الزعيم طالبه بتمصير المسرح.. كسر يد زوجته بسبب حبه للغة العربية.. يوسف وهبي تمني أن يكون ”خدام ” له .. وحكايته مع الملك فاروق .. أسرار في حياة جورج أبيض
مؤسس المسرح.. صانع النجوم .. أول نقيب للممثلين .. عُرف عنه عشقه للغة العربية، لدرجة لا يتهاون فيها مع المخطئ ولو في كلمة واحدة.. تمني يوسف وهبي أن يعمل أجير لديه ليتعلم منه، ووصفه الفنان زكي طليمات بأنه الأستاذ الأول في المسرح العربي، .. إنه الفنان جورج أبيض "أبو المسرح"
ولد جورج أبيض في بيروت في 5 مايو عام 1880، عرف طريقه للتمثيل في فريق المسرح بمدرسته، وأثناء مشاركته في مسرحية حفل التخرج أثنى الحضور على آدائه، عاش حياة مستقرة بعد تخرجه والتحق بوظيفة في السكة الحديد ببيروت، إلا أن حلمه باحتراف التمثيل دفعه للمجيء إلى مصر، وليضمن رزقه عمل في البداية موظف في محطة سيدي جابر.
انضم جورج لنادي خريجي كلية سان مارك، وقدم به مسرحية "القروش الحمراء"، وبعد عرضها لاقى آداءه استحسان الجميع وخاصة المثقفين وممثلي السفارات الأجنبية، ولرغبته الشديدة في تطوير المسرح، ولفت نظر الدولة لأهميته في زيادة وعي الشعوب، أرسل للخديوي عباس حلمي الثاني رسالة يطلب منه الاهتمام بالمسرح، وهي الرسالة التي لم يصله ردا عليها، ولكنه سعى للاتصال بالخديوي مرة أخرى وأرسل له دعوة لحضور مسرحية يقدمها على مسرح زيزينيا، ولبى الخديوي الدعوة، وأعجب كثيرا بالعرض، فكافئ جورج وأرسله في بعثة عام 1904 لمدينة الفن والنور باريس، ليتعلم هناك.
عاد جورج إلى مصر عام 1910، وطالبه الزعيم سعد زغلول بتمصير المسرح، حيث أنه كان يقدمها باللغة الفرنسية، وطالبه أيضا لتقديم أعمالا مسرحية مصرية، لا أعمال مترجمة، فكون فرقة مسرحية حملت اسمه، وذاع صيت أعماله الجادة، وتزاوجت فرقته مع فرقة سلامة حجازي، لكن سرعان ما انفصلا.
لعب دورا كبيرا في إنشاء معهد التمثيل في مصر عام 1930، بعدما ذهب لوزير المعارف، وقدم عام 1932 أول فيلم غنائي مصري وحمل عنوان "إنشودة الفؤاد"، وكان جورج قد ظهر في عدد قليل من الأفلام منها "أرض النيل" مع أنور وجدي، وفيلم "أنا الشرق" مع جميل راتب.
ذاع صيته ليس فقط داخل مصر، بل خارجها أيضًا حيث دعته حكومة تونس ليشرف على تأسيس فرقتها القومية عام 1921، وفي عام 1923 تزوج من الفنانة دولت حبيب بطرس قصبجي وعمره 43 سنة، وحملت بعد ذلك اسمه واصبح اسمها "دولت أبيض"، وانجب منها ابنته الوحيدة سعاد.
عرف جورج بحبه جدا للغة العربية وكان لا يسمح لأحد أن يخطئ في كلمة علي المسرح وفي موقف له مع دولت على خشبة المسرح، أخطأت في نطق كلمة باللغة العربية، فضغط على يدها وكاد أن يكسرها، فما كان من دولت إلا أن غرزت أظافر يدها الثانية في يده، فانتبه جورج لما فعله، وصفح عن خطأها.
قدم هو وفرقته أكثر من 130 مسرحيّة مترجمة ومؤلفة، منها "تاجر البندقية" و "ترويض النمرة"، و"شارل السادس"، و"الشعلة"، "صلاح الدين" و"ملكة أورشليم"، و"الحاكم بأمر الله"، وفي عام 1934 انتخب جورج أول نقيب للمثيلين، وعين أستاذًا للأداء التمثيلي بالمعهد العالي للتمثيل.
شارك في بطولة أول فيلم عربي غنائي ناطق "أنشودة الفؤاد" عام 1932، ومثل في فيلم "أنا الشرق"عام 1946 ، وشارك في بطولة فيلم "أرض النيل" عام 1946 بمشاركة كل من زكي طليمات وراقية إبراهيم ومديحة يسري وأنور وجدي وزوز ماضي.
منحه الملك فاروق عام 1945، رتبة البكوية من الدرجة الأولى، نظرًا لجهوده المتوالية في إنهاض المسرح، وعُين في 1952 مديرًا للفرقة المصرية للتمثيل والموسيقى بعد ثورة يوليو 1952، غير انه استقال في يوليو 1953 لظروف صحيّة، وأشهر إسلامه هو وأسرته، وظل أبيض يعمل بالتدريس في معهد الفنون المسرحيّة إلى أن وفاته المنية يوم 12 فبراير 1959.