جمال عبد الناصر اعتبره بطل شعبي وهذه حكايته مع عبد الحكيم عامر ونجا من موت محقق بسبب صيادين.. حكاية وحش الشاشة فريد شوقي مع العدوان الثلاثي

الموجز

يحمل الفن علي عاتقه عبر العصور أزمات القضايا الاجتماعية والوطنية ويحاول دائمًا عرضها للوطن العربي والعالم بأكمله بطريقة مُبسطة، وهذا ما حدث مع فيلم "بورسعيد" حيث حكى وحش الشاشة فريد شوقي قصة طريفة في مذكراته عن هذا الفيلم ففي ليلة من ليالي العدوان، جاء رجال من المخابرات المصرية إلى شوقي، وأخذوه إلى الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، الذي طلب منه أن يقوم بعمل فني يروي العدوان الثلاثي وخاصة على منطقة بورسعيد المصرية، وترصد المقاومة الشعبية هناك، وبرر وقتها ناصر اختياره لشوقي لأنه البطل الشعبي المحبوب الذي يحب الناس أن يشاهدوه، فقد أرادها رسالة واضحة إلى العالم، ليكسب به الرأي العام العالمي كله ضد قوى الاستعمار.

كما قام الرئيس الراحل جمال عبد الناصر بإصدار أوامر للمشير عبدالحكيم عامر، وزير الدفاع وقتها، بأن يُسهل لفريد وفريق العمل كل الصعاب التي من المؤكد أنهم سيواجهونها أثناء التصوير تحت نيران المدافع الحربية، وكانت الأزمة الكبرى في كيفية الوصول إلى بورسعيد تحت هذه النيران التي لا تتوقف، وعن ذلك قال ملك الترسو: "ارتدينا ملابس الصيادين ووضعنا الكاميرا والمعدات الأخرى داخل مشنات السمك، وغطيناها بقطع من القماش واجتزنا بحيرة المنزلة، حتى وصلنا إلى نقطة التفتيش، وعشنا لحظات عصيبة جداً، عندما تقدم الجندي الإنجليزي ليفتشنا، ماذا سيحدث لو اكتشفوا هذه الكاميرا التي أخفيناها داخل المشنة، وأنهينا الفيلم وحقق نجاحاً عظيماً حتى في سوريا ولبنان"، وخرج الفيلم للنور بعد شهور من انتهاء العدوان وتحديداً عام 1957 واستطاع أن يحقق الهدف المرجو من ورائه، كأفضل ما يكون.

ولد الفنان فريد شوقي في حي البغالة بالقاهرة في ٣٠ يونيو عام ١٩٢٠، وأصله تركي نسبة لأبيه ووالدته مصرية، وقد نشأ شوقي في حي الحلمية الجديدة حيث اجتمعت أسرته فيها، وأنتج الأفلام السينمائية المصرية وكتب السيناريو والحوار لأكثر من أربعمائة فيلم، وقد عمل في مجال الفن لمدة امتدت لأكثر من خمسين عامًا.

عمل وحش الشاشة، مع الكثير من المنتجين والمخرجين في مجال السينما والتلفزيون والمسرح، وبدأ أول عمل له مع المخرج يوسف وهبي، في فيلم "ملاك الرحمة" وذلك في عام ١٩٤٦، ثم توالت عليه الأعمال الفنية فقام بدور البطولة في فيلمه الثاني "ملائكة في جهنم" للمخرج حسن الإمام، عام ١٩٤٧، ثم بدأ يغير طريقة انتقائه للأدوار بحيث يبتعد عن أدوار الشر وكان ذلك في بداية الخمسينات.

وأستطاع شوقي منذ هذه الفترة أن يتنوع في أدواره حيث لعب دور الشرير بفيلمه "قلبي دليلي" للمخرج أنور وجدي، وفيلمه "اللعب بالنار" من إخراج عمر جميعي، ثم لعب دور البطل المدافع عن الخير ومواجهة الأشرار بفيلمه "جعلوني مجرمًا" من إخراج عاطف سالم، وكان العمل من تأليفه، كما شارك نجيب محفوظ في كتابة السيناريو والحوار فيه.

حلق الفنان فريد شوقي في سماء النجومية بين المسرح والسينما والدراما حيث شارك في أكثر من ٣٢٠ فيلم سينمائي، وأشترك بأكثر من ثمانية عشر مسرحية، كما أشترك بأكثر من اثني عشر مسلسل تليفزيوني.

والمرأة لعبت دورًا كبير في حياة ملك الترسو، فتزوج خمس مرات، حيث بدأت علاقتة مع النساء من خلال جارته التي خطفت قلبه في بداية عمره، قبل أن يبدأ العمل في المجال الفني، لكنه لم يتزوجها، ثم تزوج من ممثلة هاوية وكانت المرة الأولي له، ثم من محامية ولكنهما انفصلا.

بعد ذلك قابل شوقي زينب عبدالهادي في المعهد الفني، فطلب يدها للزواج، لكن زكي طليمات رفض فكرة زواج الطلبة والطالبات، حتى لا يؤثر على الوضع الدراسي في المعهد، لم يستمر هذا الزواج طويلاً، فعندما وجد شوقي أن الوظيفة الحكومية في مصلحة الأملاك تعيق تقدمه الفني، حاول أن يقدم استقالته حتى يتفرغ للسينما، لكن زوجته رفضت الفكرة، فوضعته في مأزق الاختيار الصعب "أما أن يبقى موظفًا، وإما أن يستقيل منها فيخسر زوجته"، فاختار الفن وطلق زوجته.

بعد فترة تعرف وحش الشاشة على الراقصة سنية شوقي التي طاردته في كل مكان، وأوقعته في حبائل الحب والزواج، والغيرة المدمرة، ولم يستطع التخلص منها إلا بناء على نصيحة أبوية صادقة من أستاذه يوسف وهبي، بضرورة الابتعاد عنها، خوفًا على مستقبله الفني.

وبعد قدومها من طنطا إلى دنيا الفن بالقاهرة، التقى شوقي بهدى سلطان، وتعرف عليها وتزوجها، إلا أن ذلك الزواج لم يستمر، فبعد ٢٠ عامًا طالبت هدى الطلاق وكان شوقي يرفض، إلا أنها وافق في النهاية بعد تراكم الأزمات.

وتمر الأيام ويلتقي بشريكة حياته الأخيرة سهير ترك المعجبة بأفلامه في البداية، والتي أصبحت زوجته، وتحولت من مجرد معجبة إلى امرأة تعرف كيف تسعد زوجها، فهي التي أخرجته من أحزانه وأعادت إليه الثقة بنفسه وبفنه، وشاركته حياته حتى مماته، وأنجبت له عبير ورانيا.

وخلال مسيرته الفنية حصد العديد من الجوائز والتكريمات حيث نال جائزة وسام الفنون الذي تم تسليمه إياها من قبل الرئيس المصري جمال عبد الناصر ونال أكثر من اثنين وتسعين جائزة، وتوفي الفنان فريد شوقي لتعرضه لإلتهاب رئوي حاد لازمه لمدة تتجاوز العامين وكان السبب لمرضه هو تدخين السجائر بكثرة وذلك قبل إصابته بالمرض وتوفي على إثرها عن عمر ناهز السبعة وسبعين عامًا في ٢٧ يونيو عام ١٩٩٨.

تم نسخ الرابط