حكاية الأغنية التي سجلها عبدالوهاب بشكل خاص ليسمعها عبد الناصر

في حوار نادر مع موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب، بعد رحيل الرئيس جمال عبد الناصر، قال إن «عبد الناصر كان يحب من الأغاني الخاصة بي قصيدة عزيز أباظة، يامنية النفس ما نفسي يناجيه، وقد عصفت بها نايًا وهجرانًا» ومن الأغاني الحديثة كان يحب أغنية «ومرت الأيام».

وأضاف «عبد الوهاب»: «كان ناصر يحب طابع الرصانة في الأغاني، أو بمعنى آخر كان يحب الأغاني الرصينة، ويقول إنها الاختبار الحقيقي لقدرة الفنان، وأذكر أنني سجلت له أغنية «مرت الأيام» تسجيلًا خاصا له يسمعه بنفسه».

وتابع :«كنت أستلهم أناشيدي وألحاني من حبي له، وكان هذا أكبر ينبوع فياض، ولهذا لم أكن أتعثر فيه أو أتلكأ، إن ما لحنته عن عبد الناصر كان من أسرع ما أصنع من ألحان، ولن أنسى نشيد «حبيب الكل يا ناصر» إن الجماهير التي تهتف له في كل العواصم العربية هي التي وضعت له هذا اللحن، فقد سمعتها تهتف له «كلنا بنحبك يا ناصر.. هنفضل جمبك يا ناصر» فلما لحنته لم أكن إلا مترجما لشعب يحب قائده ويلحن له الهتاف على كل طريق».

كانت موهبة الفنان الراحل أشبة بطائر متعدد الأجنحة فهو مؤلف وملحن وممثل سينمائي، وفي كل اتجاه ذهب إليه حقق نجاحا كبيرا ولم يكن حضوره باهتا، إذ يضم أرشيف موسيقار الأجيال الفني 7 أفلام فقط وهي "الوردة البيضاء، دموع الحب، يحيا الحب، يوم سعيد، ممنوع الحب، رصاصة في القلب، لست ملاكا، غزل البنات".

لحن محمد عبد الوهاب جميع أغانيه وتعاون مع كل النجوم البارزين في عصره وعلى رأسهم كوكب الشرق أم كلثوم الذي لحن لها 10 أغنيات أبرزها "فكروني، أنت عمري، دارت الأيام، أغدا ألقاك".

تعاون عبدالوهاب مع العندليب الأسمر عبدالحليم حافظ وأسمهان ووردة وفايزة أحمد وفيروز وطلال مداح، وكانت ألحانة أيقونة نجاح لكل من تعاون معهم.

كانت شخصية موسيقار الأجيال قوية ومؤثرة، وفي مقابلة تليفزيونية مع الإعلامية الراحلة ليلى رستم خلال برنامجها الشهير في ذلك الوقت "نجوم على الأرض" كشف محمد عبدالوهاب عن أن الفنان أناني بطبعه ويحتاج إلى امرأة عاقلة كي تحميه من نفسه، وقال أيضا إن المرأة كانت سببا كبيرا من إلهامه وعشقه للجمال.

ومن الطرائف التي يعترف بها موسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب عن نفسه، أنه كان يخاف أشياء غريبة، فهو كان يخاف من الطائرة وفضّل التنقل بحرا بالسفن، لأنه يخشى الطيران، وبرر ذلك بقوله: "الطائرة تفقده حريته ويتم ربطه في مقعد الطائرة وكأنه حقيبة يتم شحنها فقط".

محمد عبدالوهاب ذكر أيضا أنه يخاف من الحسد، وحين يشعر بعدم الارتياح تجاه حديث شخص ما فإنه "يمسك الخشب فورا"، عملا بالمثل الشعبي السائد في مصر قديما، كما أنه أعلن أنه يتفاءل بيوم الإثنين و يكره يوم الأربعاء.

رحل موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب عن عالمنا في 4 مايو 1991 أثر إصابته بخلطة في المخ، وفي رصيده مئات الألحان وملايين الجماهير في الوطن العربي.