بعد قرار السيسى بإعادة مجلس إداراتها .. نرصد قصة صعود ” المعلم ” عثمان أحمد عثمان مؤسس شركة المقاولون العرب
رجل أعمال من الطراز الأول، بدأ مشوار كفاحه من الصفر حتى وصل إلى القمة، أبهر الجميع بطموحه وذكائه وصبره، وكان مضرب المثل فى العزيمة، اشتهر بـ"المعلم"، وشغل منصب وزير الإسكان والتعمير لفترة قبل أن يصبح عضوا في البرلمان، كانت له بصماته القوية التى أثرت فى الاقتصاد المصرى، وقام بالمشاركة فى العدد من المشروعات القومية من خلال شركته العملاقة فهو من أسس شركة المقاولون العرب وكانت تعتبر أكبر شركة مقاولات على مستوى الدول العربية، إنه عثمان أحمد عثمان، الذى أعاد الرئيس عبد الفتاح اسمه إلى الأذهان اليوم بعد إصداره القرار رقم 556 لسنة 2020 بإعادة تشكيل مجلس إدارة شركةالمقاولون العرب "عثمان أحمد عثمان و شركاه "، وذلك بناءً على ما عرضه الدكتور عاصم الجزار وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية و يشمل التشكيل الجديد المهندس سيد فاروق رئيسا لمجلس الإدارة والمهندس أحمد العصار نائبًا أول لرئيس مجلس الإدارة والمهندس إمام عفيفي والمحاسب حسام الدين إمام نائبا رئيس مجلس الإدارة ويضم المجلس فى عضويته كل من الدكتور محمد أنسي البشوتي والمهندسة إيمان سليمان والمهندس طارق صقر والمهندس حسام الدين الريفي والدكتور محمد يوسف والمهندس أحمد عباس والمهندس أسامة مصطفى والمهندس إبراهيم مبروك والأستاذ محمد الأتربى والمهندس خالد عباس والأستاذ هشام عكاشة، الموجز من جانبها تعرض قصة كفاح "المعلم "، عثمان أحمد عثمان ، مؤسس شركة المقاولون العرب .
ولد عثمان أحمد عثمان في 6 إبريل عام 1917، لأسرة فقيرة بمدينة الإسماعيلية، عاش طفولة قاسية حيث تذوق مرارة اليتم وهو لم يكمل عامه الرابع بعدما توفي والده، كان طفلا غير عاديا حرص على تحمل المسئولية منذ نعومة أظافرة، لم يتبدل الفقر مع مرور السنوات ولكن أحلام الطفل لم تتغير ولم تنتهى .
بعد الانتهاء من فترة الثانوية، التحق عثمان بكلية الهندسة جامعة القاهرة وتخصص في قسم الهندسة المدنية، لم تختلف حالته الاقتصادية كثيرا في تلك الفترة عن طفولته فلم يكن يمتلك أي مال لتحمل رسوم الجامعة ولا لدفع إيجار السكن.
لم تطل هاتان المشكلتان كثيرا فحصل على منحة دراسية من الجامعة وعاش مع شقيقته الكبرى، التى تمكنت من ادخار بعض الأموال لمعاونة شقيقها واشترى دراجة ليذهب بها إلى الجامعة حتى يتمكن من توفير أموال التى ينفقها على وسائل المواصلات، تخرج عثمان من الجامعة في عام 1940 حاصلا على درجة البكالوريوس في الهندسة المدنية، وعاد عثمان إلى مدينة الإسماعيلية ليعمل مع عمه، مقاول أمي، لكنه خبير، لمدة 18 شهرا.
برغم تلك الظروف الصعبة حلم عثمان ببناء شركة مقاولات كبيرة، في ذلك الوقت، كانت كل الشركات في الشرق الأوسط شركات أجنبية، أعلن عثمان تأسيسه شركته وأسماها عثمان أحمد عثمان، للهندسة والمقاولات، والتي تم تغيير اسمها فيما بعد إلى المقاولون العرب.
بلغ رأس مال شركته عند بدايته 180 جنيها مصريا كونها من عمله مع عمه، كان عثمان هو مالك الشركة والعامل الوحيد بها، بدأ عمله بمشاريع صغيرة مختلفة من غرفة صغيرة بمكتبه، تنوعت تلك المشاريع ما بين بناء متاجر صغيرة، جراجات وصيانة المباني وما إلى ذلك.
توسعت الشركة سريعا لتنافس الشركات الأجنبية في المشاريع الأكبر، كانت أول مشاريع كبيرة له هي إنشاء مدرسة للفتيات ومسرح قبل أن ينقل اهتمامه للمشاريع بالقاهرة.
في خمسينيات القرن الماضي، سافر عثمان إلى السعودية، شهدت المملكة في تلك الفترة طفرة هائلة في قطاع البناء بسبب الثروة النفطية مثلها مثل باقي منطقة الخليج العربى، استطاع عثمان استغلال ذلك الحدث لصالحه جيدا، فخلال فترة قصيرة من الوقت بدأ بتنفيذ مشاريع بملايين الدولارات في كل من الكويت وليبيا والعراق والإمارات.
في عام 1956، عاد عثمان إلى مصر تزامنا مع ثورة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر حيث حصل على عقد قيمته 48 مليون دولار لمشروع بناء سد أسوان.
بالرغم من اختلاف سياسة عبد الناصر الاشتراكية مع سياسة عثمان الرأسمالية إلا أن الاثنين تعاونا في تحقيق استراتيجية عبدالناصر في مواجهة الكيان الصهيوني التي تطلبت بناء المخابئ، المطارات، صوامع الصواريخ وما إلى ذلك.
لم يستمر هذا التعاون كثيرا فمع حلول عام 1961، أعلن عبدالناصر تأميم شركة المقاولون العرب، كان أمام عثمان الذي كان خارج البلاد في ذلك الوقت خيارين اثنين إما أن يظل بالخارج مستمرا في جمع ثروته أو أن يعود إلى مصر وهو الأمر الذي اختاره.
وبعد عودته إلى مصر تعهد بأن الشركة ستواصل العمل بنفس الكفاءة بغض النظر عمن يمتلكها، اعتمد عثمان نظام حوافز الأجور داخل شركته، الأمر غير القانوني لأي شركة قطاع عام، لكن بعد نجاحه في مشروع سد أسوان سمح ناصر لمجلس عثمان بمواصلة إدارتهم للشركة وأصدر قانونا يسمح لشركات القطاع العام بتحديد الأجور والحوافز للعاملين بها بشرط أن تكون قد قامت بجزء كبير من أعمالها في الخارج.
بالرغم من صدمة البلاد لوفاة ناصر عام 1970، إلا أن عثمان رحب كثيرا بتولي السادات صديقه القديم الحكم، وفي حرب أكتوبر 1973، ظهر دور شركة المقاولون العرب التي بنت العبارات التي حملت القوات المصرية عبر قناة السويس.
تدرج عثمان أحمد عثمان في المناصب السياسية حيث تولى وزارة الإسكان والتعمير من أكتوبر 1973 إلى نوفمبر 1976، وتولى أمين عام الحزب الوطني بالإسماعيلية في 1978، وفي العام التالي أصبح نقيبا للمهندسين، قبل أن يصبح عضوا في البرلمان عام 1979 إلى عام 1999 حيث توفي بعد صراع طويل مع المرض.