أحد الستة الذين حفظوا القرآن في عهد الرسول..أعلم الأمة بالحلال والحرام .. قصة الصحابي الذي يباهي الله به الملائكة
هو أبو عبد الرحمن، وأسلم وهو ابن ثماني عشرة سنة، وشهد العقبة مع السبعين وبدرًا والمشاهد كلها مع رسول الله، وأردفه رسول الله وراءه، وبعثه إلى اليمن بعد غزوة تبوك وشيعه ماشيًا في مخرجه وهو راكب، وكان له من الولد عبد الرحمن وأم عبد الله وولد آخر لم يذكر اسمه.
إنه الصحابي الجليل معاذ بن جبل بن عمرو بن أوس رضي الله عنه، أعلم الأمة بالحلال والحرام فعن أنس قال: قال رسول الله : "أعلم أمتي بالحلال والحرام معاذ بن جبل" الامام احمد
وعن ابن غنم قال : سمعت أبا عبيدة وعبادة بن الصامت يقولان : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : معاذ بن جبل أعلم الأولين والآخرين بعد النبيين والمرسلين ، وإن الله يباهي به الملائكة" وهو حديث أخرجه الحاكم في صحيحه.
لزم معاذ بن جبل النبي منذ هجرته إلى المدينة، فأخذ عنه القرآن وتلقى شرائع الإسلام حتى صار أقرأ الصحابة لكتاب الله وأعلمهم بشرعه، وهو أحد الستة الذين حفظوا القرآن على عهد رسول الله.
عن الصُّنَابحي، عن معاذ بن جبل أنه قال: أخذ رسول الله يومًا بيدي، فقال لي: "يا معاذ، والله إني لأحبك". فقلت: بأبي أنت وأمي، والله إني لأحبك. قال: "يا معاذ، إني أوصيك، لا تدعَنَّ أن تقول دبر كل صلاة: اللهم أعنِّي على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك".
وعن عبد الله بن عمرو بن العاص ، أن معاذ بن جبل أراد سفرًا فقال: يا نبي الله، أوصني. قال: "اعبد الله لا تشرك به شيئًا". قال: يا نبي الله، زدني. قال: "إذا أسأت فأحسن". قال: يا رسول الله، زدني. قال: "استقم وليحسن خلقك".
كما كان معاذ بن جبل من قلة ممن سُمح لهم الفتيا على عهد النبي محمد، فقال سهل بن أبي حثمة: «كان الذين يفتون على عهد رسول الله ثلاثة من المهاجرين: عمر وعثمان وعلي، وثلاثة من الأنصار: أبي بن كعب ومعاذ وزيد».
كما كان لمعاذ منزلته بين صحابة النبي محمد، فعندما خطب عمر بن الخطاب الناس بالجابية، قال: «من أراد الفقه، فليأت معاذ بن جبل».
وقال عبد الله بن مسعود: «إن معاذ بن جبل، كان أُمة قانتًا لله حنيفا، ولم يك من المشركين»، كما قال أبو إدريس الخولاني: «دخلت مسجد حمص، فإذا فيه نحو من ثلاثين كهلاً من الصحابة، فإذا فيهم شاب أكحل العينين، براق الثنايا ساكت، فإذا امترى القوم، أقبلوا عليه، فسألوه، فقلت: «من هذا؟» قيل: «معاذ بن جبل». فوقعت محبته في قلبي».
وحين وقع الطاعون بالشام فاستغرقها فقال الناس ما هذا إلا الطوفان إلا أنه ليس بماء، فبلغ معاذ بن جبل فقام خطيبًا فقال: إنه قد بلغني ما تقولون وإنما هذه رحمة ربكم ودعوة نبيكم، وكموت الصالحين قبلكم، ولكن خافوا ما هو أشد من ذلك أن يغدو الرجل منكم من منزله لا يدري أمؤمن هو أو منافق، وخافوا إمارة الصبيان.
وعن عبد الله بن رافع قال لما أصيب أبو عبيدة بن الجراح في طاعون عمواس استخلف على الناس معاذ بن جبل واشتد الوجع فقال الناس لمعاذ بن جبل ادع الله أن يرفع عنا هذا الرجز فقال: إنه ليس برجز ولكنه دعوة نبيكم، وموت الصالحين قبلكم وشهادة يختص الله بها من يشاء من عباده منكم، أيها الناس أربع خلال من استطاع منكم أن لا يدركه شيء منها فلا يدركه شيء منها، قالوا: وما هن قال: يأتي زمان يظهر فيه الباطل ويصبح الرجل على دين ويمسي على آخر، ويقول الرجل والله لا أدري علام أنا؟ لا يعيش على بصيرة ولا يموت على بصيرة، ويعطى الرجل من المال مال الله على أن يتكلم بكلام الزور الذي يسخط الله، اللهم آت آل معاذ نصيبهم الأوفى من هذه الرحمة، فطعن ابناه فقال: كيف تجدانكما؟ قالا: يا أبانا {الحق من ربك فلا تكونن من الممترين} قال: وأنا ستجداني إن شاء الله من الصابرين، ثم طعنت امرأتاه فهلكتا وطعن هو في إبهامه فجعل يمسها بفيه ويقول: اللهم إنها صغيرة فبارك فيها فإنك تبارك في الصغيرة حتى هلك.
واتفق أهل التاريخ أن معاذ بن جبل مات في طاعون عمواس بناحية الأردن من الشام سنة ثماني عشرة، واختلفوا في عمره على قولين: أحدهما: ثمان وثلاثون سنة، والثاني: ثلاث وثلاثون.