غارت منها السيدة عائشة..وبسببها اعتزل الرسول زوجاته شهرا..ولغز عدم حصولها علي لقب ”أم المؤمنين ” ..معلومات لا تعرفها عن السيدة مارية القبطية

الموجز

جاءت السيدة مارية القبطية رضي الله عنها، من صعيد مصر، ومن بيت أحد الناسكين الأقباط ذوي الشأن، لم تكن تدري أن الله قد مهّد لها قدرا مغايرًا لبنات جنسها وملتها؛ فكانت إحدى هدايا المقوقس عظيم القبط وحاكم مصر لرسول الله الخاتم، ووقعت عليها محبة النبي وعنايته، وشهدت معه النعمة الكبرى والمحنة أيضًا بوفاة وليدهما الصغير إبراهيم، ورحلت بعده بسنوات قليلة معتكفة في بيتها بعد أن صارت بركة كبرى على بر مصر؛ فجاءت وصية النبي صلى الله عليه وسلم بأهل مصر ((استوصوا بأهل مصر خيرا فإن لهم نسبا وصهرا)).

لم يختلف الرواة على فضل السيدة مارية رضي الله عنها ومكانتها العظيمة، حتى أن بعض أمهات المؤمنين كانت تغار منها وخاصة السيدة عائشة رضي الله عنها .

وقد اختلفت أقوال العلماء في مسألة هل حظت بلقب أم المؤمنين، أسوة بزوجاته الإحدى عشرة؛ خاصة وأنه ضرب عليها الحجاب مثلهن وأنجبت للنبي ولدًا فكان عتقًا لها.

وكذا كانت تساؤلات حولها من مثل: هل تزوجها النبي زواجا حقيقيًا أم بملك اليمين على عادة تلك الأيام؟ وهو نظام أقره الشرع ، وجاء ذكره بكتاب الله مثل الآية الكريمة: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آَتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ}[الأحزاب: 50]

والراجح عند العلماء ان السيدة مارية كانت من سرايا الرسول لا زوجاته، وقد كان النبي صلَّى الله عليه وسلَّم أربع إماء ، منهم مارية . وعن أبي عبيدة :كان له أربع : مارية وهي أم ولده إبراهيم ، وريحانة ، وجارية أخرى جميلة أصابها في بعض السبي ، وجارية وهبتها له زينب بنت جحش. [زاد المعاد، ابن القيم، 1/114]

ويرى بعض العلماء أنه لا يتصور أن النبي الذي جبر كسر نسائه : صفية وجويرية وريحانة بالعتق ثم الزواج ، فهل يتصوّر أحد أن يبخل أكرم ولد اّدم على أم "إبراهيم" أحب أولاده إليه بالزواج، و لقد كانت عادة بعض العرب أن يعتقوا ثم يتزوّجوا أمهات الولد حماية لأطفالهم من العار. والثابت أيضًا أنه عليه السلام لم يترك- لحظة وفاته – عبدًا ولا جارية ولا دينارًا ولا درهمًا كما روت كل كتب السيرة ، فقد بادر عليه السلام بعتق 63 نفسًا في حياته- وهم كل من وصل إلى يده الشريفة من مماليك - فهل تنفرد السيدة مارية من بين كل هؤلاء بالبقاء في الرق حتى موته؟!

حياتها

ولدت مارية بنت شمعون في قرية "حِمن" بمحافظة المنيا، والتي صار اسمها "الشيخ عبادة"، وقد نشأت في بيت لأب قبطي مصري معروف بورعه، وأم رومية اكتسبت منها جمالها.

أمضت مارية رضي الله عنها في صعيد مصر حداثتها الأولى قبل أن تنتقل في مطلع شبابها مع أختها "سيرين" إلى قصر "المقوقس" عظيم القبط.

وقد سمعت مارية هنالك بما كان من ظهور نبي في جزيرة العرب يدعو إلى دين سماوي جديد، وكانت في القصر حين جاء "حاطب بن أبي بلتعة" ذلك الصحابي البليغ الفصيح موفدًا من هذا النبي العربي، يحمل رسالة إلى المقوقس يدعوه فيها إلى دين الإسلام.

في تلك الفترة كان اهتمام النبي عليه السلام بعد صلح الحديبية بنشر الدعوة في بلاد العالم، وبدأ يكتب للحكام والملوك بالاستعانة من ذوي الرأي والحكمة الخطابات يدعوهم فيها إلى الدخول إلى الإسلام. ومنهم كسرى ملك فارس، وهرقل ملك الروم، والمقوقس ملك مصر، والنجاشي ملك الحبشة.

هدية المقوقس

وجاء رد المقوقس كما هو معروف في الرواية التاريخية مفعمًا بتصديق هذا النبي الخاتم الذي يأمر بالحق وينهى عن المنكر، وصاحبه لا ساحر ولا كاهن ضال، بل رجل يحمل آيات النبوة وقد أقرَّ المقوقس بعلمه أن نبيًا سيأتي ومذكور في كتابهم، وآمن بنبل دعوته، وإن لم يستطع أن يجهر بذلك لمعارضة القبط له .

انطلق الصحابي "حاطب" - رضي الله عنه - عائدًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، بكتاب المقوقس وهديته محفوفًا بالتكريم: وكانت الهدية على غالب رأي الرواة "مارية" وأختها "سيرين" وعبد كهل خصي، وألف مثقال ذهبًا، وعشرين ثوبًا لينًا من نسج مصر، وبغل مسرج ملجم، وحمار أشهب، وجانب من عسل "بنها" وبعض العود والند والمسك .

لما بلغ الركب المدينة سنة سبع من الهجرة، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد عاد للتو من "الحديبية" بعد أن عقد الهدنة مع قريش، وتلقى النبي بترحاب كتاب المقوقس وهدية مصر.

كان رسول الله معجبًا بمارية، وكانت بيضاء جميلة، فاكتفى بها ووهب أختها لشاعره حسان بن ثابت، وقد أنزل النبي مارية في عالية [بستان كانت تسكنه السيدة مارية] يقال لها اليوم "مشربة أم إبراهيم" ، وكان رسول الله يختلف إليها هناك، وضرب عليها الحجاب، وكان نكاحها بملك اليمين .

غيرة زوجات النبي

طار النبأ إلى دور النبي، أن شابة مصرية حلوة، جعدة الشعر، جذابة الملامح، قد جاءت من أرض النيل هدية للرسول، فأنزلها صلى الله عليه وسلم بمنزل للصحابي حارثة بن النعمان، قرب المسجد، في باديء الأمر، فكانت جارة لأمهات المؤمنين.

راحت السيدة عائشة رضي الله عنها ترقب في كثير من القلق، مظاهر اهتمام زوجها بتلك المصرية، وقد أثار جزعها أن تراه صلى الله عليه وسلم يكثر من التردد عليها، ويمكث لديها طويلًا !

وقد يلغت غيرة نساء النبي ذروتها بعد إنجاب مارية الولد للنبي.

مكانة عظيمة

- أنعم الله على السيدة مارية رضي الله عنها بأن تكون سرية -ملك يمين- رسول الله صلى الله عليه وسلم.

- والسيدة مارية هي أم آخر أبناء النبي الذكور "إبراهيم" والذي توفي وهو بعد صغير، وكانت الوحيدة التي أنجبت له بعد السيدة خديجة زوجه الأولى رضي الله عنهما.

- نالت مارية محبة النبي عنها ورضاه وكان يذهب إليها كثيرا في علية خاصة له، حتى غارت أمهات المؤمنين. ثم كانت ماريا سببًا في اعتزال النبي نسائه مدة شهر عربي (29 يومًا)، حتى شك المسلمون أنه طلقهن، وأقام في عش بسيط أعلى شجرة.

- بنزول آيات سورة التحريم التي أخبر الله فيها نبيه بمظاهرة نسائه عليه، ودفعهن إياه لتحريم ما هو حلال بالفعل، من التسري بمارية زوجته بملك اليمين، وكانت مكرمة مارية بعودة النبي إليها بأمر من الله، وجاء التكفير عن اليمين بتحرير رقبة.

- وكانت لمارية مكرمة أخرى بتشريع عتق الجارية «أم الولد» التي تلد ولو «سقطاً» ميتًا لسيدها والتي أصبحت أهم وسائل تحرير الجواري وتحولهن زوجات بعدما أنجبت إبراهيم، وقال النبي عنها: «حررها ابنها» [رواه ابن ماجة] وبرواية أخرى «أعتقها ولدها» [رواه البيهقي ووردت في مسند أحمد 1/208]

- أيضًا سرت على "مارية" جميع أحكام أمهات المؤمنين الخاصة بهن، ومنها ضرب الحجاب "بمعنى النقاب" على سبيل الوجوب، إضافة إلى تحريم زواجها من بعد النبى صلى الله عليه وسلم.

تم نسخ الرابط