العميد أشاد بموهبته وارتجل موال لعبد الناصر وغنى أمام عبد الحكيم عامر ونقابة الموسيقيين رفضته فلجأ للقضاء.. حكايات محمد طه
يعتبر من رواد الأغنية الشعبية وذلك لأن صوته ملأ الكثير من الأفلام الهامة بالمواويل الشعبية، فهو كان معروف عنه أنه يُغني بدون إعداد مسبق، حيث كان يؤلف ويلحن في الحال، أطرب مستمعيه لسنوات طويلة، لتصبح أغنياته مدرسة في حد ذاتها، أنه ملك المواويل الفنان محمد طه.
ولد الفنان محمد طه مصطفى أبو دوح في مثل هذا اليوم عام ١٩٢٢، بمدينة طهطا بمحافظة سوهاج قبل أن يستقر في بلدة والدته عزبة عطا الله سليمان بقرية سندبيس التابعة لمركز قليوب، حيث بدأ ولعه بالفن في طفولته ليشدو بعدها بالغناء في مقاهي السيدة زينب والحسين، قبل أن يرحل إلى القاهرة، لينطلق من هناك إلى رحلة شهرته الواسعة.
حيث بدأ صوته في الظهور من خلال الموالد الشعبية في السيدة زينب والحسين، ومارس الزجل والغناء حتى أصبح صاحب أشهر الفرق الشعبية "الفرقة الشعبية للفنون الذهبية"، وكون شركة لتسجيل الأسطوانات باسم "ابن البلد".
الحظ كان له دور كبير في مشوار محمد طه وذلك بسبب غنائه أمام عميد الأدب العربي طه حسين، ليعُجب به ويسأله عن مؤهلاته الدراسية، فيرد طه بأنه لا يحمل إلا شهادة الميلاد وشهادة الخدمة العسكرية، فأجابه طه حسين: "لكنك تحمل شهادة ربانية أكبر من الليسانس في المواويل".
وحتى يتمكن محمد طه من الغناء بالإذاعة، كان من الضرورى تسجيل اسمه فى نقابة الموسيقيين، لكن النقابة رفضت اعتماده لعدم حصوله على مؤهل علمى، فلجأ إلى المحكمة وسأله القاضى: "إيه مؤهلك؟"، فأجاب: "أنا مطرب شعبى"، فرد القاضى: "وإيه اللى يثبت"، وهنا ارتجل "طه" موالًا للقاضى، الذى أعجب بصوته، وحكم له بالقيد فى النقابة، وهى الرواية التى كشف عنها محمد فرحات، حفيد محمد طه بأحد اللقاءات الإعلامية.
وفي مطلع عام ١٩٥٤ استمع إليه الإذاعيان الكبيران طاهر أبو زيد وإيهاب الأزهري، وهو يغني في إحدى المقاهي بالحسين، وأعُجب الثنائي بموهبته لذلك قاما بتسجيل عدد من مواويله، من ثم ضمه زكريا الحجاوي إلى "فرقة الفلاحين للفنون الشعبية" التي كلفته وزارة الثقافة بتشكيلها، كما ضمه الإذاعي جلال معوض لإحياء حفل أضواء المدينة في غزة، وغنى طه في الإحتفال بعيد الثورة أمام جمهور يتقدمه الزعيم جمال عبدالناصر وعبدالحكيم عامر وكمال الدين حسين وغيرهم من القادة.
كما تم اختيار محمد طه لكى يشارك مع العندليب عبد الحليم حافظ، ونجاة الصغيرة، في إحياء حفل على مسرح قصر المنتزه بالإسكندرية، بحضور الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، والمشير عبد الحكيم عامر، وعدد من قيادات الجيش، بجانب المارشال "تيتو"، زعيم يوغوسلافيا، وأحد مؤسسى حركة عدم الإنحياز، وحينما صعد طه على المسرح، ارتجل أغنية للرئيس جمال عبد الناصر.
خلال مسيرته الفنية قدم العديد من المووايل الشعبية أبرزها: "مصر جميلة، يا اللي زرعت الحب، العاملين، اسمع كلامي، يا معلم الكل، حسن ونعيمة، الدنيا لو كشرت"، وأطلق عليه لقلب "ملك المواويل" وذلك لأنه قدم أكثر من ١٠ آلاف موال.
شهرته الواسعة ساعدته في دخول السينما، واقتحمت مواويله الشاشة الكبيرة، بعد أن شارك في العديد من الأعمال السينمائية، منها "صراع في الجبل، ابن الحتة، بنات بحري، السفيرة عزيزة، دعاء الكروان، نص دستة مجانين، الحب، قسمة ونصيب، وفي غرفة الإنعاش".
سافر الفنان محمد طه مع فرقته إلى العديد من الدول، ومنها الولايات المتحدة الأمريكية، وهي أول دولة زارها مع فرقته بعد الشهرة ليغني فيها كمطرب للموال الشعبي، وفق ما ذكر في حواره مع حسين قدري، وتجول مع فرقته في مدن شيكاغو وسان فرانسيسكو ولوس أنجلوس وواشنطن ونيويورك، وكانت الرحلة بترتيب وطلب من إحدى الجمعيات الخيرية الأمريكية.
كما زار المملكة المتحدة وغنى في لندن بصحبة فرقته التي لم يتركها قط خلال سفرياته المختلفة، وكان محمد طه يزجل الكلمات ويقوم بتلحينها وغناءها، فكان فنان شعبي شامل ولم يتخل خلال مسيرته عن زيه المعبر عن أغنياته "الطربوش" و"الجلباب"، ورحل محمد طه عن عالمنا في ١٢ نوفمبر عام ١٩٩٦.