الصين تقود 15 دولة أسيوية لتوقيع أكبر اتفاق تجاري في العالم
توقع 15 دولة في آسيا والمحيط الهادئ الأحد اتفاقا تجاريا مهما تدعمه الصين خلال قمة افتراضية بدأت اليوم الخميس.
وبعد توقيع النص، ستصبح هذه "الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة" أكبر اتفاقية تجارية في العالم في إجمالي الناتج الداخلي، حسب محللين.
ويرى مراقبون أن هذا الاتفاق الذي تعود فكرته إلى 2012، يشكل ردا صينيا على مبادرة أمريكية تم التخلي عنها الآن. وهو يشمل 10 اقتصادات في جنوب شرق آسيا والصين واليابان وكوريا الجنوبية ونيوزيلندا وأستراليا.
وقال وزير التجارة الماليزي محمد عزمين علي، قبل بدء هذه القمة التي تعقد بشكل افتراضي بسبب انتشار وباء كوفيد-19 "، بعد 8 سنوات من المفاوضات والدماء والبكاء وصلنا أخيرا إلى لحظة إبرام اتفاقية "الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة" الأحد المقبل".
من جهته، أكد رئيس الوزراء الفيتنامي نغوين شوان فوك في تصريحات تمهيدية قبل القمة أن الاتفاق سيوقع خلال الأسبوع الجاري.
وكان من المفترض أن تنضم الهند أيضا إلى هذا الاتفاق التجاري غير المسبوق، لكنها قررت العام الماضي الانسحاب منها خوفا من غزو المنتجات الصينية الرخيصة الثمن لأسواقها. ومع ذلك مازال لدى نيودلهي خيار الانضمام إلى هذه الاتفاقية لاحقا.
وقال راجيف بيسواس كبير الاقتصاديين لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ في مجموعة "آي اتش اس ماركيتس" إن الاتفاقية الجديدة التي يمثل أعضاؤها 30% من إجمالي الناتج المحلي العالمي، ستشكل "خطوة رئيسية لتحرير التجارة والاستثمار" في المنطقة.
ويأتي توقيع هذه الاتفاقية في أجواء الأزمة الاقتصادية الناجمة عن انتشار وباء كوفيد-19 في الدول العشر الأعضاء في رابطة دول جنوب شرق آسيا.
ويرى المحللون في هذا الاتفاق التجاري وسيلة للصين لتوسيع نفوذها في المنطقة وتحديد قواعدها، بعد سنوات من السلبية من جانب الولايات المتحدة خلال رئاسة دونالد ترامب.
ومع ذلك، يمكن أن يكون الرئيس المنتخب جو بايدن أكثر التزاما في المنطقة مثل الرئيس السابق باراك أوباما، على حد قول ألكسندر كابري الخبير في العلاقات التجارية في كلية إدارة الأعمال في جامعة سنغافورة الوطنية.
وتهدف هذه الدول لتوقيع الاتفاقية لبدء تحرير التجارة بين أعضائها المؤلفين من الدول العشر الأعضاء في رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) واليابان وكوريا الجنوبية وأستراليا ونيوزيلندا.
وستعمل الاتفاقية تدريجيا على خفض الرسوم الجمركية في مجالات عديدة، وفقا لما ذكرته رويترز. ويقول مؤيدو الاتفاقية إنها ستسمح بالقدر نفسه من الأهمية للشركات بتصدير المنتج الواحد إلى أي مكان في الدول الأعضاء دون الحاجة للوفاء بمتطلبات منفصلة وملء استمارات مختلفة لكل دولة.
وقالت ديبورا إلمس من المركز التجاري الآسيوي إن الاتفاقية تمثل نقلة هائلة "لمنتجي السلع.. فما ليس لدينا الآن هو الكثير من التجارة الآسيوية للأسواق النهائية في آسيا، وهذه (الاتفاقية) تحقق ذلك".وتتيح الاتفاقية حافزا للشركات لإقامة سلاسل للإمداد داخل المنطقة حتى إذا كانت تُصدر للخارج. وتتناول الاتفاقية أيضا الخدمات وحماية الملكية الفكرية.
حتى بعد التوقيع سيستغرق بدء تطبيق الاتفاقية شهورا وستستكمل في سنوات. ويقول الخبراء الاقتصاديون إن التعقيدات تجعل الحسابات الدقيقة أمرا صعبا.
وتمثل الدول المشاركة ما يقرب من ثلث سكان العالم (ولو أن الهند شاركت لارتفعت النسبة إلى النصف). كما يمثل أعضاء الاتفاقية قرابة ثلث الناتج المحلي العالمي بينما لا يمثل غياب الهند فرقا يُذكر من هذه الناحية.
وأكبر مخاوف الهند أن يتدفق عليها طوفان من السلع الرخيصة من الصين وغيرها، وبالنسبة لدول أخرى يعني غياب الهند أن هذه الدول لن يتاح لها الدخول إلى سوق اشتهرت بصعوبة النفاذ إليها لكنها لن تتمكن أيضا من إدراج الهند بالسهولة نفسها في سلاسل الإمداد.
ويقول أنصار الاتفاقية إن الهند ستخسر استثمارات في حين أن مستهلكيها سيدفعون أموالا أكثر مما يجب، كذلك فإن دول جنوب شرق آسيا تُعِد الهند ثقلا مقابلا لهيمنة الصين المتزايدة، وقالت بافيدا بانانوند من جامعة تماسات في بانكوك: "هذه فرصة ضائعة بالنسبة للهند".
يمثل مجرد إنجاز الاتفاقية، حتى بدون الهند، دفعة للاتفاقات التجارية متعددة الأطراف مقارنة بالاتفاقات الثنائية التي يفضلها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
وكانت الحرب التجارية التي بدأها ترامب بزيادة الرسوم على السلع الصينية حافزا إضافيا للسير قدما في الاتفاقية التي حققت تقدما بطيئا منذ 2012.