دراسة الأزهر جعلته يقدم المواويل في أعماله..ووحيد سيف قال له ”ده لو حمار كان اتشهر”..وأحمد ذكي توقف عن التمثيل بسببه..محطات في حياة الكوميديان يوسف عيد
تحل اليوم ذكري وفاة الفنان يوسف عيد، والذي ولد في 14 نوفمبر 1948، في حي الجمالية بالقاهرة، وهو كغيره من الموهوبين الذين لا تبتسم لهم الدنيا رغم موهبتهم وقدرتهم على إضحاك الملايين، فهو فنان كبير الموهبة رغم أجره الضئيل وحظه القليل وما تعرض له من ظلم فنى طوال حياته التى لم يستطع خلالها إيجاد فرصة حقيقية لإظهار كل ما لديه من قدرات فنية.
ومن خلال أدوار قليلة بسيطة استطاع يوسف عيد التأكيد على أن لديه الكثير، وأن يبقى رغم مشاهده القليلة فى وجدان وأذهان الجمهور حتى لو ظهر فى العمل الفنى لدقائق أو قال جملة واحدة، ورغم ذلك لم يلتفت له أحد من المنتجين.
هو "الأستاذ زكريا الدرديرى مدرس رياضيات وفرنساوي لغاية ما يجيبوا مدرس فرنساوى" تلك العبارة التى يحفظها الملايين ويضحكون كلما تذكروا أداء الفنان يوسف عيد وهو يلقيها بفيلم الناظر، كما لا ينسون دوره فى فيلم جعلتنى مجرما وهو يردد ، "محسوبك المعلم عبده أجرني صاحب مكتب حانوتي الشباب وشعاره عزيزي العميل اختار تربتك بنفسك"، وكذلك وهو يقول لأحمد حلمى "أضربك فين مفيش فى وشك مكان"، ومشهده فى فيلم "أسف على الإزعاج"، حينما جسد دور بائع الأعلام، وقال: "نفعنا بأي حاجة ربنا يسقيك من نار جهنم، ربنا يحرقك بجاز، ربنا يجعلك في كل خطوة بلاعة".
شارك يوسف عيد فيما يقرب من 240 عمل فنى، ولم يحظ فى أى منها بدور يناسب موهبته وارتضى بمشاهد قليلة وأجر زهيد يحصل عليه باليومية حتى وفاته.
ولد يوسف عيد في حي الجمالية بالقاهرة في 15 نوفمبر 1948، والتحق بالمعهد الأزهري وحصل على الثانوية الأزهرية، ولم يكمل تعليمه الجامعي، ولعشقه للفن ظل يبحث كثيرًا على فرصة، وبدأ مشواره الفني بعدما وصل سن 27 عاما وكان ذلك عام 1975، بمشاركته فى مسرحية "نحن لا نحب الكوسة"، كما ظهر فى دور صغير بفيلم "شقة في وسط البلد"، وبعدها توالت مشاركاته في العديد من الأفلام ومنها : "ناس تجنن، عصابة حمادة وتوتو، السفارة في العمارة، التجربة الدنماركية، اللمبي 8 جيجا، والحرب العالمة الثالثة".
و كانت أعماله للتليفزيون تعد على الأصابع ومنها : "رياح الشرق، حلقة واحدة "لحظات حارجة" ، ومسلسل" الكبير قوى، وميسيو رمضان مبروك أبو العلمين حمودة"، لكن المسرح كان العالم الذي يجد فيه نفسه خاصًة وأنه شارك عمالقة الفن فى عدد من المسرحيات ومنها علشان خاطر عيونك مع عملاق الكوميديا فؤاد المهندس، وشارع محمد علي" مع وحش الشاشة فريد شوقي.
اشتهر عيد بتقديم الموال في عدد من أعماله، ومنها "موال السلام بالأيد" بمسرحية شارع محمد علي، و"يا حلو يا اللي العسل" بفيلم التجربة الدنماركية، وموال "قلبي انشبك" في فيلم "بوبوس"، حيث تميز في أداء المواويل والتواشيح بحكم تربيته على يد الفقهاء وتجويده للقرآن الكريم خلال دراسته الأزهرية.
مثل يوسف عيد أمام كل نجوم الصف الأول على اختلاف أجيالهم منهم فؤاد المهندس وفريد شوقى، وأحمد زكى، وعادل إمام ومحمد صبحي، وصلاح السعدني، ومحمود عبد العزيز، وصولًا لجيل الشباب أحمد حلمي ومحمد هنيدي ومحمد سعد، وتامر حسني وكريم عبد العزيز، وكان فى كل أدواره لافتا للانتباه خاطفا للكاميرا يحفظ الجمهور إيفيهاته ربما أكثر مما يحفظون اسم العمل الفنى، ورغم ذلك ظل المنتجون يحصرونه فى أدوار ومشاهد صغير، وكان يقبل حبا فى الفن وأملا فى أن يحصل يوما على دور أكبر، كما أن التمثيل كان مصدر رزقه الوحيد.
الفنان الراحل أحمد زكي أثناء تصوير أحد مشاهد فيلم "اضحك الصورة تطلع حلوة" على كورنيش النيل أمام يوسف عيد تأخر في الرد على كلام الأخير وتوقف، وفسر أحمد زكي ما حدث بأن طريقة أداء يوسف عيد المباغتة، أخذته بعيدا عن التركيز، وجعلته مشاهدًا بدلا من أن يكون مشاركا، وأكد أن يوسف عيد، يملك طاقة فنية هائلة، فاجأته بشحنات انفعالية متوالية انفجرت في وجهه.
في أحد مشاهد مسرحيات "شارع محمد علي" خرج الفنان وحيد سيف عن النص موجها حديثه لصديقه الفنان "يوسف عيد" قائلا: "إنت جايب حد معاك.. جايب قرايبك يعني أول مرة من 4 سنين حد يعبرك، ويصقف أنت قاطع لحد تذاكر.. أنا زعلان عشان إنت بتمثل من 67.. ده لو حمار كان اتشهر والله"، وقال يوسف عيد إن هذا المشهد سبب له شهرة كبيرة.
ورغم هذه الموهبة ظل يوسف عيد طوال مشواره الفنى الذى اقترب من 40 عاما يتقاضى أجره عن أفلامه باليومية وليس بحجم الدور، وحدث ذلك حتى فى أكبر أدواره مساحة وهو دوره فى فيلمه الأخير "عمر وسلوى".
وبمنزله المتواضع بميدان الجيش بالقاهرة توفى يوسف عيد عن عمر ناهز 66 عامًا وحيدا إثر تعرضه لنوبة قلبية، وقبلها كان عيد يعاني لسنوات من فيروس في العين سبب له ضعفًا في الرؤية، وأجرى عمليات عديدة أرهقته على المستوى المادي، ونصحه الأطباء بالبعد عن الإضاءة والأتربة وهو ما يعنى التوقف عن التمثيل ولكنه لم يستطع أن يفعل ذلك لحبه للفن الذى كان مصدر رزقه الوحيد.