمؤشر الأكبر على ذلك هو أن اللقاحات الصينية قد وصلت إلى المرحلة الثالثة من التجارب السريرية في 18 دولة، بما في ذلك الأرجنتين، وبنجلاديش، والبرازيل، وإندونيسيا، والمغرب، وباكستان، وبيرو، وروسيا، وتركيا.

وقدم الرئيس الصيني "شي جين بينج"، في مايو الماضي، وعدًا بأن أي لقاح صيني لفيروس كورونا المستجد سيكون بمثابة "منفعة عامة عالمية". كما وعد بتقديم قروض بقيمة مليار دولار لدول أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي لتتمكن من دفع ثمن الحصول على اللقاحات الصينية.

فعلى سبيل المثال، قامت المكسيك في أكتوبر الماضي بالتوقيع على صفقة مع شركة CanSino التي تعمل على تطوير لقاح صيني أيضًا، وبموجب هذا الاتفاق تشتري المكسيك 70 مليون جرعة من اللقاح من خلال حصولها على قرض صيني لتسديد ثمن اللقاحات.

استفادة صينية

يؤكد المقال أن من المرجح أن تستخدم الصين صفقات بيع اللقاحات في توطيد الشراكات مع الحكومات بالمناطق التي تعتبرها بكين ذات أهمية استراتيجية، مثل: جنوب شرق آسيا، وإفريقيا، وأمريكا اللاتينية، ومنطقة البحر الكاريبي.

ويستشهد المقال بما حدث بعد إرسال الصين شحنة مساعدات طبية إلى صربيا في بداية الجائحة، حيث قام الرئيس الصربي "ألكسندر فوسيتش"، بتقبيل العلم الصيني، كما ظهرت لوحات إعلانية ضخمة أمام مبنى الجمعية الوطنية في بلجراد مكتوب عليها "شكرًا للأخ الأكبر شي". بل إنه حتى في إيطاليا التي تُعد من أكثر الدول المتضررة من الفيروس، أرجع وزير الخارجية الإيطالي "لويجي دي مايو"، الفضل في عدم تدهور الوضع بشكل أسوأ في روما إلى أجهزة التنفس والأقنعة الواقية التي أرسلتها الصين، حيث قال: "أولئك الذين سخروا من مشاركتنا في مبادرة الحزام والطريق، عليهم الآن أن يعترفوا بأن الاستثمار في تلك الصداقة سمح لنا بإنقاذ الأرواح".

ويرى الكاتبان أن الصين ستعيد إحياء موقفي صربيا وإيطاليا أثناء حملتها لتوزيع اللقاحات في الدول النامية، مما سيكسبها تأييدًا ليس فقط في الدول النامية بل من المنظمات الدولية وخاصة منظمة الصحة العالمية.

ولذلك قام الكاتبان بتوجيه تحذير إلى الولايات المتحدة، من أن استمرارها في العزوف عن المشاركة والتنافس في سباق توريد اللقاحات، سيسمح للصين بتعزيز مكانتها وصورتها كقوة تكنولوجية من الدرجة الأولى، مما سيخلق لبكين عددًا كبيرًا من الحلفاء الجدد، مما قد يؤهلها للمطالبة المشروعة بالقيادة العالمية.

وختامًا، يشير الكاتبان إلى أن الصين في عام 2013 قامت بتدشين مبادرة "الحزام والطريق" التي أغرقت عددًا من دول العالم النامي في الديون بسبب الاقتراض الكثيف لتنفيذ مشروعات البنية التحتية؛ إلا أن العام القادم (2021) سيشهد ما يمكن تسميته بـ"طريق الحرير الصحي" من خلال توفير الصين للقاحات للدول النامية، والذي سيسمح للصين بإعادة تشكيل صورتها الدولية كراعٍ للصحة العالمية، وليس كأنها مقرض "متنمر" و"مفترس" كما يراها الغرب

تم نسخ الرابط