انتشرت فيه المجاعة لمدة 9 أشهر .. تفشى الطاعون في الشام والعراق..استقبلت المدينة 60 ألف لاجيء.. ماذا تعرف عن عام الرمادة؟

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

في العام الثّامن عشر الهجري إبان خلافة أمير المؤمنين عمر بن الخطّاب رضي الله عنه وقعت في جزيرة العرب مجاعة أنهكت البلاد والعباد وقد أطلق عليها "عام الرمادة" لأنَّ الرِّيح كانت تسفي ترابًا أسود كالرَّماد من شدّة الجدب والقحط.

واستمرّت المجاعة تسعة أشهر بلغ فيها الجهد من النّاس مبلغه، حتى جعلت الوحوش تأوي إلى الإنس.
و يذكر أنه في نفس العام انتشر و تفشي طاعون عمواس في الشام والعراق وغادرت قبائل العرب مضاربها ولجأت إلى المدينة علّها تجد عند الخليفة ما يسدّ رمق أبنائها وعيالها، فأقيمت مخيّمات اللاجئين حول مدينة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وقد حوت أكثر من ستين ألف لاجئٍ أنهكهم الجوع وانقطعت بهم السّبل.

البطون المقرقرة

كان أوّل إجراء اتّخذه الخليفة عمر بن الخطّاب رضي الله عنه إجراءً شخصيًّا لكنّه يمثّل المرتكز الأوّل للانطلاق الرّاشد في معالجة الأزمة.

قال أنس بن مالك رضي الله عنه: "تقرقر بطن عمر ـ أي أخرجَ صوتًا من قلّة الطّعام ـ وكان يأكل الزيت عام الرمادة، وكان حرّم على نفسه السمن، فنقر بطنه بأصبعه؛ وقال: تَقَرقَر تَقَرقُرَك؛ إنّه ليس لك عندنا غيره حتى يحيا الناس"

فعمر رضي الله عنه مارس حالةً من التّقشّف الذّاتيّ بوصفه قائدًا ومسؤولًا حتّى يحسّ بأوجاع تلكم الشّريحة التي أنهكتها المجاعة من رعيّته، وهذا انعكاس للهمّ الحقيقيّ بأمر الرّعيّة.

وحاول أحدُ أصحابه مرّة أن يقنعه عام الرّمادة بأكل شيءٍ من السّمن واللبن أحضرها له؛ فرفض الخليفة قائلًا له بكلّ وضوح: " كيف يعنيني شأن الرَّعية إِذا لم يمسّني ما مسَّهم لجأ الناس إلى أمير المؤمنين فانفق فيهم من بيت المال مما فيه من الأطعمة والأموال حتى أنفذه".
كذلك أكثر عمر بن الخطاب من التضرع والابتهال كما خرج لصلاة الاستسقاء.

في عام الرّمادة أرسل عمر رضي الله عنه إلى الولاة في مختلف الولايات في العراق والشّام ومصر يطلب منهم القيام بالإغاثة العاجلة للمدينة المنوّرة التي أحاطت بها خيام اللاجئين جوعًا.

وكان يخاطبهم زاجرًا مذكِّرًا بمسؤوليّاتهم مع نداء استغاثة عاجلة فمن نماذج ذلك ما أرسَله إلى عمرو بن العاص واليه على مصر

"أفتراني هالكًا وَمَنْ قِبَلي، وتعيش أنت منعَّمًا وَمَنْ قِبَلَك؟ فواغوثاه! واغوثاه!"

فكتب إِليه عمرو بن العاص: لعبد الله أمير المؤمنين من عمرو بن العاص سلامٌ عليك، فإِنِّي أحمد الله إِليك الَّذي لا إِله إِلا هو، أمَّا بعد: أتاك الغوث، فالرَّيث الرَّيث! لأبعثنَّ بِعِيْرٍ ـ أي قافلةٍ ـ أوَّلها عندك، وآخرها عندي، مع أنِّي أرجو أن أجد سبيلًا أن أحمل في البحر"

وكتب إلى معاوية بن أبي سفيان والي الشام يقول: "إذا جاءك كتابي هذا فابعث إلينا من الطعام بما يصلح قِبَلَنَا؛ فإنّهم قد هلكوا إلا أن يرحمهم الله"

وفعل مثل ذلك مع باقي الولايات وفعلًا انطلقت قوافل الإغاثة حتّى وصلت المدينة فساهمت في تخفيف أعباء المجاعة

و في هذا العام رفع سيدنا عمر الحد ( قطع يد السارق ) من أجل الشبهة القائمة ، فإن الناس في مجاعة ، ز المضطر إلى الطعام يجب على المسلمين إطعامه ؛ فخشي عمر رضي الله عنه أن يكون هذا السارق مضطراً إلى الطعام ومُنع منه.
لانه عرف ان السارق يسرق ليأكل و تحت وطأة الجوع و الفقر و ليس لترف.

سيدنا عمر أوقف و جمد حد السرقة وكتب يومًا إلى أحد عماله، ماذا تصنع إذا جاءك سارق؟ قال: أقطع يده،
فقال عمر: فإن جاءني جائع قطعت يدك.

قال عنه الإمام علي ابن ابي طالب :
( لو كان الفقر رجل لقتلته ).

تلك أمة فهمت حقيقة الدين و مقاصد الشريعة فدنت لها الدنيا و انتشر الدين
"رضي الله عن صحابة رسول الله وصلي اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم"

تم نسخ الرابط