هذه قصتها مع سعد زغلول ..وقفت في طريق أنور السادات وسخرت منه.. تزوجت من ضابط أمريكي وأهداها ثروته.. حكايات من حياة الفنانة الغامضة أمينة محمد

الموجز

عشقت الفن منذ نعومة أظافرها ولكنها عاشت طفولة مأساوية حيث أقتحمت الفن عن طريق التمثيل والرقص والإنتاج، شاركت في العديد من الأفلام السينمائية ولكن لم يحالفها الحظ لذلك تركت التمثيل في سنواتها الأخيرة وأتجهت إلي المشاريع التجارية أنها الفنانة أمينة محمد.

ولدت الفنانة أمينة محمد في 25 مارس عام 1908 في مدينة طنطا لأسرة فقيرة بين أب وأم منفصلين فعاشت الطفلة فى منزل زوج خالتها الشيخ محمد رزق الجفري والد الفنانة أمينة رزق وفارق العمر بينهما كان عامين فقط، وأول ما تفتحت عيون "الأمينتين" كانت على مولد السيد البدوي، حيث الغناء والإنشاد الديني والسيرك والفرق المسرحية الجوالة التى تأتي أيام المولد تعرض عروضها لتستفيد من الزحام البشري للمولد، وكان المولد بالنسبة للطفلتين عالمًا مبهرًا، والأكثر إبهارًا بالنسبة لهما كان المسرح، فقد كان السيرك يقدم ضمن برامجه اسكتشات كوميدية من فصل واحد، وكانت هذه الاسكتشات التمثيلية هى أول صورة من صور المسرح.

تلقت دراستها برفقة نجلة خالتها فى مدرسة للبنات بطنطا، وقد اعتادتا أن تذهبا لمشاهدة التمثيل كلما زارت بلدتهما فرقة قاهرية، أو فرقة صغيرة من الفرق التى تتجول فى الأرياف، وقالت عن طفولتها: "لم أكن طفلة تصرف أموالها على الشيكولاته أو غزل البنات، سعادتي الحقيقية كانت فى الجلوس مع جمهور المتفرجين أضحك وأصفق مثلهم للفرق التى تزور طنطا، أتذكر إنني كنت فى الثامنة من عمري، أشاهد مع مجموعة من الأطفال فى طنطا رواية الأخرس بطولة عزيز عيد، وروزاليوسف، وقد اختارني عزيز يومها من بين الأطفال ليحملني على ظهره، حيث كان الدور يتطلب وجود طفلة لثواني معدودة، ورغم أنني لم أنطق بكلمة أو حرف، لكن لحظة تصفيق الجمهور كانت لحظة لن أنساها أبدًا".

وبعد وفاة زوج الشيخ محمد رزق اقترحت على خالتها وابنة خالتها الذهاب إلى القاهرة، وفي عام 1918، استقرت العائلة فى حي روض الفرج الذي كان فى العشرينات مليئ بالمسارح، وكثير من الفرق تعرض عليها أعمالها ومن أهم هذه الفرق "فرقة الشيخ أحمد الشامي، شرفنطح، عكاشه، علي الكسار"، كما تغني على مسارحه فاطمة وأنصاف ورتيبة رشدي، وقد التحقتا الأمينتان بمدرسة "ضياء الشرق" الإبتدائية بحيّ عابدين، وشاركتا أيضًا في المظاهرات مع تلميذات المدرسة ورددتا الشعارات الثورية، كما صادف أيضًا أن نشدتا نشيد سيد درويش "مصرنا وطننا" أمام الزعيم سعد زغلول في بيت الأمة، وذلك بمناسبة عودته من المنفى عام 1924، وقد غمرهما الزعيم وقرينته أم المصريين بالقبلات.

بدأت أولي خطواتها الفنية في عام 1924 عندما أعلنت فرقة "رمسيس" عن حاجتها إلى وجوه جديدة من البنات، فجاءت لها الفرصة الذهبية التى تنتظرها من خلال جارة لها تعمل ممثلة ثانوية فى مسرح "الماجستيك" وكانت تربطها علاقة صداقة قوية بأحمد عسكر مدير مسرح "رمسيس" الذي قدم "الأمينتين" للفنان يوسف وهبي على أنهما غاويتا التمثيل.

ظلت "الأمينتان" فى فرقة "رمسيس" لفترة كبيرة ومع مرور الأيام كانت أمينة رزق تتطور، لكن أمينة محمد كانت تحول الموقف المأسوي إلى موقف كوميدي، فكان يوسف وهبي يسند إليها الأدوار الصغيرة، ويسند إلى أمينة رزق أدوار البطولة ورفع أجرها من أربعة جنيهات إلى سبعة، أما أجر أمينة محمد فتوقف عند مبلغ أربعة جنيهات فقط لا غير، فعندما شعرت إنها لن تصل إلى ما تريد غضبت وتركت فرقة "رمسيس"، وذلك لأنها كانت شخصية ملولة تريد النجاح بسرعة.

في عام 1937 قررت الإتجاه إلي الإنتاج وقامت بتأسيس شركة "أمينة فيلم" وأنتجت من خلالها فيلم "تيتا ونج"، لكن الفيلم حقق خسائر فادحة، ثم أنتجت الفيلم الروائي القصير "ليلة في العمر" إخراج الرائد السينمائي محمد بيومي، بعد ذلك قامت بتأليف وإنتاج وتمثيل وإخراج فيلم "تيتا وونج" الذي اكتشفت فيه الفنان حسين صدقي، وقدمته للسينما المصرية، والطريف أن كان من بين المتقدمين الهواة لبطولة هذا الفيلم الرئيس الراحل محمد أنور السادات، الذي أرسل خطابًا للشركة يقول فيه: "قوامي نحيل، وجسمي ممشوق، وتقاطيعي متناسقة"، وفي اليوم التالي زار السادات أمينة محمد في مكتبها، وتقدم إليها بطلب الإشتراك في تمثيل الفيلم، فرفضت بسبب لونه الأسمر الذي لا يتناسب فى هذا الوقت مع دور الفتى الأول الذي كان لابد أن يتمتع بالوسامة الشديدة كما ابتدعته السينما الهوليودية.

وبسبب أنها لم تحقق النجاح المطلوب تركت السينما وسافرت إلى أثينا وهناك قدمت نفسها لصاحب ملاهي ليلي على أنها راقصة محترفة، لكن صاحب الملهى أعتبر ما قامت به حركات عشوائية، ونصحها بتعلم فن الإستعراض، ولم تيأس أمينة، بل حرضها ذلك الفشل على تعلم الرقص الإستعراضي على أصوله، والسفر إلى أوروبا وتجربة حظها هناك، وسافرت بالفعل عام 1939 إلى أوروبا وظلت تتنقل من بلد إلى بلد حتى جالت فى البلاد الأوروبية "اليونان بولونيا النمسا، المجر، إيطاليا، فرنسا"، لكن إندلاع الحرب العالمية الثانية كان سببًا في عودتها إلى مصر مرة أخرى.

عادت إلي مصر مطلع عام 1941 ورقصت في ملهي "الكيت كات" هذا بالإضافة إلي أنها شاركت في العديد من الأفلام السينمائية بأدوار صغيرة وقدمت خلالها بعض الراقصات الإستعراضية منها "إمرأة خطرة" إخراج أحمد جلال، ثم في فيلم "جوهرة" إخراج يوسف وهبي عام 1943 ، وفي عام 1945 شاركت فى فيلم "تاكسي حنطور"، كما شاركت في فيلم "ضحايا المدينة" من إنتاج نجلة خالتها أمينة رزق.

تزوجت أمينة محمد أكثر من مرة وكانت الزيجة الأولي من ضابط أمريكي بعد عودتها من أوروبا، حيث بادلت هذا الضابط الإعجاب وكان يمتلك ثروة ضخمة، وعندما طلب منها زوجها ترك الفن هجرت عملها في المسرح والسينما والصالات، وقطعت كل علاقة لها بزملائها وزميلاتها من الوسط الفني، عاشت حياة سعيدة مع زوجها الذي كتب وصيته وسجلها أمامها، بعد أن اختصها فيها بقصره في "نيوجيرسي" الأمريكية، مع كل ما كان يحتويه القصر من أثاث فاخر وتحف ومفروشات، وزاد الزوج على ذلك أنه قرر لها معاشًا شهريًا بلغ المئات من الدولارات، فضلًا عن نصيب غير قليل من كل ما كان يمتلكه من سندات وأموال مودعة فى البنوك، وبعد مرور عدة سنوات نقل الزوج الضابط فجأة من القاهرة إلى أوروبا المحتلة أثناء الحرب العالمية الثانية، ولكن الخطابات المتبادلة بينهما ظلت شهورًا أخرى وهى تؤكد ما يتبادلان من إعزاز ووفاء وشوق وحنين إلى اللقاء، غير أن الرياح تأتي بما لا تشتهي السفن، وتدخلت عدة مفارقات بين الزوجين الحبيبين أفسدت ما بينهما، ورحل الزوج وترك لها ثروة ضخمة، لكنها أضاعتها في مشروعاتها التجارية.

وبعدما فشلت في تحقيق نجاح في المجال الفني افتحت كافتيريا فى مطار أسوان، وحين بدأ العمل على بناء السد العالي أقامت مطعمًا للعمال، بعد ذلك ذهبت إلى بيروت حيث افتتحت مركز للتجميل، وعادت إلى مصر فى منتصف الستينات وأفتتحت مشروعًا سياحيًا فى جبل عتاقة بالسويس، وتحول المشروع فيما بعد لمطعم، وفى السبعينات عاودت الحنين إلى المغامرة فسافرت إلي ليبريا وافتتحت "أتيليه" كبير لتصميم الأزياء، وظلت تفتتح مشاريعها الخاصة حتي رحلت عن عالمنا في 16 مارس عام 1985.

تم نسخ الرابط