اتهمت الجمهور بالغباء بسبب أم كلثوم وأبكتها..وجسدت دور الرجل في أعمالها..واكتشفت عبدالوهاب ثم طردته..وكانت المقربه لرجال السياسة..محطات ”سلطانة الطرب” منيرة المهدية
هي «سلطانة الطرب» التي ظلت تجلس على عرش الغناء وحدها، وأحبها الملوك ورجال السياسية، كما سرقت عقول الكبار ووجدان الشباب، إنها الفنانة منيرة المهدية، التي قدمت مشوار فني امتد لأكثر من ثلاثين عاماً قدمت خلاله عدداً كبيراً من الأغاني والمسرحيات التي لاقت نجاحاً كبيراً آنذاك.
ولدت منيرة فى 16 مايو عام 1885 في الإسكندرية، وتعلمت فى مدارس الراهبات، وبدأت الغناء فى المقاهى، وقدمها حسن الإمام فى فيلم «سلطانة الطرب».
وانضمت عام 1915، إلى فرقة عزيز عيد حيث بدأت بالتمثيل على المسرح لأول مرة، في رواية للشيخ سلامة حجازي، وكانت بذلك أول سيدة مصرية تقف على خشبة المسرح وهذا ما زاد الإقبال على المسرحيات وأصبحت فرقة عزيز عيد تنافس فرقة سلامة حجازى.
كانت منيرة المهدية تكتب على الأفيشات «الممثلة الأولى» بالرغم من أنها كانت تقوم بدور رجل ثم انفصلت عن فرقة عزيز عيد وكونت فرقة خاصة بها وقدمت أشهر أعمال الشيخ سلامة حجازى.
قامت منيزة المهدية بتأسيس مقهى بحي الأزبكية أطلقت عليه اسم «نزهة النفوس»، وكان كبار السياسيين والأدباء في مصر وبلاد الشام والسودان يجتمعون فيه وفي بيتها، وعندما تقول السلطانة حرروا أسيرا أو أعتقوا عن مشنوق ينفذون طلباتها، وأطلقت الصحافة اسم «هواء الحرية» على مسرح منيرة المهدية.
وكان من بين المعجبين بفن المهدية الزعيم الوفدى الكبير سعد زغلول، والذي كان يحلو له السهرة مع أصدقائه فى "تياترو برينتانيا" لحضور تمثيل رواية كارمن، بواسطة فرقة "منيرة المهدية"، حيث بدأت فى تقديم الرواية على المسرح بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى عام 1917، ويقول سعد عن السهرة "وكان التياترو على سعته غاصا بالمتفرجين، والألواج مملوءة جدا، ولكن أغلبهم من الطبقة الوسطى والدنيا".
ويُنسب إلى منيرة المهدية أنها صاحبة الفضل في اكتشاف موسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب، فبعد أن داهم الموت سيد درويش دون أن يكمل لحن الفصل الثالث من مسرحية "كيلوبترا"، أسندت منيرة مهمة إتمام اللحن لمحمد عبدالوهاب، وأعطته دور البطولة في العرض، وأدى عبدالوهاب دور «أنطونيو».
لكن فى الأخير قامت المهدية بطرد عبد الوهاب من عرض أوبريت كليوباترا ومارك أنطوان، ويرجع البعض ذلك لغيرتها من النجاح الذى حققه الشاب عبد الوهاب حينها.
وكانت منيرة المهدية المطربة الأولى بلا منازع، وفجأة جاءت أم كلثوم إلى القاهرة، وأحست منيرة أن العرش الغنائى يهتز تحتها وسمعت أن الجماهير جنت بغناء أم كلثوم، فلم تصدق ما سمعت، وفى إحدى الليالى ارتدت ملاية لف سوداء، ووضعت على وجهها برقعا، وارتدت شبشبا فى قدميها حتى تبدو كبنات البلد، وصحبت معها الممثل محمد بهجت، وذهبت إلى مسرح رمسيس حيث كانت تغنى أم كلثوم، وجلست تسمع أم كلثوم والجمهور يهلل وشهدت سيطرة "ثومة" العجيبة على المستمعين، وهى تتحكم فيهم بصوتها الخلاب وتجعلهم يرقصون فى مقاعدهم، ويترنحون على نغماتها.
لم تحتمل منيرة المهدية أن تحضر أكثر من الوصلة الأولى من غناء أم كلثوم، فتركت المسرح غاضبة ساخطة على غباء الجمهور وجحوده وقلة ذوقه، وعادت إلى عوامتها تكاد تجن غضبا، بل وفكرت كيف تقضى على هذه الفتاة التى تهدد عرشها.
اختفى نجم "السلطانة" وتوهج نجم كوكب الشرق، لكن تلك النهاية كانت ترفضها السلطانة، وكان لديها الإصرار على الاستمرار، ورغم اعتزالها قررت العودة من جديد، وأقامت حفل غنائي أصرت أم كلثوم على حضوره، ويصحبها مصطفى أمين الذى يلمح دموع أم كلثوم عندما يسدل الستار على منيرة قبل أن تنهى وصلتها الأولى، لعدم قدرة الأخيرة على الاستمرار فى الغناء، بسبب ضعف حنجرتها الصوتيه.
وتوفيت منيرة المهدية في ١١ مارس عام ١٩٦٥ عن عمر يناهز 79 عامًا بعد حياة فنية حافلة.