كيف تعامل رسول الله مع وفود غير المسلمين؟
أوضح الدكتور علي جمعة مفتي الديار المصرية السابق أن تعامل رسول الله ﷺ مع الوفود التي وفدت إليه من غير المسلمين تميز بالحصافة والحكمة والأناة في معاملة الآخرين بأنماطهم المختلفة ومشاربهم المتعددة وعقيدتهم المتباينة فضلا عن أنه علمنا كيفية التعامل مع النفس البشرية مع بعد غورها وتعدد روافدها, معتمدا المنهج الذي أسسه القرآن الكريم المتمثل في أهمية الحوار المتبادل, والمجادلة البناءة, والحكمة الصائبة, والموعظة الحسنة, يقول تعالى: (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) [النحل:125].
وأشار الي أنه وفد العديد من الوفود العربية على النبي ﷺ خاصة بعد صلح الحديبية وفتح مكة, ومن أهم تلك الوفود وفد ثقيف, الذي أنزله رسول الله ﷺ في المسجد وبنى لهم خياما ليسمعوا القرآن ويروا الناس إذا صلوا, فيكون أرق لقلوبهم وأجدر لبث روح الصدق في نفوسهم, وأدعى أن يسألوه عما يدور بخلدهم.
وأضاف مكث الوفد يختلفون إلى رسول الله ﷺ وهو يدعوهم إلى الإسلام فأسلموا, وتكلموا معه حول الزنا والربا والخمر والميسر, فأعلمهم بحرمتها وطالبهم بهدم صنم اللات, كما اشترطوا عليه ألا يحشروا -أي لا يشتركوا في الجهاد- ولا يعشروا -أي لا يؤخذ منهم عشر أموالهم- ولا يجبوا -أي لا يصلون- فقال ﷺ: «لكم ألا تحشروا ولا تعشروا, ولا خير في دين ليس فيه ركوع» (سنن أبي داود).
وأوضح إن هذا السلوك السلمي الذي سنه الرسول ﷺ وما فيه من حسن الوفادة والتلطف مع وفد ثقيف, قد وصل إلى مبتغاه حين ألف بين قلوب العرب وعمل على نشر دعوة الإسلام بينهم.
وفيه رد على المتشدقين والمفتئتين الذين يقولون قولا واحدا بحرمة دخول المشركين وأهل الكتاب المساجد, إذ في فعله هذا جواز إنزال المشرك في المسجد لا سيما إذا كان يرجو إسلامه وتمكينه من سماع القرآن ومشاهدة أهل الإسلام وعبادتهم. (زاد المعاد). ومن الوفود التي جاءت النبي ﷺ وفد بني تميم الذي يعد من أبرز الوفود التي جاءت إلي المدينة, وذلك لمكانتها بين قبائل العرب, وسمعتها في مجال الأدب والخطابة والشعر, وكان قدومهم إلى النبي ﷺ بسبب سرية عيينة بن حصن, فقد أسر منهم أحد عشر رجلا وإحدى عشرة امرأة, فقدم رؤساؤهم وأشرافهم ليشفعوا في هؤلاء الأسرى.