صنع نجومية نعمية عاكف وأحيا زفاف أنور السادات وزوجته غارت من صداقته بالملك فاروق وعاني من الوحدة حتي وفاته وجنازته رفعت شعار ”لم يحضر أحد”.. أحزان شهريار الوسط الفني عبد العزيز محمود

عبد العزيز محمود
عبد العزيز محمود

فنانًا منفردًا، يمتلك شخصية مميزة جعلته يحجز لنفسه مكانة خاصة بين أقرانه من فناني جيله، أبدع لسنوات طويلة على مستوى الغناء والسينما والإذاعة، فقدّم العديد من الأفلام، وله أغنيات شهيرة لا يمكن أن تُنسى وخلدت في تاريخ الفن منها "مرحب شهر الصوم"، فالجميع يستمع إليها ولا يعلم الكثير أن صاحب هذا الصوت هو مطرب وملحن وفنان سخر حياته للأغاني والفن أنه الفنان عبدالعزيز محمود.

ولد عبد العزيز محمود في ١٧ أكتوبر عام ١٩١٤ بمحافظة سوهاج لعائلة ميسورة الحال، ومنذ طفولته وقع في غرام أصوات الربابة ومواويل الأفراح وغناء المسحراتى والباعة الجائلين، وأثناء التحاقه بالتعليم الإبتدائى، توفى والده وبسبب مشكلات الميراث أخذت الأم ولديها وانتقلت إلى بورسعيد مع عدد من أفراد عائلتها فى هجرة شبه جماعية.

وأثناء تواجده في بورسعيد عمل عبدالعزيز فى الميناء بإحدى الشركات الأجنبية للشحن والتفريغ وكان يغني لزملائه أثناء العمل، وبالصدفة وأثناء غنائه فى زفاف أحد زملائه سمعه الموسيقار مدحت عاصم، وكان مديرًا للإذاعة حيناها، فأعجب بصوته، وتحدث معه، وأعطاه الكارت الخاص به، وقال له: "لو عاوز تشتغل فى الفن تعالى قابلنى فى القاهرة".

اكتملت الصدفة عندما كان عبدالعزيز محمود فى عرض البحر، وجمع زملاءه ليغنى لهم وذلك بعدما تهربوا من العمل وعندما علم المشرف تتبعهم، وقفز من اللانش وأصيب فى ساقه فترك الشركة ولم يعد، وقرر بعدها السفر من بورسعيد للقاهرة لمقابلة مدحت عاصم فى الإذاعة، ليشق طريقه الفنى، بينما استقرت والدته وشقيقه وباقى العائلة فى بورسعيد، وبدأت رحلته فى الإذاعة عام ١٩٣٤، ولحن له مدحت عاصم إيمانًا بموهبته، كما لحن له القصبجى وزكريا أحمد والسنباطي.

وفي بداية مشواره كون عبد العزيز الكثير من الصداقات الفنية، حيث تعرف على المخرج سيد زيادة، ونصحه بأن يروّج لموهبته الغنائية من خلال الأفلام السينمائية، ولو بأغنية فى كل فيلم، فشارك بالغناء فى فيلم "عريس الهنا"، وهو أول فيلم يظهر فيه عبدالعزيز محمود عام ١٩٤٤، وتوالت بعده العديد من الأفلام التى شارك فيها كبار النجوم، وأخرجها كبار المخرجين، وظهر فيها ليقدم أغنية أو عدة أغاني.

وفي عام ١٩٤٧ أنطلقت مسيرته الفنية الحقيقية عندما شارك فى فيلم "قلبى دليلى"، وقدّم فيه أغنية "يا نجف بنور"، التى حققت نجاحًا وانتشارًا واسعًا، و كان هو السبب الرئيسي فى اكتشاف النجمة نعيمة عاكف، فكانت تعمل فى السيرك، وساعدها على أن تؤدى أول أدوارها فى فيلم "ست البيت"، الذى غنى فيه عام 1948 مجموعة من أجمل أغانيه التى رقصت عليها نعيمة عاكف.

وخلال هذه الفترة أستطاع عبدالعزيز محمود أن يحقق نجاح جماهيري كبير وكان المطرب الأول للأفراح في هذه الفترة، ومواعيد الأفراح كانت بتتحدد على أساس مواعيده هو في الأساس وطلبه أنور السادات لإحياء زفافه على جيهان بعدما طلبت أن يغنى مطرب "يا نجف بنور فى فرحها".

ذاعت شهرة المطرب عبدالعزيز محمود بشكل كبير في فترة حكم الملك فاروق وبعدها وفي تصريحات صحفية قال نجله إلى أن الملك كان يحب والده للغاية وسمع صوته بعد الضجة والشهرة الواسعة التى حظى بها، ونشأت بينهما علاقة صداقة، وكانا يسهران معًا، ووقتها أرادت والدته أن تشغل والده عن هذه السهرات، ففكرت فى إنشاء شركة إنتاج له واختارت مكانها فى عمارة الإيموبيليا، وهو المكان الذى أقام فيه والده حتى وفاته.

تزوج عبد العزيز محمود أكثر من مرة حتي وصفوه بـ "شهريار" الوسط الفني ، فزيجته الأولي كانت من خارج الوسط الفنى، وهى مديرة مدرسة، وأنجب منها حشمت وولاء، وطلقها بعد ثلاث سنوات، والثانية من الفنانة اعتدال شاهين، وأنجب منها ابنته عزة، ثم تزوج من سيدة ظهرت في لقطة في فيلم "غزل البنات" مع ليلي مراد.

فى مطلع الثمانينيات عاني من العزلة وبدأت مرحلة انحسار الأضواء عنه كما أكد نجله هشام، قائلًا: "بدأ ظهور جيل جديد ومنهم عدوية وكتكوت الأمير، وبعده جيل مدحت صالح ومحمد منير، ولم يكن المسؤولون عن حفلات التليفزيون يستعينون بأبى الذى لم يكن يجامل أو يطبطب ليظهر فى أى حفلة، لأنه كان معتزًا بنفسه، ويرى أنه عبدالعزيز محمود لا يحتاج لذلك، كما بدأ الإقبال عليه لإحياء الأفراح يقل، فشعر بأنها بداية انطفاء الأنوار، فكان آخر ظهور له فى فيلم "بياضة" عام ١٩٨٠ عندما استعانت به تلميذته فاتن فريد منتجة الفيلم.

وفي فترة مرضه لم يزر أحد من الفنانين الراحل عبد العزيز محمود، ومع هذا الغياب، تدهورت حالته النفسية وتملكه الشعور بالإنكسار وخيبة الأمل، وكان بعد زواج أبنائه يعيش المطرب الراحل وحده، وفى عام ١٩٩١، تجددت إصابته بالجلطة، وتم نقله إلى المستشفى، ووفقًا لتصريحات صحفية لأحد أبنائه، فإنه كان يدندن أغنياته مع نفسه في أيامه الأخيرة، وفى ٢٦ أغسطس من عام ١٩٩١، رحل عن عالمنا.

وفي جنازته غاب الفنانون، حتى أعضاء فرقته لم يحضروا، وفقًا لتصريحات صحفية لابنه هشام، ولكن هناك من حرص على الحضور للعزاء في هذا الرمز الفني، وكان الفنان نور الشريف على رأس الحضور بالرغم من أنه لم يكن على صلة بالراحل، وكذلك حرص الفنان سمير صبري على الحضور، لتكون نهاية عبد العزيز محمود حزينة على عكس معظم سنوات حياته التي كانت مملوءة بالفرح والغناء والطرب.

تم نسخ الرابط