من أهم بطولات رجال المخابرات والقوات البحرية المصرية.. كل ما تريد معرفته عن عملية الحفار وأبطالها الحقيقيون

الحفار
الحفار

تعتبر عمليه الحفار أو كما يطلق عليها عمليه الحج حيث أنها سميت بهذا الأسم لأنها وقعت في وقت الحج من أهم العمليات الحربية التى وقعت أثناء فترة حرب الاستنزاف التى سبقت حرب أكتوبر 1973 .

جاءت فكرة العملية بعد أن أرادت اسرائيل التنقيب عن البترول في خليج السويس أثناء احتلال سيناء
حيث قرر رجال المخابرات تدمير الحفار المستخدم قبل أن يصل مصر

أشرف علي تلك العملية أمين هويدى رئيس جهاز المخابرات العامة بينما ترأس قيادة العملية أحد أكفأ ظباط المخابرات المصرية محمد نسيم (قلب الأسد) كقائد ميداني للعملية ومجموعة من الضفادع البشرية.

كانت واقعة نية اسرائيل التنقيب عن البترول فى سيناء نية سياسية لا اقتصادية وقد بعثت إلى إحدى الشركات الكندية لاستقدام أحد أكبر الحفارات فى العالم لاستخدامه فى التنقيب وهو الحفار " كينتج " .

وقد خططت اسرائيل بدقة لهذه العملية وقامت عمداً باستيراد هذا الحفار الكندى والذى تجره قاطرة هولندية وعليه بحار بريطانى لكى تعجز مصر عن ضرب الحفار بالطيران عند اقترابه من البحر الأحمر لأن مصر اذا غامرت بضرب الحفار علانية فمعنى هذا أنها استعدت عليها ثلاث دول كبري على الأقل .

ولأنها تعلم تماما أن المخابرات العامة لن تترك الحفار فقد احتاطت إسرائيل للأمر وقامت بتأمين الخطوط الملاحية للحفار القادم عبر المحيط الأطلنطى إلى رأس الرجاء الصالح ثم البحر الأحمر وقامت بانتقاء خطوط سير ملاحية بالغة السرية وغير مألوفة كما جند الموساد رجاله وأجهزته بمعاونة المخابرات المركزية الأمريكية لمصاحبة الرحلة وحماية الحفار .

وشكل محمد نسيم فريق عمل من أفضل رجال المخابرات العامة وخبراء الملاحة وضباط القوات البحرية لتبدأ عمليه الحج .

وقام نسيم بتجنيد عملاء المخابرات العامة فى الدول التى سيمر الحفار عبر سواحلها وأعطى أوامر بضرورة التفرغ لهذه العملية وقام باستقدام فريق من أكفأ رجال الضفادع البشرية التابع للبحرية المصرية حيث استقرت الخطة على زرع متفجرات شديدة التدمير فى قلب البريمة الرئيسية للحفار لابطال مفعوله وبدأت لعبة القط والفأر بين نسيم ورجال الموساد .

وفي السنغال قام نسيم باستطلاع موقع رسو الحفار واكتشف أنه يقف بجوار قاعدة بحرية فرنسية مما يصعب من عملية تفجيره وبعد وصول الضفادع بقيادة الرائد خليفة جودت فوجئ الجميع بالحفار يطلق صفارته معلنا مغادرته للميناء و كان هذا أمرا جيدا برأي السيد نسيم لأن الظروف لم تكن مواتيه لتنفيذ العملية هناك.

واضطر رجال الضفادع للعودة إلى القاهرة بينما ظل السيد نسيم في داكار وشهد فيها عيد الأضحى ثم عاد للقاهرة ليتابع تحركات الحفار الذي واصل طريقه و توقف في أبيدجان عاصمة ساحل العاج .

ومرة أخرى طار السيد نسيم إلى باريس ومعه بعض المعدات التي ستستخدم في تنفيذ العملية ليصل إلى أبيدجان مما أتاح له أن يلقي نظرة شاملة على الميناء من الجو واكتشف وجود منطقة غابات مطلة على الميناء تصلح كنقطة بداية للاختفاء و التحرك حيث لا يفصل بينها وبين الحفار سوى كيلومتر واحد.

وفور وصوله إلى أبيدجان في فجر 6 مارس 1970 علم نسيم بوجود مهرجان ضخم لاستقبال عدد من رواد الفضاء الأمريكيين الذين يزورون أفريقيا لأول مرة .
فأرسل في طلب جماعات الضفادع البشرية لاستثمار هذه الفرصة الذهبية لانشغال السلطات الوطنية بتأمين زيارة رواد الفضاء و حراستهم عن ملاحظة دخول المجموعات و توجيه الضربة للحفار الذي يقف على بعد أمتار من قصر الرئيس العاجي ليكون في ظل حمايته و بدأ وصول الأفراد من خلال عمليات تمويه دقيقة ومتقنة وبمساعدة بعض عملاء المخابرات المصرية..

وهناك فى أبيدجان الميناء الشهير لدولة ساحل العاج كان الحفار قد ألقي مراسيه بأمان للراحة وعلى الفور وبناء على الاستنتاجات المسبقة بعقله الفذ الذى أدرك أن أبيدجان هى الميناء المثالى الذى سيرسو عنده الحفار قام بحمل المتفجرات بنفسه ودار بها عبر أوروبا وساحل افريقيا الشمالى وحط رحاله فى أبيدجان ولا أحد يعرف كيف تمكن من عبور مطارات خمس أو ست دول وهو يحمل هذه المتفجرات .

وكان فريق العمل أبطال البحرية قد سلك طريقا مماثلا عبر عدة عواصم أوربية حتى أبيدجان وفى فجر يوم العملية وصل الفوج الأول من الضفادع البشرية وبينما الكل فى انتظار الفوج الثانى علم محمد نسيم من مصادره فى أبيدجان أن الحفار فى طريقه لمغادرة ساحل العاج صباح اليوم التالى ليطير عقل محمد نسيم ويتخذ قراره بتنفيذ العملية بنصف الفريق فحسب .

وكان الحل السريع أن يكتفي نسيم بزرع المتفجرات تحت البريمة الرئيسية وأحد الأعمدة فحسب بديلا عن الخطة الرئيسية بتفجير البريمة والأعمدة الثلاثة

وفى الفجر تسلل الأبطال تحت اشراف نسيم الى موقع الحفار وخلال ساعة واحدة كانت المتفجرات فى أماكنها ومضبوطة التوقيت على السابعة صباحا وخلال هذه الفترة أشرف نسيم بسرعة فائقة على سفر مجموعة العمل خارج ساحل العاج واستقبال المجموعة التى كان مقررا وصولها فى الصباح لتحط فى أبيدجان بطريقة الترانزيت وتكمل رحلتها خارج أبيدجان .

وتجمعت الدفعة الأولى من الضفادع مكونة من 3 أفراد هم الملازم أول حسني الشراكي والملازم أول محمود سعد وضابط الصف أحمد المصري بالإضافة إلى قائدهم الرائد خليفة جودت وبقى أن يصل باقي المجموعة حيث كان مخططا أن يقوم بالعملية 8 أفراد وهنا بدأت المشاورات بين جودت ونسيم واتفقا على انتهاز الفرصة وتنفيذ العملية دون انتظار وصول باقي الرجال خاصة أنهم لم يكونوا متأكدين من وجود الحفار في الميناء لليلة ثانية.

ونزلت الضفادع المصرية من منطقة الغابات وقاموا بتلغيم الحفار وسمع دوي الإنفجار بينما كان أبطال الضفادع فى طريق عودتهم الى القاهرة.

وبقي نسيم وحده ينتظر نتيجة العملية ومن شرفة فندقه المطل على البحر أخذ يعد الدقائق والثوانى التى تمضي ببطء قاتل حتى التقا عقربا الساعة عند السابعة صباحا ليتعالى دوى الانفجارات من قلب البحر ويصبح الحفار أثرا بعد عين فى الانفجار الذى هز أبيدجان .

وبعدها توجه نسيم الى إحدى مكاتب البريد ليرسل تلغرافا إلى الرئيس جمال عبد الناصر يقول له كلمتين فحسب " مبروك الحج "

قائد العملية هو محمد نسيم أو نديم هاشم كما عرفه المشاهدون العرب فى المسلسل التليفزيونى الشهير " رأفت الهجان " والذى كتب قصته الأديب الراحل صالح مرسي وأخرجه المخرج يحيي العلمى لتنفجر الحماسة فى الشعوب العربية من المحيط الى الخليج اعجاباً بهؤلاء الأبطال الذين قدموا لأوطانهم أسمى معانى الفداء ولم ينتظروا حتى مجرد كلمة شكر .

وفي هذه الصورة أبطال العملية الحقيقيين مع قائدهم خليفة جودت والتى قامت بتدمير الحفار فى مارس ١٩٧٠ وهم من اليسار إلى اليمين الملازم أول محمود سعد والقائد رائد خليفة جودت والملازم أول حسني الشراكي والذى يجلس بالأسفل هو صف ضابط أحمد المصري.

تم نسخ الرابط