ما لا تعرفه عن حكاية الملكة بلقيس مع سيدنا سليمان

الموجز

ستبقى قصة بلقيس، فيها الدليل على الملك الذى تمتع به سيدنا سليمان عليه السلام، وستظل هى القصة التى كشف تفاصيلها الهدهد الذى غاب عن جلسة سليمان، كما أن الإتيان بملك بلقيس إلى مكان وجود سليمان، أظهر أن العلم والإيمان بالله والثبات، يحقق المحال، هذه الأمور هى التى يمكن لمن يطالع قصة بلقيس الخلاص بها، ونعرض خلال السطور التالية بعض تفاصيلها .

تكشف الروايات التى تناقلتها صفحات التاريخ، أن بلقيس، ملكة حكمت مملكة سبأ «اليمن»، خلال القرن العاشر قبل الميلاد، وجاءت هدايتها وإسلامها على يد النبي سليمان بن داود، الذي سخر الله له الرياح وجعل الطير تسبح معه ووهب الله له ملكاً لم يكن لأحد من بعده، بينما كانت بلقيس وقومها من الكفار، فكانوا يسجدون للشمس، وقرأت على كبار قومها رسالة سليمان التي حضر إليها بها الهدهد الذي أخبر سليمان، بكفرها وقومها، وهو ما يوثقه القرآن الكريم فى قوله تعالى : «أَحَطْتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ * إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ * وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ»، «سورة النمل: الآيات 22 - 24»، وما كان من ملكة سبأ إلا أن وصفت كتاب سليمان، بالكريم، وذلك على الرغم من أنه طالبها وقومها أن يأتوه مسلمين، فطرحت علي أعاظم قومها الرسالة وجلست تستفتيهم فى الأمر، وهى الواقعة التى وثقها القرآن العظيم بقوله تعالى : «قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنْتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّى تَشْهَدُونِ»، «سورة النمل: الآية 32»، فأخبروها بجاهزيتهم بقوتهم، وفوضوها فى القرار، لما يدركونه عنها من حكة وحنكة وسياسة، وهو ما تم توثيقه فى القرآن الكريم بقوله تعالى : «قَالُوا نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانْظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ»، «سورة النمل: الآية 33».

فما كان من بلقيس إلا وأن قومها باستكشاف نوايا سليمان عن طريق إرسال هدية إليه، وأخبرتهم بأنه لو كان ملكا فسيرضي بالهدية، أما إن كان نبيا فلن يرضى إلا بالتدين بدينه وهو ما تم توثيقه فى كتاب الله بقوله تعالى: «وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ»، «سورة النمل: الآية 35».

وعلم سليمان أن بلقيس، أرسلت رجالها ليدركوا قوته الحقيقية، فقام سليمان، بحشد جيوشه، فأثار عددهم دهشة رسل بلقيس، وتيقنوا أن ثراءهم لا يجدى ولا يمكن مقارنته بملك سليمان، وقدَّموا له هدية بلقيس، على استحياء شديد، فصرف سليمان الرسل بعد تهديدهم، وعادوا إليها وأخبروها بقوة سليمان، ونصحوها بضرورة زيارته بنفسها، ولما أدرك سليمان أنها في الطريق إليه تسيطر على قلبها الرهبة والخوف، وتأمَّل عرشها، وسأل جنوده أيكم يأتينى بعرشها، وهى القصة الشهيرة التى وثقها القرآن الكريم بقوله :
« قَالَ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَن يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ (38)، قَالَ عِفْرِيتٌ مِّنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن تَقُومَ مِن مَّقَامِكَ ۖ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ (39)، قَالَ الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ ۚ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِندَهُ قَالَ هَٰذَا مِن فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ ۖ وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ ۖ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ (40)»، فلما حضرت أفزعها المشهد ونظرت إلى عرشها، فى خوف وحيرة وظلت تتساءل كيف سبقى عرشى إلى هنا، وما هى القدرة التى جاءت به إلى هنا؟، ففاجئها سليمان بقوله «أَهَكَذَا عَرْشُكِ؟»، فأجابته بعد حيرة شديدة : «كَأَنَّهُ هُوَ»، ودخلت بلقيس صرحها الذى كانت أرضيته زجاجية يجرى من تحتها الماء فظنت أنه ماء، فكشفت عن ساقيها بحركة لا إرادية، وهى ما وثقته كلمات القرآن الكريم فى قوله تعالى : «قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَن سَاقَيْهَا قَالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُّمَرَّدٌ مِّن قَوَارِيرَ»، فلما أدركت حجم عطايا رب البرية لسليمان، أسلمت للَّه طوعًا وهو ما جاء فى كتاب الله بقوله تعالى : «قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ».

تم نسخ الرابط