أنشأ جمعية لمواجهة الاحتلال..ودعى للحرية في ثورة 1919..واحتفل بنجاة سعد زغلول من الاغتيال..ونادى بحقوق المرأة..حكايات وطنية لأمير الشعراء أحمد شوقي

الموجز

كان للشاعر أحمد شوقي كتابات في حوادث ومواقف وطنية كثيرة، مثل حادثة دنشواي، ورثاءه لمصطفى كامل ولمحمد فريد، وكتب قصائد كانت تفيض وطنية وحنينا للوطن وهو في منفاه، حيث يمتاز شعر شوقي بقوة البيان وروعة الموسيقى الشعرية، وسعة الأفق، والتعمق في استيعاب الحوادث التاريخية، قديمها وحديثها، وهو أغزر الشعراء مادة وأوسعهم انتاجا في القصائد الوطنية، ولقد ظل يستلهم هذه الروح طوال حياته، بل إن حسه الوطني كان أعلى في شيخوخته، وقد يكون السبب في ذلك تجرده من الاتصال بالقصر بعد نفيه وعودته لمصر.

وبلغت ذروة هذه القصائد مع عودته لمصر عقب اندلاع أحداث ثورة 1919، فتجده يحث الشعب على الحرية ويدعوهم للثورة على الاحتلال، ويمتدح السجناء السياسيين الذين لفقت لهم التهم ظلما، ويحاول أن يخلق نشيدا وطنيا لمصر، ويشيد بالصحافة الوطنية، ويحتفل بنجاح الثورة في إقرار الدستور والانتخابات، ويحتفل بنجاة زعيمها بعد محاوة اغتياله، فتجد أن أمير الشعراء قد أرخ لفترة أوائل العشيرينيات من القرن الماضي بكل حوادثها، وانتصارات وانكسارات الأمة المصرية، فكتب قصيدة بعنوان «الحرية الحمراء» يمجد فيها الثورة ويشير إلى أن منفاه منعه من المشاركة فيها، ودعى إلى التضحية وهاجم الاستعمار.

وكتب شوقي عن مشروع ملنر، والذي كان ممن عارضوه الدكتور عبد الحميد أبو هيف، فلما توفي سنة 1926 رثاه شوقي في قصيدة أشار فيها إلى هذه المعارضة وأيدها، وكتب في سنة 1922 يبشر بحكم الشعوب وزوال حكم الفرد.

وفى عام 1926 تمت مبايعة أمير الشعراء أحمد شوقى، خلال مهرجان أقيم فى القاهرة، شارك فيه شعراء من لبنان والعراق وسوريا وفلسطين والحجاز واليمن، وقال حافظ إبراهيم يخاطب شوقى: "أمير القوافى قد أتيتُ مبايعًا وهذى وفود الشرق قد بايعت معى"، وكان من ضمن الشعراء المبايعين خليل مطران، وحافظ إبراهيم، وأمين نخلة، وشبلى ملاط.

فى كتاب "زعماء وفنانون وأدباء" تحدث كامل الشناوى، وهو واحد من كبار شعراء مصر فى القرن العشرين، عن هذه المبايعة، التى أحيطت بها ضجة، لم تمنع كثيرين من استنكارها مع اعترافهم بمكانة أحمد شوقى وشاعريته الفذة، وقد أعدت جريدة السياسة الأسبوعية عددًا خاصًّا عن أحمد شوقى، امتلأت صفحاته بحملات شديدة تناولت شعر أحمد شوقى، وتصرفاته، وأخلاقه، وصدر العدد فى أيام المهرجان.

ويشير كامل الشناوى، على سبيل المثال إلى أن الشاعر محمد الهراوى غضب لأن لجنة المهرجان تجاهلته ولم تدعه لإلقاء قصيدة، وكان من المعجبين بأمير الشعراء أحمد شوقى، فثار عليه.

ويقول كامل الشناوى: "وهكذا تمت مبايعة شوقى أميرًا للشعراء أو ملكًا أو رئيس جمهورية فى جو مشحون بالحب والبغضاء، والرضا والغضب، وقد فرح أحمد شوقى بهذه المبايعة، فمن عيوبه أنه كان مولعًا بالقشور، يحب الثناء ويخاف من النقد، ويستهويه إطراء شعره، وتلقيبه بأمير الشعراء، ومناداته بيا «باشا»، وهى عيوب بيضاء، قد تنال منه كإنسان، ولكنها لن تنال منه كشاعر عظيم عبقرى.

ولد أحمد شوقي بحي الحنفي بالقاهرة في 20 رجب 1287 الموافق 16 أكتوبر 1868، لأب شركسي وأم يونانية تركية، وفي مصادر أخرى يذكر أن أباه كردي وأمه من أصول تركية وشركسية، وبعض المصادر تقول إن جدته لأبيه شركسية وجدته لأمه يونانية.

وكانت جدته لأمه تعمل وصيفة في قصر الخديوي إسماعيل، وعلى جانب من الغنى والثراء، فتكفلت بتربية حفيدها ونشأ معها في القصر، ولما بلغ الرابعة من عمره التحق بكُتّاب الشيخ صالح، فحفظ قدرًا من القرآن وتعلّم مبادئ القراءة والكتابة، ثم التحق بمدرسة المبتديان الابتدائية، وأظهر فيها نبوغًا واضحًا كوفئ عليه بإعفائه من مصروفات المدرسة، وانكب على دواوين كبار الشعراء حفظًا، فبدأ الشعر يجري على لسانه.

وعندما بلغ سن الخامسة عشرة التحق بمدرسة الحقوق، وانتسب إلى قسم الترجمة الذي كان قد أنشئ بها حديثًا، وفي هذه الفترة بدأت موهبته الشعرية تلفت نظر أستاذه الشيخ محمد البسيوني، ورأى فيه مشروع شاعر كبير.

بعد ذلك سافر إلى فرنسا على نفقة الخديوي توفيق، وقد حسمت تلك الرحلة الدراسية الأولى منطلقات شوقي الفكرية والإبداعية، وخلالها اشترك مع زملاء البعثة في تكوين (جمعية التقدم المصري)، التي كانت أحد أشكال العمل الوطني ضد الاحتلال الإنجليزي، وربطته حينئذ صداقة حميمة بالزعيم مصطفى كامل، وتفتح على مشروعات النهضة المصرية.

لشوقي الريادة في النهضة الأدبية والفنية والسياسية والاجتماعية والمسرحية التي مرت بها مصر، لقد كان الشاعر يملك نصيبًا كبيرًا من الثقافتين العربية والغربية، كما أفادته سفراته إلى مدن الشرق والغرب.

وكان شوقي مؤيدا ونصيرا لنهضة المرأة، فألقى قصيدة عام 1924 في جمع حافل من السيدات المصريات بمسرح حديقة الأزبكية، وبجعل عنوانها في ديوانه «مصر تجدد مجدها بنسائها المتجددات».

وظل شوقي يتغنى بالوطنية ويغرد للمواطنين ألحان الحرية ويسمعهم أسمى معاني الإنسانية حتى أدركته الوفاة عام 1932، وظل شعره بعد وفاته وسيظل على الدوام رمزا للحكمة والحرية والخلود.

تم نسخ الرابط