أكل من الزبالة.. ونام في الشوارع مع القطط والكلاب.. حكاية 48 ساعة جوع في حياة نجيب الريحاني

نجيب الريحاني
نجيب الريحاني

فناناً أصيلاً عاش لفنه فقط، كان يمكن أن ينشأ موظفاً نجاحاً وكان أهله يعملون لذلك ولكن حب التمثيل كان يجري في دمه، فكان كل ما يكسبه من وظيفته ينفقه في إشباع هوايته الفنية، وتسبب حبه للتمثيل في هجر الوظيفة مما أثاء غضب عائلته، أنه نجيب الريحاني الذي كان يقدس فنه ويحترمه.

"الموجز" يكشف لكم خلال السطور التالية حكاية 48 ساعة جوع في حياة الفنان الراحل نجيب الريحاني:ـ

نجيب الريحاني اسمه الحقيقي هو نجيب إلياس ريحانة ولد يوم 21 يناير عام 1889 في حي باب الشعرية بالقاهرة لأب من أصل عراقي يعمل بتجارة الخيل.

درس في مدارس الفرير الابتدائية لكنه اكتفى بشهادة البكلوريا "الثانوية العامة حالياً" عقب تدهور تجارة والده، ثم اتجه بوظيفة كاتب حسابات بشركة السكر في نجع حمادي بمحافظة قنا.

تزوج نجيب الريحاني من الراقصة السورية بديعة مصابني التي كانت تملك كازينو بديعة بميدان الأوبرا وأنجب منها ابنة واحدة ثم انفصلا ليتزوج بعد ذلك من الألمانية لوسي دي فرناي عام 1919 وأثمرت تلك الزيجة عن ابنته الثانية "جينا".

تألق على خشبة المسرح ولقب بـ "زعيم المسرح الفكاهي" واشتهر من خلال شخصية "كشكش بيه" التي جذبت إليه الأنظار وأصبحت واحدة من أهم الشخصيات التي قدمت على المسرح المصري.

قدم عدد من الأفلام ومن أشهرها، صاحب السعادة، بسلامته عايز يتجوز، سلامة في خير، سي عمر، لعب الست، أحمر شفايف، أبو حلموس، 30 يوم في السجن، دلع البنات.

وكانت آخر أعماله الفنية مسرحية "لعبة الست" الذي تولى كتابتها ومن بطولة محمد صبحي وسيمون وخليل مرسي وشعبان حسين ومحمود أبو زيد وعبد الله مشرف ومجدي صبحي وشادي خفاجة.

عانى "الريحاني" في حياته من أجل تحقيق أحلامه في التمثيل وكانت نتيجة ذلك التشريد والجوع والحرمان خاصة بعد فصله من وظيفته في البنك وأيضاً فصله من وظيفته في شركة السكر بنجع حمادي.

وقال نجيب الريحاني في مذكراته: "لم يعد لي مكان في البيت بعد فصلي من شركة السكر، لأن والدتي كانت قد ضاقت بي، فأقفلت بابها دوني وأنا رجل لم أعتد أن أطأطىء هامتي أمام أي خطب فما العمل. وماذا أفعل لأحصل على القوت الضروري؟".

وتابع الريحاني: "أقسم أيها الجمهور أنني قضيت ثماني وأربعين ساعة لم أذق خلالها للأكل طعماً، لا زهداً مني، ولا أسفاً على شىء، ولكن لأنني لم أجد وسيلة أكتسب بها ثمن لقمة العيش بلا أدام ومع ذلك لم أحن رأسي ولم تذل نفسي وبقيت أنا كما أنا ويفعل الله ما يشاء".

وأضاف: "ولو كان أمري قاصرا على الجوع وحده لهان، ولكنني لم أجد كذلك مكاناً أنام فيه كلما أدركني الليل وذهب كل شخص في المدينة التي يلتمس الراحة في فراشه، لذلك كنت أقضي الليالي وحيداً، أمكث في قهوة الفن إلى موعد التشطيب في الساعة الثانية من كل صباح ثم أغادرها إلى كوبري قصر النيل، فأجوب تجاه الجزيرة سائراً على قدمي، حتى إذا أعياني الكد والنصب، استلقيت على الإفريز جانباً وتوسدت حجراً من أحجار الطريق مستريحاً إلى أن ترسل الغازلة أشعتها فأستيقظ من نومي الهنيء".

واختتم الريحاني الـ 48 ساعة جوع قائلاً: "لن أنسى يوماً قمت فيه من النوم فإذا تحت وسادتي كنز ثمين يا سادتي لا يعرف قيمته إلا المفلسون!! هذا الكنز هو.. أتعرفون ما هو؟ "قرش تعريفة"!! وافرحتاه! خمس مليمات حتة واحدة ما هذه البشرى لذلك قلت "القرش التعريفة كنز في جيوب الأغنياء لا يحس به إلا المفلسون"، فقد أكلت طعاماً دسماً وهو الفول المدمس والسلطة والطعمية والعيش كمان لأن أيامها كانت الدنيا مبحبحة و"القرش التعريفة" ثروة".

 

 

تم نسخ الرابط