اتهموها بقلب نظام الحكم ..ساهمت في محو الأمية للسجينات ..ثارت ضد التعذيب والأشغال الشاقة داخل السجون.. حكاية ثلاث أشهر لـ تحية كاريوكا في سجن الاستئناف

تحية كاريوكا
تحية كاريوكا

هي لم تكن مجرد راقصة أو فنانة متمكنة فقط، بل تخطت كل هذا بكثير، حتى أصبحت امرأة لها شخصية يحترمها الملوك والرؤساء، فـ لها قصة تروى مع الجميع وفى كل العهود منذ الملك فاروق وحتى حسنى مبارك مرورا بعبدالناصر والسادات، إنها الراقصة والفنانة تحية كاريوكا.

ووفقًا لتقارير إخبارية فقد قامت ثورة ٢٣ يوليو ١٩٥٢ وقالت تحية كاريوكا جملتها الشهيرة: "ذهب فاروق وهايِجي بعده فواريق" وهي العبارة التي دفعت ثمنها مائة يوم حبسًا في سجن الإستئناف بعد أن اتهمت مع زوجها مصطفى كمال صدقي بالإنخراط في تنظيم سياسي يساري معادٍ للثورة، وعندما تردَّد إليها المخرج حلمي رفلة لزيارتها ألقي القبض عليه.

وهي في السجن أطلقت على نفسها لقب "عباس" وهو اسم حركي كان يناديها به زوارها، ومثلما ثارت خارج الأسوار، أعلنت الغضب بداخل السجن ضد التعذيب والأشغال الشاقة، فقد عُرف عنها تماسكها وشجاعتها في مواجهة فترة السجن فقامت في سجن النساء بنشاطٍ لمحو الأمية، كما أنها لعبت دورًا سياسيًا بارزًا حيث أُلقي القبض عليها أكثر من مرة بسبب نشاطها السياسي السري، فقد كانت قريبة من المثقفين والسياسيين المعارضين والكتاب اليساريين، بل إنّها انخرطت في الحركة الديمقراطية للتحرر الوطني.

وذات يوم ذهبت خادمتها مع المخرج حلمي رفلة، الذي كان قد انتهى من مونتاج آخر أفلامهما معًا "عاشق الروح" وكان بصحبته الطبال الخاص بها "سيد كراوية" فألقي ضباط السجن القبض عليهم وهم يقفون في الشارع المواجه لنافذة زنزانتها ويتحدثون إليها وكانت التهمة الإتصال بإحدى السجينات من دون تصريح من إدارة السجن، وتم حجز المخرج حلمي رفلة والطبال سيد كراوية، والخادمة سيدة، لمدة ٢٤ ساعة، وعند تقديمهم للمحكمة حكمت على كل منهم بغرامة قدرها جنيه.

وفي اليوم التالي نشرت الصحف الخبر: "المحكمة تبرئ حلمي رفلة من تهمة محاولة تهريب الفنانة تحية كاريوكا من سجن الاستئناف"، وعندما قرأ جمال عبد الناصر الخبر في الصحف، فسأل عن سبب احتجاز تحية كاريوكا وتهمتها، وعندما علم بأمر ما هو منسوب إليها، أمر بالإفراج عنها فورًا، وخرجت مبرأة من تهمة التآمر لقلب نظام الحكم بعد ثلاثة أشهر أمضتها وسط السجينات بأحكام مختلفة وتهم متباينة، وعلى الرغم من تماسك تحية وإصرارها على العيش بكرامة وعدم انكسار حتى داخل السجن، إلا أن التجربة كانت قاسية وشاقة على نفسها.

ولدت الفنانة تحية كاريوكا في عام ١٩١٩، وظهرت موهبة الرقص لديها وهي في سن صغير حيث أنها تعرفت على بديعة مصابني التي اكتشفت موهبتها وقررت أن تضمها إلى فرقتها وأدخلتها بعد ذلك في مجال السينما والمسرح، وسميت بإسم كاريوكا نظرًا لأنها قدمت رقصة الكاريوكا في مرة من مرات عروض سليمان نجيب.

تزوجت الفنانة تحية كاريوكا عدة مرات، وكان زوجها في المرة الأولى هو انطوان عيسى ابن شقيقة الراقصة بديعة مصابني، وبعده تزوجت من محمد سلطان باشا أحد أثرياء مصر وبعدما انفصلت عنه تزوجت من الضابط الأمريكي ليفي الذي أعلن إسلامه بعد أن تزوجها ولكن لم يكتب لهذا الزواج النجاح.

وفي المرة الرابعة تزوجت من المخرج فطين عبد الوهاب، ثم تزوجت من أحمد سالم الفلسطيني ولكنها تركته نظرًا للإشاعات التي دارت بينه وبين المطربة والفنانة أسمهان، وفي المرة السادسة تزوجت من الطيار الخاص للملك فاروق، وبعد ذلك تزوجت من الفنان رشدي أباظة ثم المطرب محرم فؤاد، وأخر زواج لها كان من المخرج حسن عبد السلام حتى أن توفيت في ٢٠ سبتمبر عام ١٩٩٩.

كما اشتهرت بمواقفها السياسية الجريئة التي بدأت بتوبيخها للملك فاروق عندما زارها بأوبرج الهرم، وبعد انتهائها من رقصتها توجهت إلي الملك، وقالت له بطريقة ساخرة: "مكانك مش هنا يا جلالة الملك.. مكانك في القصر"، منا أثار دهشة واستغراب الحضور.

تم نسخ الرابط