صفع ماجدة الصباحي بسبب غيرته عليها..وتسبب في تورم وجهها..وقال إنها ”عندها حالة عصبية” لهذا السبب..مواقف في حياة زكي رستم الذي تسبب في شلل والدته
رغم توهجه واندماجه بشكل مبهر أمام الكاميرا، كانت حياته بعيدة عن الأضواء وشديدة الغموض، أحب خلالها العزلة عن الناس، هو الفنان زكي رستم، الذي ولد يوم 5 مارس من عام 1903، وفضل الابتعاد عن الناس، واكتفى بصديق واحد فقط، هو الفنان سليمان نجيب، ولم يقع ذات مرة أسيراً لعلاقة حب، وفضل الحياة دون زواج.
وُلد "رستم" وسط أسرة أرستقراطية، وكان والده سياسياً بارزاً، وصديقاً شخصياً للزعيم مصطفى كامل، وفي عام 1920 حصل على شهادة البكالوريا، ورفض استكمال مشواره التعليمي، الأمر الذي أصاب والدته بحزن شديد، لأنها كانت تتمنى له الالتحاق بكلية الحقوق، ومارس الرياضة في سن الشباب، وحصل على بطولة الجمهورية في حمل الأثقال، لكنه لم يستمر.
واختار التمثيل كي يكون طريقاً له في الحياة، ومضى به رغم معارضة الأسرة، وإصابة والدته بالشلل، لأنه خيب ظنها كثيراً.
ظهر الفنان زكي رستم في أكثر أدواره بشخصية الشرير والمجرم والخارج عن القانون بداية من فيلمه الأول "زينب" الذي ظل يتعامل مع بطلته بقسوة، وكان رجل متسلط حتى ماتت، إلى نهاية أفلامه، وما زال يتعلق في الأذهان المشهد الذي أداه حينما وقف يصلي محاولًا الهرب من فريد شوقي.
وتروي الفنانة الراحلة ماجدة الصباحي، في مذكراتها طبيعة صاحب القصة الفنان زكي رستم، قائلة إنه كان إنسان محترم جدًا وبين المشهد والآخر يجلس ولا يتكلم مع أي شخص آخر، ويخرج من حجرته ليدخل أمام الكاميرا فقط، مشيرة إلى أنه كان يندمج في الدور بشكل عنيف، وعندما يضرب يكون حقيقيًا.
وأضافت :"حدثت مواقف بيني وبين الفنان الكبير زكي رستم ولا يمكن أن أنسى تلك المواقف فهو كان إنسانًا مهذبًا ورائع الأداء، ويندمج بشدة في دوره الذي يجسده سواء كان خارج أو داخل التصوير، وكان واقع القصة يقول إنني زوجته وأنه يغار علي بشدة".
وتابعت: "أنه في إحدى المرات توقفت الكاميرا عن التصوير وجلسنا نستريح بعض الشئ ونتناول الطعام وحدث أنني كنت أتحدث مع يحيى شاهين وابتسمت لجملة قالها، فوجدت رستم ينظر لي غاضبا وقال لي "لماذا تقفي هكذا؟!، ولكني ابتسمت مستعجبة من سؤاله، وجاء المخرج وقال لي: "لا تواخذيه فهو من طبيعته أن يندمج في دوره بطريقة زائدة على الحد"، فابتسمت وتكلمت معه بلطف وأفهمته أنني زوجته داخل الفيلم وليس خارجه".
واستكملت: "ظللنا طوال أيام التصوير كلما يشاهدني أقف مع أي شخص نتحدث أجد نظرات الغيرة الحادة في عينيه، حتى أنني بدأت أخاف منه، وأيضًا في أحد المشاهد داخل الفيلم التي يعلم بحبي للطبيب "يحيى شاهين"، ويطلب مني عدم تركه وإلا سيقتلني، وعندما أرفض يصفعني بيده على وجهي، وحدث أن اختلط عليه الأمر بين الحقيقة والتمثيل، فعندما صفعني على وجهي كانت الصفعة قوية جدًا وموجعة ولم يعطيني مثلها في حياتي سوى شقيقي "مصطفى الصباحي"، وفقدت الوعي عندما شاهدت فمي ينزف الدماء، وعندما عدت للوعي وجدته يبكي ويقول لي بالحرف الواحد: "سامحيني يا بنتي، أنا عنيف، أنا وحش" وبكيت من شدة الألم ووجدت أن ضرسي أصيب ووجهي تورم وتوقف التصوير في هذا اليوم، وعندما ذهبت للمنزل اتصل بي "رستم"، وكان يبكي وقال لي: "سامحيني يا بنتي أنا لا أعي تصرفاتي وباندمج في الشخصية ولا أستطيع أن انفصل عنها"، فاحترمت مدى احترامه لعمله وقلت له :"لا عليك وأنا سامحتك وأقدر موقفك النبيل لكن برفق بعد ذلك حتى لا أموت قبل أن ينتهي الفيلم".
وذكرت أنه كان بينها وبينه مشهد في فيلم "بائعة الخبز"، قائلة :"عندما كنت أقول جملة كان يتحرك خطوات لكن أثناء التصوير لم أجده يتحرك الخطوات المطلوبة، فسارعت بالتفكير وحاولت تنبيهه "بقرصة" فانتبه وتحرك وكان عدم تأديته تحركاته ناتجًا عن أن صوتي دائمًا منخفض وضعيف وهو لا يستطيع سماعه ليؤدي الدور المطلوب، وبعد انتهاء المشهد ذهب "رستم" إلى مخرج الفيلم حسن الإمام وقال له: "يا سي حسن"، فقال له: "نعم يا أستاذ زكي"، فقال له: "هي الأنسة ماجدة عندها حالة عصبية" فقال له: "لماذا؟"، فرد عليه قائلا: "طوال تصوير المشهد بتقرصني" فانهمر "حسن" في موجة من الضحك، وسألني عن السبب فقلت لا يسمعني فوجدت أن هذه أفضل طريقة حتى أنبهه لحركته ولا يعاد المشهد مرة أخرى".
يذكر أن الفنان زكي رستم أصيب بأزمة قلبية حادة نقل على إثرها إلى مستشفى دار الشفاء وفي عام 1972 صعدت روحه إلى السماء ولم يشعر به أحد ولم يمشي في جنازته أحد.