كلمة السر في حرب أكتوبر .. مواقف وحكايات محفوظة على الأراضي الطاهرة لـ«بدو سيناء»
جميعنا ندرك جيدًا أن حرب أكتوبر سجلت العديد من المواقف والبطولات للشعب المصري بكافة أطيافه، ومن هذه البطولات التى تدعو للفخر الدائم على مر التاريخ ما سجلته الشاشات أو الكتب، والمحفوظة على أراضي سيناء الطاهرة، والتى من أبرزها «بدو سيناء»، فهم على هذه الأرض يعدون بمثابة كتاب للتاريخ، لأنهم كانوا كلمة السر في حرب أكتوبر.
ولهذا نستعرض معكم اليوم بمناسبة احتفالات الشعب المصري بحرب أكتوبر المجيدة، مواقف وحكايات محفوظة على الأراضي الطاهرة لـ«بدو سيناء»:
= كان أبرزها بعد نكسة 1967 .. وبالتحديد عام 1968، الذى شهد الاجتماع بين جولد مائير بشيوخ وعواقل القبائل البدوية، وأغدقت عليهم بالأموال والهدايا الفخمة الغالية الثمن، وذلك لتحقيق هدف العدو الصهيوني بالماداة بقيام دولة سيناء والاستقلال عن جمهورية مصر العربية، وفي سبيل هذا المخطط قامت إسرائيل بحشد كل طاقتها لتستميل شيوخ وبدو سيناء، حتى أن الاجتماع جمع جولدا مائير وموشيه ديان.
ولكن كانت المفاجأة.. حيث كان نتيجة الاجتماع إبلاغ شيوخ القبائل بالمخطط للسلطات المصرية، وبعدها قامت المخابرات بنسج خطة لمجاراة العدو الصهيوني وذلك لخداعهم، في سبيل ذلك تتمكن الحكومة المصرية برصد تحركات العدو الصهيوني الدولية واتصالاته، حتى أن الرئاسة المصرية علمت في هذا التوقيت أن أمريكا وحلفائها كانت جاهزة لدعم القضية في حال الموافقة عليها من شيوخ القبائل والبدو وذلك في مؤتمر عام يراه العالم كله.
وكان من أبرز شيوخ القبائل المشاركين في ذلك التوقيت هو الشيخ سالم الهرش، وشيخ قبيلة الترابين، وشيخ قبيلة السواركة، وقد أعدت إسرائيل عدتها وحشد مؤتمر عالمي يحضره جميع القيادات الدولية البارزه واختاروا مدينة الحسنة بمحافظة سيناء مقر للمؤتمر العالمي وتوافد إليه القيادات الدولية بالجو، وبالفعل في الموعد المحدد والعيون كلها تنتظر الشيخ سالم الهرش من قبيلة البياضية والمفوض من القبائل للتحدث باسمهم.
وعلى الفور، قام شيخ المشايخ السيناوية بالصعود على منبره في انتظار من العدو الصهيوني بإعلانه أن سيناء دولة مستقلة، إلا أن الشيخ سالم الهرش صدح بها مدوية: «أؤكد لكم أن سيناء مصرية وستظل بنت مصرية 100% ولا يملك الحديث فيها إلا الزعيم جمال عبد الناصر وكانت الصاعقة التي نزلت على الوجوه الصهيونية وما كان من موشى ديان إلا أن أطاح بالمنصة وما عليها ليعود إلى بلده “وقفاه يقمر عيش».
وبذلك صفع الشيخ سالم الهرش وجميع القبائل البدوية العدو الصهيوني على وجهه، كما أنهم ألقوا في وجوه العدو الجنسيات الإسرائيلية التي أخرجوها لهم، ليسجل التاريخ ما قام به قبائل البدو في عزة وشموخ.
= الموقف التالي، كان لـ حسن علي خلف من شباب الشيخ زويد.. الذى عرف بـ«النمر الأسود»، وهو من بدو سيناء، حيث كان هذا الشاب يدرس بالصف الثاني الثانوي وقت النكسة، ولكن في خضم هذه الحرب كانت تعيش منطقة الشيخ زويد حالة من الدمار ودك العدوان لها بالمدافع والطيران، وكان بها مجازر حقيقية تمثل أكبر قضية من قضايا جرائم الحرب العالمية.
وكان النمر الأسود قد شاهد هذه الجرائم أمام عينه، فلم يستكن ولم يهدأ له بال، ولعلم أبيه أن ابنه لديه حمية وغيرة على وطنة أرسله إلى البر الغربي من بورسعيد بعيدا عن المعمعة والمعارك اليومية، فوافق النمر الأسود على مقترح أبيه وذلك لتحقيق هدفه، وهو الانضمام إلى منظمة تحرير سيناء، وبالفعل التحق بها، وبعد تدريبه قام الانطلاق إلى سيناء، ومنفذا أول خطة له وهي تنفيذ عملية خلف خطوط العدو.
هذا وتوالت بعد ذلك العمليات التي أرهقت العدو الصهيوني، إلى أن وصلت عملياته إلى قيادة الجيش الإسرائيلي بنفسه، حيث قام النمر الأسود بضرب القيادة المركزية للعدو الصهيوني المتواجدة بالعريش، وتم استهدافهم بصواريخ الكاتيوشا فأطلق عليهم 12 صاروخ، وبعد هذه العملية بشهر تقريبا قام بتنفيذ عملية في مطار تمادا الصهيوني ولكنه تم القبض عليه، وتعذيبة بقسوة والحكم عليه بالسجن لمدة 149، إلا أن الحكومة المصرية بعد 4 سنوات تواصلت مع الاحتلال للإفراج عنه في صفقة تبادل الأسرى.
= وهناك أيضًا المندوب عودة صباح لويمي.. وهو رجل من بدو سيناء، وكان يسكن في منطقة العمر بوسط سيناء، وهو صاحب أول بلاغ للحكومة المصرية باستعداد العدو الصهيوني للدخول وعبور قناة السويس، وذلك عام 1972، وكان وقتها يقوم العدو بالتحضير والتدريب والتجهيز للعبور المائي بمنطقة سد الروافع، وبالفعل قام بإرسال صور للمحدات الاسرائيلية، وبعدها بفترة تم الابلاغ رسميا بعبور الجيش الصهيوني قناة السويس في دفر سوار.
= وأيضًا موسى رويشد.. شاب من شباب البدو الذين سطروا ملاحم عظيمة وكبيرة، حيث أن المجاهد موسي رويشد هو شاب تخصص في زرع الألغام خلف خطوط العدو فاصطاد العديد من المدرعات والعربات التابعة للعدو الصهيوني، وذاع سيطه بين جنود إسرائيل مما سبب لهم الذعر فكانوا يهابونه على ذكر السيرة، حتى بدأت المخابرات الصهيونية بالبحث عنه ووضع مكافأة لمن يدل عليه وذلك لما سببه من خسائر كبيرة.
= ولن ننسى أيضًا «الهدهد السيناوي» خالد عرابي.. فهو ليس طائر الهدهد بالفعل، ولكنه لقب للمجاهد البطل الذي حارت فيه عقول الصهاينة وتعقدت فيه الحيل، ذلك الرجل البدوي المجاهد هو خالد عرابي من أنشط مندوبي المخابرات الحربية المصرية، وهو البدوي الذي حقا استطاع أن يفقد العدو توازنه ويفقده الثقة في نفسه، حتى أن المخابرات الصهيونية أعلنت رسميا عجزها الكامل أمام ذلك الرجل البدوي الذي تلقى دورة تدريبة عن التخابر في القاهرة.
وقد كلف المجاهد الهدهد بتنفيذ العديد من الخطط خلف خط العدو، وكان يقوم بها على أكمل وجه من تصوير وجمع معلومات وإرسالها للجيس المصري، وبعد أن عرف الجيش الإسرائيلي أنه مفضوح أمام الجيش المصري بسبب ذلك الرجل رصد العدو آلاف الدولارت مكافأة لمن يرشد عنه، وليس هذا وحسب بل قال عنه المعي العام العسكري الإسرائيلي بأنه وشبكته من أخطر شبكات الجاسوسية التي كشفت إسرائيل عنها وذلك أثناء محاكمته أمام المحكمة العسكرية الإسرائيلية والتي حكمت عليه بالسجن لمدة 39 سنة.
وكانت قد نشرت قصته في كتاب المخابرات السرية العربية للكاتب الإسرائيلي ياكوف كاروز، زقد تم القبض عليها في عملية عنيفة قاموا فيها باطلاق النار بكثافة والطيران، وتم تعذيبة ولكن الرئاسة قامت بصفقة تبادل أسرى وتم إخراجه من سجون العدو، كما حصل على نوط الامتياز من الدرجة الأولى من رئيس الجمهورية.