أبطالها نجل هدى هانم شعراوي ومطربة مشهورة .. تفاصيل أول قضية إثبات نسب فى مصر

فاطمة سرى وهدى شعراوى
فاطمة سرى وهدى شعراوى
 
 

لم يدر بخلد صاحبة دعوى التحرر والحرية للمرأة أنه مع أول اختبار حقيقى لها ستكشف عن وجهها الحقيقى، لتؤكد لمن حولها أن كل ما تدافع عنه لا علاقة له بالواقع وأنها ترفع شعارات فقط وهى نفسها غير مؤمنة بها، لم يكن يتخيل أحد أن من تحارب من أجل المرأة، ستكون هى أداة تذبح المرأة، ولم يتوقع أحد أن من تدافع عن حقوق المرأة هى ذاتها من تحرم المرأة من أبسط الحقوق، القضية ببساطة تتعلق بقصة الحب التى جمعت ابن هدى شعراوى، بإحدى المطربات، وانتهت بزواج عرفى، وعندما حملت الزوجة فى أحشائها جنينا قام الزوج –ابن الحسب والنسب-، بكتابة اعتراف أنه متزوج من المطربة، وأن ما تحمله بين أحشائها ابنه، ولكن هبطت هذه الواقعة على الأم هدى شعراوى، كالصدمة الكبرى، وأسرعت بتهديد المطربة بالقتل إذ لم تخرج من حياة ابنها .. وهذه القصة نقلتها السينما المصرية فى أحداث فيلم «فاطمة»، بعد إضافة تعديلات طفيفة فى السيناريو من خلال مصطفى أمين، كاتب السيناريو.

 

 

 

 

 

من كان يتعامل مع هدى شعراوي، كان يعلم أنه ليس من السهل أن تقبل زواج ابنها من مطربة‏‏ مطلقة ولديها أطفالا، بالإضافة إلى أن وقوفها فى وجه هذه الزيجة ليس أمرا سهلا فهي من داعيات التحرر والمساواة.

 

 

 

والمطربة التى سرقت قلب ابن هدى شعراوى هى «فاطمة سري» ومن أشهر أغنياتها ( بدال ما تسهر على قهوة تعالى نشوي أبو فروة )، وكانت من رواد شارع عماد الدين واشتهرت بأدوارها فى المسرح الغنائى، وكانت مغنية مسرحية في «فرقة الجزايرلى» وهى تعد أول مصرية غنّت أوبرا كاملة هى «شمشمون ودليلة»، ولكن كل هذا التاريخ لم يشفع لـ«فاطمة»، عند «هدى شعراوى» لتؤيد زواجها من ابنها «محمد شعراوى»، الذي أثمر عن إنجاب طفلة اسمها «ليلى».

 

 

 

كان الزواج عرفيا بين محمد وفاطمة، وبعد مرور عدة أشهر من الزواج بدأت فاطمة تشعر بأعراض الحمل، لكنها فوجئت بزوجها محمد بك شعراوي، يتبرأ منها وجنينها الذي في أحشائها، وهنا بدأت تشعر فاطمة بالخطر، فبادرت بنشر قصة زواجها بابن الحسب والنسب، فى محاولة لإثبات نسب طفلها، وإن كان تعلم أن مثل هذه المحاولة قد تكون سبباً فى حرمانها من طفلها إذا تم الاعتراف به، وهو ما حدث بالفعل، حيث لم تكتب الأقدار لها رؤية ابنتها ليلى، ولو مرة واحدة حتى وفاتها، لكن قضيتها التى حاربت من أجلها كانت إثبات النسب فقط، لتضمن لطفلها الحياة الكريمة، وفى نفس الوقت كانت تعلم أنها تحارب هدى هانم شعراوي، صاحبة الشعارات الرنانة، التي تنادي بحقوق المرأة والحفاظ عليها، وبعد مشاحنات استمرت طويلا قام الزوج محمد بك شعراوى، بالاعتراف بزواجه العرفي من فاطمة سري، وكتب لها إقرارا بأنها زوجته واعترف بأنه والد الجنين الموجود بين أحشائها.

 

 

 

 

 

حيث كتب فى إقراره نصا : «أقرُّ أنا الموقع على هذا محمد على شعراوي نجل المرحوم على باشا شعراوي، من ذوي الأملاك، وأقيم بالمنزل شارع قصر النيل رقم 2 قسم عابدين بمصر، أنني تزوجت الست فاطمة كريمة المرحوم سيد بيك المرواني المشهورة باسم “فاطمة سري” من تاريخ أول سبتمبر سنة 1924 ألف وتسعمائة وأربعة و عشرين أفرنكية، وقد حملت مني مستكناً في بطنها الآن، فإذا انفصل فهذا ابني، وهذا إقرار مني بذلك وأنا متصف بكافة الأوصاف المعتبرة بصحة الإقرار شرعاً و قانوناً، و هذا الإقرار حجة عليَّ تطبيقاً للمادة 135 من لائحة المحاكم الشرعية، وإن كان عقد زواجي بها لم يعتبر ، إلا أنَّه صحيح شرعي مستوف لجميع شرائط عقد الزواج المعتبرة شرعاً».

 

 

 

 

 

 

وهذا الإقرار ساعد فاطمة كثيرا فى إثبات نسب ابنتها وحسم الخلافات لصالحها حيث تقدمت به للمحكمة التى أصدرت حكمها فى عام 1930، بإثبات بنسب إبنتها إلى أبيها محمد بك شعراوي، بعد ثلاث سنوات من الخصام القضائي، وبينما تعلقت فاطمة بابنتها ليلى، لكنها فى مشهد مؤلم قامت بتسليمها إلى والدها محمد بك شعراوي، وجدتها هدي هانم شعراوي، وانتهت علاقتها بابنتها إلى الأبد، حيث حرمتها هدى هانم التى تنادى بحق المرأة والتحرر وغيرها من الأمور التى تشدقت بها أمام منصات الاحتفالات المختلفة من رؤية ابنتها.

تم نقل هذه الأحداث بطريقة تقارب الواقع، جسدتها كوكب الشرق أم كلثوم، مع أنور وجدي عام 1947، فى فيلمم فاطمة.

 

 
 
تم نسخ الرابط