هذه حكايته مع سعد زغلول وأم كلثوم أشادت بموهبته ومات كفيفًا بسبب المعاش.. معلومات عن حسن البارودي أول فنان مصري وصل للعالمية
تميز بنبرة صوت مميزة جعلت المشاهد يستطيع تميزها من بين ألف صوت أخر، وشارك في الكثير من الأفلام السينمائية الهامة وترك فى الفن بصمة لا تنسي على الرغم من أنه لم ينال أدوار البطولة المطلقة كما أنه جسد الكثير من الشخصيات التي جعلته في مكانة خاصة بين أبناء جيله أنه شيخ الفنانين وأحد عمالقة الفن ورواده الفنان القدير حسن البارودى.
ولد الفنان حسن البارودى فى ١٩ نوفمبر عام ١٨٩٨، بحى الحلمية بالقاهرة وكان والده يعمل مترجمًا لذلك كان يتقن اللغة الإنجليزية إتقانًا شديدًا إلى جانب إتقانه للغة العربية حيث تعلم فى مدرسة الأمريكان، وموهبته الفنية ظهرت عليه من الطفولة فكان رئيس فريق التمثيل بالمدرسة.
خلال إحدى الأيام ذهب البارودي إلي المدرسة كأي يوم عادي لكنه تفاجئ بعدما اختاره معلم اللغة العربية ليلقى كلمة أمام سعد زغلول وبعدما أنتهى من الخطبة ناداه سعد باشا، وقال له صوتك حسن مثل اسمك ومؤثر وقوى ومقنع، ولو عملت محاميًا ستكون بارعًا وستكسب القضايا من أول مرة، ورغم سعادته بهذه الكلمات إلا أن حلم التمثيل ظل يراوده ولم يفكر فى غيره.
بعد تخرجه من الجامعة قرر أن يعمل مترجمًا مثل والده ولكنه لم يكمل فى هذا المجال، وفي عام ١٩٢٠ ألتحق بفرقة حافظ نجيب، ثم شارك في فرقة فاطمة رشدى وجورج أبيض، وفى عام ١٩٢٣ تقدم للعمل بفرقة رمسيس التى كونها يوسف وهبى مع عزيز عيد، وعمل كملقن لإكتمال عدد أفراد الفرقة، فوافق على أمل أن تأتيه فرصة للتمثيل، وكان يترجم مسرحيات يوسف وهبى وتحقق حلمه فى التمثيل عندما غاب استيفان روستى عن مسرحية "غادة الكاميليا"، فأُسند له يوسف وهبى الدور وأداه بنجاح كبير، ومن يومها تألق وذاع اسمه.
كان للمسرح مكانة خاصة في قلب حسن البارودي لذلك شارك فى أكثر من ٢٠٠ عرض مسرحي ولكن أغلبها لم يتم تصويره، وألتحق بالمسرح القومى وظل يعمل به حتى خرج على المعاش عام ١٩٥٦، ومن أشهر مسرحياته المسجلة: "القضية، السبنسة، كوبرى الناموس، سكة السلامة، بداية ونهاية، كرسى الإعتراف" وغيرهم.
أنطلقت مسيرته الفنية في عالم السينما من خلال فيلم "أبن الشعب" من ثم توالت أعماله السينمائية حتى وصلت إلى مئة فيلم وأعماله تعتبر من روائع السينما المصرية والعربية والعالمية، وأشهرها: "باب الحديد، الزوجة الثانية، الطريق، أمير الدهاء، حسن ونعيمة جعلونى مجرمًا، زقاق المدق هجرة الرسول، درب المهابيل، الشيماء، جريمة حب، بلال مؤذن الرسول، رسالة إلى الله، لحن الوفاء، الأم القاتلة، أقوى من الحب الطريق".
جاء الممثل شارلتون هيستون فى فترة الخمسينات ليبحث عن ممثل عربى بمواصفات خاصة للمشاركة فى فيلم الخرطوم" فشاهد عدد من الأفلام العربية ووقع اختياره على البارودى وتفاجئ بأنه يتقن اللغة الإنجليزية، ثم شارك البارودى وفى فيلمين آخرين هما فيلم "ثلاث قصص مصرية"، والفيلم الألمانى "روميل يغزو القاهرة"، وقال عنه المخرج الأمريكى جورج راتوف إن صوته يساوى مليون جنيه، وعندما سألوا أم كلثوم عن أكثر صوت يعجبها من الممثلين قالت: "حسن البارودى يغنى على المسرح بصوته وتعبيراته".
تزوج البارودي مرتين الأولى من الفنانة رفيعة الشال وله منها ابنة، ثم تزوج مرة أخرى من خارج الوسط الفنى وأنجب ثلاثة أولاد، وتقديرًا لمسيرته الفنية حصل علي وسام الفنون عام ١٩٥٩، وجائزة الدولة التشجيعية في العلوم والفنون من الطبقة الأولى، وقال نجل البارودي، في إحدي اللقاءات أن نهاية والده كانت عندما تسلم خطاب يفيد بإحالته إلى المعاش، ولكن ذلك لم يكن مرضي له، لأنه كان يرى نفسه مازال قادرًا على العطاء رغم بلوغه سن المعاش، وحاول العودة للعمل لكن لم يستجب لشكواه أحد، فأعتكف في منزله وأصيب العمى حتى وفاته في ١٨ يناير عام ١٩٧٤.