”أبواق الصمت” .. قصة الفيلم الإسرائيلي الذي فضح تغطرس اليهود وأسباب هزيمتهم في حرب أكتوبر
تحتفل مصر هذه الأيام بالذكرى الـ 47 لانتصارات حرب أكتوبر المجيدة ويتابع المصريون الكثير من الاعمال الدرامية التى تحدثت عن فترة الحرب وحاولت الإقتراب منها لكن احداً لم يحاول مشاهدة الدراما الإسرائيلية وما نقلته حول الحرب و الهزيمة.
كيف رأى الإسرائيليون حرب أكتوبر وكيف تناولتها السينما الإسرائيلية؟ هناك العديد من الأعمال الإسرائيلية التى تناولت الحدث وتباينت في مستواها الفني.
من أشهر تلك الأفلام فيلم تم إنتاجه عام 2003 بعنوان "أبواق الصمت" الذي يروي في شكل درامى الأيام الأخيرة قبل يوم الحرب داخل هيئة الاستخبارات العسكرية، وكيفية انتقاد هذه المؤسسة ورجالها وصولاً إلى وزير الدفاع نفسه.
الفيلم أداء روث جيلر فى دور جولدا مائير وآسى ديان فى دور موشي ديان ــ نجل موشى ديان ــ و ناتان دانترفى دور إيلي زاعيرا رئيس الاستخبارات العسكرية وجيل فرانك فى دور دافيد إليعازار رئيس الأركان وإيلان تسينمان هرتزل فى دور فيكتور جاباي رئيس القسم السياسى بهيئة الاستخبارت، والفيلم من إخراج أوري أنبار.
لم ينتهج الفيلم وجة نظر واحدة للسرد وإن كان يميل إلى موقف الرائد فيكتور جاباي رئيس القسم السياسى المختص بالشأن المصرى والتابع لهيئة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، الذي كان يرى أن كل المعلومات التي اعتمدها رؤساؤه سواء من أجهزتهم التقنية أو عبر جواسيسهم متفاوتي المكانة، من ملوك عرب أو رجال قريبين من السلطة السياسية في مصر .
أشار الفيلم إلى الملك حسين الذي أكد لجولدا مائير قيام الحرب، وأشرف مروان الذي أكد يوم قيامها ولكن في السادسة مساء حتى أن القادة لم يأخذوا بها أبداً مأخذ الجد حيث تبدو ثقتهم المطلقة في عدم إمكانية قيام حرب على الجبهتين المصرية والسورية.
وهناك العديد من الدلائل، كإجازات بعض جنود الاحتياط في الجيش المصري واستعداد البعض الآخر للقيام بأداء العُمرة كلها كانت مؤشرات على استبعاد أي أمر غير معتاد.
حتى أن التحركات العسكرية هي نفسها التي يقوم بها الجيش المصري من حين لآخر ولا يريد من ذلك إلا خلق حالة من البلبلة وجمع جنود الاحتياط وتكلفة الخزانة الإسرائيلية الكثير إضافة إلى إشعال حالة القلق والتوتر بين الإسرائيليين.
كانت هذه حجج رئيس الاستخبارات العسكرية، بينما جاباي طوال الأحداث يحاول إقناعه أن تحركات الجيش المصري والسوري، على مدار أحد عشر يوماً، قبيل يوم الغفران الموافق 6 أكتوبر 1973 لم تكن جزءاً من عملية تدريبية يقوم بها الجيش المصري وإنما هي تحركات الاستعداد للحرب لكن القلق أصاب رئيسه بالفعل عندما طرد السادات الخبراء الروس في ساعات معدودة لكنه لا يريد الاعتراف أو مجرد التفكير في إمكانية قيام حرب الآن وأن ما يفعله السادات مجرد لعبة للضغط على السوفييت لا أكثر ولا أقل.
وتناوب السرد الفيلمي للأحداث ما بين قبل وقوع الحرب وبعدها حالة التخبط والقلق التي صاحبت الأيام الأخيرة قبل الحرب داخل أروقة جهاز الاستخبارات العسكرية الإسرائيلي ووزارة الدفاع الإسرائيلية ممثلة في وزيرها موشي ديان ورئيس الأركان ورئيسة الوزراء غولدا مائير فالجميع يطمئن بعضهم ولم تكن بينهم سوى أحاديث السخرية من فكرة قيام الحرب.
على الجانب الآخر تأتي أحداث ما بعد الحرب، وكل هؤلاء يجلسون أمام لجنة التحقيق والتي ترتب عليها إقالة عدد كبير من القيادات العسكرية والاستخباراتية الإسرائيلية إلى جانب إقالة غالبية السياسيين وقتها حتى أن رئيس اللجنة يعنف رئيسة الوزراء على التباطؤ في استدعاء جنود الاحتياط فهل الميزانية لا تسمح أم أنها امتنعت لتكدير صفو المواطنين الإسرائيليين استعداداً للانتخابات المقبلة لترد في انفعال أن وزير الدفاع ورئيس الأركان ورئيس الاستخبارات العسكرية كانوا يجهلون قيام الحرب، فهل ستعرف هي!.
الجميع سيموتون غداً .. هذه هي العبارة التي رددها فيكتور جاباي مساء الخامس من أكتوبر وقبل الحرب بساعات حيث لم يغادر مكتبه وظل ينظر إلى التقارير وبعض اللقطات التي تصور تحركات الجيش المصري حيث كان على يقين مما سيحدث وكأنه طوال الأحداث يحارب طواحين الهواء فلا أحد يستمع ولا أحد يهتم حتى أنه تم مجازاته ونقله من وظيفته وأمهله رئيسه حتى آخر أكتوبر 1973 ليغادر مكانه لكنهم في الواقع هم مَن غادروا أماكنهم وعار الهزيمة يلاحقهم حتى الآن ولينتهي الفيلم بفرار الجميع في الشوارع رجال ونساء وأطفال عقب صافرات الإنذار يبحثون عن مخبأ يقيهم هول الصدمة.
أنتج الفيلم عام 2003 وقد مر على حرب أكتوبر 30 عام وقد جسد بحق إرجاع أسباب الهزيمة إلى الغرور والصلف الذي أصبح عقيدة المؤسسة العسكرية الإسرائيلية بعد انتصارها في حرب الأيام الستة فوجهة النظر الإسرائيلية هنا ــ وجهة نظر صُنّاع الفيلم ــ أن هذا هو السبب الوحيد لهزيمتهم .