ناجورنو كاراباخ.. معلومات لا تعرفها عن الإقليم الذى أشعل الصراع بين أرمينيا وأذربيجان

صراع أرمينا وأذربيجان
صراع أرمينا وأذربيجان

سيطرت اشتباكات أرمينيا وأذربيجان على المشهد السياسي العالمي، خاصة بعد مقتل العشرات في القتال، والذى يعد الأشد منذ سنوات عديدة بين الدولتين اللتين كانتا ضمن جمهوريات الاتحاد السوفيتي، وذلك على إقليم ناجورنو كاراباخ المتنازع عليها.

وأعلنت الدولتان أرمينيا وأذربيجان بالفعل التعبئة العامة والأحكام العرفية في بعض المناطق.

وتكبدت قوات أذربيجان خسائر مادية جسيمة، وأفادت وزارة الدفاع في ناجورنو كاراباخ، بأن 26 قتيلًا من الموالين لأرمينيا سقطوا في القتال.

على الجانب الآخر، ووفق ما ذكرت صحيفة جريك تايمز اليونانية، فقد تكبدت أذربيجان خسائر بشرية كبيرة بمقتل نحو 200 عسكري.

ولا يمكن أن نغفل دور الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذى يواصل محاولات التدخل في الأزمة (الأرمينية-الأذرية)، عبر شحن أذربيجان لتصعيد الخلاف، وفي الوقت الذي يؤكد العالم أجمع على ضرورة الحل السلمي للخلاف يحاول ديكتاتور أنقرة جر البلدين إلى حرب واسعة.

وخلال السطور القادمة سنلقى الضوء على إقليم ناجورنو كاراباخ المتنازع عليه بين أرمينيا وأذربيجان...

تقع منطقة ناجورنو كاراباخ داخل أراضي أذربيجان وتسكنها أغلبية أرمينية وتحظى بدعم من أرمينيا المجاورة.

كلمة ناغورنو باللغة الروسية تعني مرتفعات، بينما تعني كراباخ الحديقة السوداء باللغة الآذرية.

ويفضل أبناء عرقية الأرمن استخدام الاسم الأرميني القديم للمنطقة "أرتساخ".

تاريخ من الصراع

لم يكن صراع أرمينيا وأذربيجان جديدًا، حيث دخلت في عام 1988 وقرب نهاية الحكم السوفيتي القوات الأذربيجانية والانفصاليون الأرمن حرباً دموية انتهت بتوقيع هدنة عام 1994، غير أن المفاوضات فشلت في أن تقود للتوصل لمعاهدة سلام دائم حتى اللحظة، ولا يزال هذا النزاع واحداً من "الصراعات المجمدة" لما بعد الحقبة السوفيتية.

بداية الصراع يعود إلى أكثر من قرن مضى، حين كانت المنطقة مسرحاً للتنافس على النفوذ بين المسحيين الأرمن والمسلمين الترك والفرس.

وقد سكن المنطقة لقرون مسيحيون أرمن وأذريون ترك، وأصبحت جزءً من الإمبراطورية الروسية في القرن التاسع عشر، وعاش سكانها في سلام نسبي.

وبعد نهاية الحرب العالمية الأولى والثورة البلشفية في روسيا، أسس النظام السوفيتي الجديد وقتها -ضمن سياسة فرق تسد في المنطقة- منطقة حكم ذاتي في ناجورنو كاراباخ تسكنها أغلبية أرمينية داخل حدود جمهورية أذربيجان السوفيتية السابقة في أوائل عشرينيات القرن الماضي.

وفي أواخر ثمانينات القرن الماضي ومع تراجع القبضة السوفيتية، تطورت الخلافات بين الأرمن والأذريين إلى أعمال عنف بعد تصويت برلمان المنطقة لصالح الانضمام لأرمينيا.

وأسفر الصراع بين الجانبين أسفر عن مقتل ما بين 20 ألفاً إلى 30 ألف شخص، وانتزعت الأغلبية الأرمينية السيطرة على الإقليم، ثم سعت إلى احتلال منطقة متاخمة ضمن أراضي أذربيجان لعمل منطقة منزوعة السلاح تربط بين كاراباخ وأرمينيا.

ومع انهيار الاتحاد السوفيتي أواخر عام 1991، أعلنت كاراباخ نفسها جمهورية مستقلة، مما أدى لتصاعد الصراع إلى حرب شاملة. ولم يتم الاعتراف بدولة "الأمر الواقع" من الخارج، حتي من جانب أرمينيا ذاتها، ورغم أن أرمينيا لم تعترف رسمياً باستقلال المنطقة، فقد ظلت الداعم المالي والعسكري الرئيسي لها.

وفى عام 1994، تم التوقيع على وقف لإطلاق النار بوساطة روسية، لتصبح كاراباخ ومساحات من الأراضي الأذرية في هذا الجيب تحت السيطرة الأرمينية.

وخلال الصراع الذي أسفر عن نزوح أكثر من مليون شخص، فر أبناء العرقية الأذرية (كانوا يمثلون حوالي 25% من تعداد السكان) من ناجورنو كاراباخ وأرمينيا، فيما فر الأرمن من أذربيجان. ولم يتمكن أبناء العرقيتين من العودة لديارهم منذ انتهاء الحرب، وقد قتل جنود من كلا الطرفين خلال وقائع خرق متفرقة لخرق الهدنة.

وتسبب إغلاق الحدود بين تركيا وأذربيجان في مشكلات اقتصادية حادة لأرمينيا، كونها دولة حبيسة.

ورغم التوصل لهدنة إلا أن الأمور تسير في طريق مسدود ما بين الأذريين الذين يشعرون بالمرارة لخسارتهم أرضاً يرونها حقاً لهم، والأرمن الذين لا يبدون أي استعداد للتخلي عنها.

وكانت بعض بوادر التقدم تظهر من حين لآخر خلال لقاءات متقطعة بين رئيسي أذربيجان وأرمينيا، فقد أُحرز تقدم ملحوظ خلال المحادثات بين الزعيمين عام 2009، إلا أنه لم يستمر، ووقعت منذ ذلك الحين انتهاكات عدة خطيرة للهدنة، كان من أبرزها مقتل عشرات الجنود من الجانبين في أعمال عدائية متبادلة في إبريل 2016.

وتتولى روسيا وفرنسا والولايات المتحدة رئاسة ما يعرف بمجموعة مينسك -ضمن منظمة الأمن والتعاون في أوروبا- والتي تبذل مساعي للتوسط من أجل وضع حد للنزاع.

تم نسخ الرابط