دافع عن القضية الفلسطينية وأعتقل مرتين بسبب مواقفه السياسية ورثي جمال عبد الناصر بكلمات مُبكية وأعتنق الإسلام وصلاح جاهين صديق عمره.. محطات فنان الشعب فؤاد حداد

فؤاد حداد
فؤاد حداد

يعتبر واحدًا من أهم شعراء العامية المصرية، حيث تميزت أشعاره بمضمونها الثوري، وهو أحد ثوار الكلمة واسم بارز في الفن والشعر العربي الملتزم بقضايا الشعب والجماهير الكادحة ضد الطبقات الحاكمة الفاسدة، وبسبب ذلك أعتقل أكثر من مرة، وأطلق عليه لقب "فنان الشعب" و"أبو العامية المصرية"، إذ إنه يعتبر بمثابة المؤسس الحقيقي لشعر العامية، أنه الشاعر فؤاد حداد.

ولد فؤاد حداد بحى الظاهر بالقاهرة فى ٢٨ أكتوبر عام ١٩٢٨، والدته من عائلة سورية وكان والده أكاديميًا يُدعى سليم أمين حدٌاد ولد في لبنان لأسرة مسيحية بسيطة اهتمت بتعليمه حتي تخرج في الجامعة الأمريكية في بيروت متخصصًا في الرياضيات المالية ثم جاء إلى القاهرة قبيل الحرب العالمية الأولى ليعمل مدرسًا بكلية التجارة جامعة فؤاد الأول ويحصل علي لقب البكوية وعندما نشأت نقابة التجاريين في مصر مُنح العضوية رقم واحد، وما زالت كتبه وجداوله تدرس باسمه حتى الآن.

تعلم حداد في مدرسة الفرير ثم مدرسة الليسية الفرنسيتين، وكانت لديه منذ الصغر رغبة قوية للمعرفة والإطلاع على التراث الشعري الذي وجده في مكتبة والده، وكذلك على الأدب الفرنسي من أثر دراسته للغة الفرنسية.

ويُطلق على حداد لقب فنان الشعب وأبو العامية المصرية، إذ إنه يعتبر بمثابة المؤسس الحقيقي لشعر العامية، وكان دائمًا يُعرف نفسه بقوله :"أنا والد الشعراء فؤاد حداد"، ويُلقب كذلك بـ "مسحراتي مصر" لأنه كان يكتب أشعار البرنامج الإذاعي "المسحراتي" في عام ‏١٩٦٤، لسيد مكاوي، كما كتب له البرنامج الإذاعي "من نور الخيال وصنع الأجيال" عام ١٩٦٩ والذي كانت من بين أغانيه "الأرض بتتكلم عربي"، وفي ١٩٦٨، كان له ديوان مترجم بعنوان "قال التاريخ انا شعر إسوَد"، وهو عبارة عن مجموعة من القصائد المختارة من الشعر الفييتنامي.

ومن أبرز القصائد التي كتبها حداد :" هلال، حرفة هواية، التبات والنبات، دواليب زمان، على باب الله، سلام، وحسن أبو عليوة، الاستمارة، الكحك، النسمة هلت، والله زمان، يا هادي، بعلو حسي، افتح يا سمسم، في الغيط نقاية، عنترة، ألف باء، كلمة مصر، استشهاد جمال عبدالناصر، الحضرة الزكية، الشاطر حسن، الحمل الفلسطيني".

وكتب الكثير من الشعراء عشرات القصائد في الزعيم جمال عبدالناصر، خاصة بعد وفاته في ٢٨ سبتمبر عام ١٩٧٠، وكان من بينهم فؤاد حداد الذي كتب: "يا حضن مصرى يا طلعة فجر يا ريّس.. مع السلامة يا والد يا أحنّ شهيد.. آدى الرقابى ودى الأعلام بتتنكـّس.. فين طـلـّتك في الدقايق تسبق المواعيد.. والابتسامة اللى أحلى من السلام بالإيد".

وكان للشاعر الراحل العديد من العلاقات والصداقات داخل الوسط الثقافى، لكن تبقى علاقته بالشاعر الكبير صلاح جاهين علاقة خاصة جدًا، حيث بدأت مبكرًا، واستمرت طويلًا فلم تكن العلاقة التي تربط الشاعرين في تلك الفترة مجرد علاقة صداقة، لكنها أصبحت أيضًا علاقة نسب بين أمين فؤاد حداد وأمينة صلاح جاهين، وبحسب ما ذكره نجل الشاعر إنه فى أحد الأيام وقبل الثورة كان جاهين يقرأ إحدى الصحف ووجد قصيدة تشبه قصائده ووجد اسم فؤاد حداد، وبحث عنه وقابله وأصبحا أصدقاء، ثم بدأوا قراءة الشعر الفرنسى سويًا لأن فؤاد حداد كان في مدرسة فرنساوى، وكان قادرًا على قراءة اللغة الفرنسية.

فعندما قرأ جاهين لحداد تلك الأبيات "في سجن مبني من حجر/ في سجن مبني من قلوب السجانين/ قضبان بتمنع عنك النور والشجر/ زى العبيد مترصصين"، أيقن أنه أمام شعر قيل بالعامية وليس مجرد كتابة زجلية بسيطة، كما ذكر أمين فؤاد حداد أن عندما خرج والده من المعتقل عام ١٩٦٤، تنازل جاهين عن مساحته التى ينشر فيها أشعاره ورسومه بالأهرام لفؤاد حداد قائلًا، "إنه يتنازل عن تلك المساحة اليوم إلى أستاذه رابع شعراء العامية فى مصر ابن عروس والنديم وبيرم وفؤاد حداد"، علاقة الشاعريين الكبيرين لم تنته، فلا يزال الأبناء والأحفاد، يعيشون بالغناء والكتابة حتى أنهم شكلوا من قبل فرقة الشارع، التى تضم أمين حداد وسامية ابنة صلاح جاهين، وسلمى حداد.

في عام ١٩٥٠ اعتقل فؤاد حداد ونشر ديوانه الأول "أحرار وراء القضبان" الذى كان اسمه "افرجوا عن المسجونين السياسيين" بعد خروجه من المعتقل عام ١٩٥٦، ويقول الشاعر هشام السلامونى عن شيوعية حداد "كان يحب فى الدين أنه إنصاف الفقراء، ويحب فى الماركسية أنها إنصاف الفقراء، ويحب فى الإنسانية أنها إنصاف الفقراء، لم يكن يعرف سوى الشعر وإنصاف الفقراء" ويؤكد حداد دائماً على حقيقته كشيوعى وعروبى حتى النخاع.

اعتقل حداد مرة أخرى عام ١٩٥٩ لمدة خمس سنوات، وحُبس بسجن الواحات حيث اجتمع مع القادمين من مختلف أنحاء الجمهورية، فاحتك بثقافاتهم وغنائهم وحزنهم ومشاكلهم، ووقتها تحول إلى الإسلام، واختار أن يكون شاعر وأن يكون شيوعى وأن يكون مسلم، مما شكل له تجربة إنسانية جديدة ومختلفة امتن لها قائلاً "الشكر للى سجنونى، وبنيل وطمى وعجنونى"، كما أنه كان من أبرز الوطنين المدافعين عن القضية الفلسطينية في منتصف القرن العشرين.

تم نسخ الرابط