تطوع لتوصيل زميله بعد تعطل سيارته فتعاقد علي أولي بطولاته السينمائية.. شهامة وحش الشاشة فريد شوقي وراء شهرته
يرغب الجمهور دائمًا في الإطلاع علي حياة نجومهم المفضلين، خاصة حياة نجوم الزمن الجميل التي كان يملأها البساطة والجمال والتلقائية، فهناك الكثير من المواقف الطريفة والكوميدية التى حدثت معهم بعيدًا عن عيون جمهورهم لكنهم ظلوا يتحدثون عنها في حوراتهم النادرة.
وفى عام ١٩٥٧ أجرت إحدي المجلات تحقيقًا تحت عنوان "قصص من كتاب الحظ"، تحدث فيه عدد من نجوم الزمن الجميل عن دور الحظ فى حياتهم وكيف لعبت الصدفة دورها فى بداية مشوارهم ووضعتهم على أول طريق الفن.
وكان من بين هؤلاء النجوم الفنان القدير فريد شوقي الذى تحدث عن الصدفة التى وضعته على أول طريق الفن، وقال ملك الترسو أنه عندما التحق بمعهد التمثيل لم يخطر بباله أن يكون من نجوم السينما المعروفين، ولكن كان هدفه أن يستزيد من الثقافة المسرحية التى تفيده كهاو من هواة المسرح.
وأشار شوقى إلى أنه كان يمتلك خلال هذه الفترة سيارة متواضعة وكان له زميل اختير للمشاركة فى أحد الأفلام، وقال وحش الشاشة متحدثًا عن الصدفة التى غيرت مساره قائلًا :"ذات يوم وكانت الدراسة فى المعهد تبدأ فى المساء تعطل الزميل عن الذهاب للإستديو بعد انتهاء الدراسة فتطوعت لتوصيله بسيارتى إلى الأستديو فى شارع الهرم، ولما ذهبت إلى هناك التقييت بمنتجة الفيلم وما كادت ترانى حتى قالت :"هوه ده".
وتابع وحش الشاشة :"لم أفهم معنى هذه الكلمة ولكن فوجئت بشخص يستدعينى لمقابلتها فى مكتبها، وذهبت إليها فأجلستنى أمامها وراحت تنظر إلى نظرات غريبة، وبعد ذلك خرجت من عندها وأنا أحمل عقد بطولة الفيلم، فقد كانوا يبحثون عن بطل حتى عثروا على"، وهكذا فتحت أبواب الشهرة والنجومية لوحش الشاشة بسبب تأخير زميله وتطوعه بتوصيله إلى الاستديو.
ولد الفنان فريد شوقي في حي البغالة بالقاهرة في ٣٠ يونيو عام ١٩٢٠، وأصله تركي نسبة لأبيه ووالدته مصرية، وقد نشأ شوقي في حي الحلمية الجديدة حيث اجتمعت أسرته فيها، وأنتج الأفلام السينمائية المصرية وكتب السيناريو والحوار لأكثر من أربعمائة فيلم، وقد عمل في مجال الفن لمدة امتدت لأكثر من خمسين عامًا.
عمل وحش الشاشة، مع الكثير من المنتجين والمخرجين في مجال السينما والتلفزيون والمسرح، وبدأ أول عمل له مع المخرج يوسف وهبي، في فيلم "ملاك الرحمة" وذلك في عام ١٩٤٦، ثم توالت عليه الأعمال الفنية فقام بدور البطولة في فيلمه الثاني "ملائكة في جهنم" للمخرج حسن الإمام، عام ١٩٤٧، ثم بدأ يغير طريقة انتقائه للأدوار بحيث يبتعد عن أدوار الشر وكان ذلك في بداية الخمسينات.
وأستطاع شوقي منذ هذه الفترة أن يتنوع في أدواره حيث لعب دور الشرير بفيلمه "قلبي دليلي" للمخرج أنور وجدي، وفيلمه "اللعب بالنار" من إخراج عمر جميعي، ثم لعب دور البطل المدافع عن الخير ومواجهة الأشرار بفيلمه "جعلوني مجرمًا" من إخراج عاطف سالم، وكان العمل من تأليفه، كما شارك نجيب محفوظ في كتابة السيناريو والحوار فيه.
حلق الفنان فريد شوقي في سماء النجومية بين المسرح والسينما والدراما حيث شارك في أكثر من ٣٢٠ فيلم سينمائي، وأشترك بأكثر من ثمانية عشر مسرحية، كما أشترك بأكثر من اثني عشر مسلسل تليفزيوني.
والمرأة لعبت دورًا كبير في حياة ملك الترسو، فتزوج خمس مرات، حيث بدأت علاقتة مع النساء من خلال جارته التي خطفت قلبه في بداية عمره، قبل أن يبدأ العمل في المجال الفني، لكنه لم يتزوجها، ثم تزوج من ممثلة هاوية وكانت المرة الأولي له، ثم من محامية ولكنهما انفصلا.
بعد ذلك قابل شوقي زينب عبدالهادي في المعهد الفني، فطلب يدها للزواج، لكن زكي طليمات رفض فكرة زواج الطلبة والطالبات، حتى لا يؤثر على الوضع الدراسي في المعهد، لم يستمر هذا الزواج طويلاً، فعندما وجد شوقي أن الوظيفة الحكومية في مصلحة الأملاك تعيق تقدمه الفني، حاول أن يقدم استقالته حتى يتفرغ للسينما، لكن زوجته رفضت الفكرة، فوضعته في مأزق الاختيار الصعب "أما أن يبقى موظفًا، وإما أن يستقيل منها فيخسر زوجته"، فاختار الفن وطلق زوجته.
بعد فترة تعرف وحش الشاشة على الراقصة سنية شوقي التي طاردته في كل مكان، وأوقعته في حبائل الحب والزواج، والغيرة المدمرة، ولم يستطع التخلص منها إلا بناء على نصيحة أبوية صادقة من أستاذه يوسف وهبي، بضرورة الابتعاد عنها، خوفًا على مستقبله الفني.
وبعد قدومها من طنطا إلى دنيا الفن بالقاهرة، التقى شوقي بهدى سلطان، وتعرف عليها وتزوجها، إلا أن ذلك الزواج لم يستمر، فبعد ٢٠ عامًا طالبت هدى الطلاق وكان شوقي يرفض، إلا أنها وافق في النهاية بعد تراكم الأزمات.
وتمر الأيام ويلتقي بشريكة حياته الأخيرة سهير ترك المعجبة بأفلامه في البداية، والتي أصبحت زوجته، وتحولت من مجرد معجبة إلى امرأة تعرف كيف تسعد زوجها، فهي التي أخرجته من أحزانه وأعادت إليه الثقة بنفسه وبفنه، وشاركته حياته حتى مماته، وأنجبت له عبير ورانيا.
وخلال مسيرته الفنية حصد العديد من الجوائز والتكريمات حيث نال جائزة وسام الفنون الذي تم تسليمه إياها من قبل الرئيس المصري جمال عبد الناصر ونال أكثر من اثنين وتسعين جائزة، وتوفي الفنان فريد شوقي لتعرضه لإلتهاب رئوي حاد لازمه لمدة تتجاوز العامين وكان السبب لمرضه هو تدخين السجائر بكثرة وذلك قبل إصابته بالمرض وتوفي على إثرها عن عمر ناهز السبعة وسبعين عامًا في ٢٧ يونيو عام ١٩٩٨.