وقف في وجه السادات..وأسس حزبًا لمعارضته..وابتعد عنه المنتجون حتى لا يغضبوا الرئيس..السياسة في حياة جميل راتب
لم يبتعد الفنان الراحل جميل راتب عن السياسة وهمومها، بل كان غارقا فيهًا، وتعرض لأزمات ومواقف صعبة بسبب نشاطه السياسي.
ففي منتصف السبعينيات قرر الرئيس الراحل أنور السادات إنشاء المنابر في مصر، وفي تلك الفترة كان الفنان جميل راتب مؤمناً بالأفكار الاشتراكية، لذا قرر الانضمام لمنبر اليسار في مصر والمشاركة في تأسيس حزب التجمع اليساري التقدمي الوحدوي مع خالد محيي الدين عضو مجلس قيادة ثورة 23 يوليو.
وكان هذا الحزب من أكبر المعارضين لسياسات الرئيس الراحل أنور السادات، وخاض معارك عنيفة معه، انتهت بقرار السادات حبس بعض قياداته وإغلاق صحيفة "الأهالي" الناطقة بلسانه.
وانضم عدد كبير من الفنانين للحزب رأوا في سياسات السادات ردة على سياسات ثورة يوليو، وسياسات جمال عبد الناصر، كما انضم له المؤمنون بالقومية العربية والاشتراكية وتحالف قوى الشعب.
خلال تلك الفترة كان المنتجون وصانعو السينما والمخرجون يرفضون منح أدوار وأعمال للفنان الراحل جميل راتب بسبب انضمامه للحزب، وخشية غضب الرئيس الراحل، لكن الأقدار كان لها رأي آخر.
شارك الفنان الراحل في فيلم "الصعود إلى الهاوية" عام 1978، وكان الدور الذي جسده وهو شخصية ضابط الموساد الإسرائيلي، الذي جند الفتاة المصرية هبة سليم وقامت بدورها الفنانة مديحة كامل للموساد، نقطة تحول في حياة جميل راتب، فقد حظى الفيلم بنجاح كبير، وحصل عن دوره في الفيلم على جائزة الدولة وتسلمها من الرئيس الراحل أنور السادات.
بعد أن شاهد المنتجون والمخرجون صورة الرئيس الراحل وهو يصافح جميل راتب ويمنحه الجائزة، انهالت العروض عليه، بعدما ظل لمدة عام ونصف بلا عمل.
ولم يكن جميل راتب هو الفنان الوحيد الذي شارك في تأسيس حزب التجمع، بل شارك معه أيضاً الفنانة الكبيرة سعاد حسني، والفنان عبد الرحمن أبو زهرة، والفنانة سهير المرشدي، والفنان كرم مطاوع، وغيرهم.
ويروي واحد من قيادات الحزب تفاصيل آخر لقاء جمعه بالفنان الراحل ويقول إن جميل راتب قابله في مكتبه في الحزب، وطلب منه التدخل بصفته صحافيا، وعمل مقابلة مع الفنانة الراحلة فاتن حمامة خاصة بعد أن تعرضت لهجوم حاد من أحد النقاد، مضيفا أن راتب اتصل بالفنانة الراحلة التي كان يحبها كثيرا وطلب منها عمل المقابلة.
ويضيف أنه أجرى حوارا مع فاتن حمامة ردت فيه على كافة الانتقادات الموجهة لها، وحظي بإشادة الجميع، وإعجاب فاتن حمامة التي ظلت لآخر لحظة في حياتها لا تنسى هذا الموقف النبيل لجميل راتب.
علاقة صداقة كبيرة جمعت بين راتب وفاتن حمامة، والتي بدأت منذ تعاونهم في العديد من الأعمال، حيث جمعهم فيلمي"حكاية وراء كل باب" و"ولا عزاء للسيدات"، ومسلسلي "ضمير آبلة حكمت" و"وجه القمر"، وقال عنها في أحد البرامج التلفزيونيه إنها :"ممثلة عظيمة جداً، وشرف لي أن مثلت معها، لأنها ترفع من الممثل الذي يقف أمامها، وتتفاهم معه بسرعة، وتربطني بها علاقة صداقة واحترام، وكان اعتزالها خسارة كبيرة للفن، وأرى أنها هي "أم كلثوم" التمثيل".
يذكر أن جميل راتب توفى عن عمر ناهز 91 عامًا، و أقيمت الجنازة بعد صلاة الظهر فى الجامع الأزهر الشريف.