أستاذ شريعة إسلامية يوضح آمرين تقوم عليهما السنة النبوية ..تعرف عليهما
قال يوسف محمد الهنداوي مدرس الشريعة الإسلامية بكلية دار العلوم جامعة القاهرة إن الشريعة الإسلامية تتصف بالاعتدال والوسطية، وأن النبي صلى الله عليه و سلم كان أرفق الناس.
واستشهد "الهنداوي" خلال إحدى حلقات برنامج( من نور النبوة) الذي يذاع عبر إذاعة القرآن الكريم، بما روي عَنْ عَوْنِ بْنِ أَبِي جُحَيْفَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : آخَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ سَلْمَانَ ، وَأَبِي الدَّرْدَاءِ ، فَزَارَ سَلْمَانُ أَبَا الدَّرْدَاءِ ، فَرَأَى أُمَّ الدَّرْدَاءِ مُتَبَذِّلَةً ، فَقَالَ لَهَا : مَا شَأْنُكِ ؟ قَالَتْ : أَخُوكَ أَبُوالدَّرْدَاءِ لَيْسَ لَهُ حَاجَةٌ فِي الدُّنْيَا ، فَجَاءَ أَبُوالدَّرْدَاءِ ، فَصَنَعَ لَهُ طَعَامًا ، فَقَالَ : كُلْ فَإِنِّي صَائِمٌ ، قَالَ : مَا أَنَا بِآكِلٍ حَتَّى تَأْكُلَ ، فَأَكَلَ ، فَلَمَّا كَانَ اللَّيْلُ ذَهَبَ أَبُوالدَّرْدَاءِ يَقُومُ ، فَقَالَ : نَمْ ، فَنَامَ ، ثُمَّ ذَهَبَ يَقُومُ ، فَقَالَ : نَمْ ، فَلَمَّا كَانَ آخِرُ اللَّيْلِ ، قَالَ سَلْمَانُ : قُمِ الآنَ ، قَالَ : فَصَلَّيَا ، فَقَالَ لَهُ سَلْمَانُ : إِنَّ لِرَبِّكَ عَلَيْكَ حَقًّا ، وَلِنَفْسِكَ عَلَيْكَ حَقًّا ، وَلِأَهْلِكَ عَلَيْكَ حَقًّا ، فَأَعْطِ كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ ، فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "صَدَقَ سَلْمَانُ".
وأضاف مدرس الشريعة الإسلامية قائلاً"عندما نتمعن في معني الحديث النبوي الشريف نجد أنه ينقل لنا صورة من صور التواصي بالخير بين أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فنجد سلمان رضي الله عنه وهو أحد صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ينصح أبي الدرداء وهو صحابي أيضا، وقد آخى النبي صلى الله عليه وسلم بين سلمان وأبي الدرداء، فلما زار سلمان وجد امرأته لا تهتم بمظهرها، وعلم أن أبا الدرداء مشغول بالعبادة وليس له حاجة في الدنيا، فلما جاء أبو الدرداء صنع طعاما لسلمان وقال له كل فإني صائم(صيام تطوع)، ولكن سلمان لم يأكل حتى أكل أبو الدرداء معه، وكذلك لم يجعله يقوم كل الليل بل جعله ينام بعض الليل ثم قاما معا للصلاة في جزء من الليل".
وأكد يوسف الهنداوي أن السنة النبوية تقوم على الوسطية والاعتدال في كل جوانب الحياة، و أن القضية الأساسية التي يرشد إليها هذا الحديث هي أن الواجب هو التوازن في حياة المسلم في الأمور كلها، وأن يعطي كل ذي حق حقه، فالمسلم مطالب بأن يوفق بين واجبات دينه و دنياه، وألا يطغى جانب على آخر، فيخصص وقتا للعبادات، ووقتا للأهل ووقتا لصلة الرحم ووقتا للوالدين وهكذا في جميع حقوق الآخرين.
وقد علم النبي أصحابه الاعتدال في أمور حياتهم في جوانب عديدة، ومما روي في ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم، ما رواه أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قال: جَاءَ ثَلاَثَةُ رَهْطٍ إِلَى بُيُوتِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَسْأَلُونَ عَنْ عِبَادَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا أُخْبِرُوا كَأَنَّهُمْ تَقَالُّوهَا، فَقَالُوا: وَأَيْنَ نَحْنُ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَدْ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ، قَالَ أَحَدُهُمْ: أَمَّا أَنَا فَإِنِّي أُصَلِّي اللَّيْلَ أَبَدًا، وَقَالَ آخَرُ: أَنَا أَصُومُ الدَّهْرَ وَلاَ أُفْطِرُ، وَقَالَ آخَرُ: أَنَا أَعْتَزِلُ النِّسَاءَ فَلاَ أَتَزَوَّجُ أَبَدًا، فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهِمْ، فَقَالَ "أَنْتُمُ الَّذِينَ قُلْتُمْ كَذَا وَكَذَا، أَمَا وَاللَّهِ إِنِّي لَأَخْشَاكُمْ لِلَّهِ وَأَتْقَاكُمْ لَهُ، لَكِنِّي أَصُومُ وَأُفْطِرُ، وَأُصَلِّي وَأَرْقُدُ، وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي".