حكم التداوى بمادة مستخلصه من الخنزير
أوضحت دار الإفتاء المصرية؛ أن نقل الدم من غير مسلم إلى مسلم وبالعكس جائز لا حرج فيه؛ لأنه من باب التداوي، والتداوي مشروع بما رواه أبو داود والترمذي عن أسامةَ بنِ شَرِيكٍ رضي الله عنه قال: أتيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه كأنما على رءوسهم الطيرُ، فسَلَّمتُ ثم قعدتُ، فجاء الأعرابُ من هاهنا وهاهنا، فقالوا: يا رسول الله، أنتداوى؟ فقال: «تَداوَوا؛ فإنَّ اللهَ عز وجل لم يَضَع داءً إلا وَضَعَ له دَواءً غيرَ داءٍ واحِدٍ: الهَرَمُ» (والهَرَمُ: الكِبَر)؛ فهذا الحديث جاء فيه الحث على التداوي مطلقًا غير مُقَيَّدٍ بقَيد، والقاعدة أن "المطلق يجرى على إطلاقه حتى يَرِد ما يقيده".
قال الإمام الخَطَّابي في "معالم السنن" (4/ 217، ط. المطبعة العلمية بحلب): [في هذا الحديث إثبات الطبِّ والعلاجِ، وأن التداويَ مباحٌ غيرُ مكروهٍ] اهـ.
وأشارت الي أنه إذا كانت مادة "الهيبارين" المستخلصة من الخنزير قد استحالت إلى مادة أخرى بالمعالجة الكيمائية أو بغيرها فلا مانع من استخدامها في الحقن؛ لأنها حينئذٍ تكون قد استحالت من طبيعتها الخنزيرية إلى طبيعة أخرى جديدة، والاستحالة أحد وسائل طهارة الأعيان النجسة؛ وأصل ذلك ما تقرر من أن الخمر إذا تخللت بنفسها طهرت وقيس عليها غيرها. راجع: "المجموع" (2/ 596، ط. مكتبة الإرشاد)، و"بدائع الصنائع" (10/ 452، ط. دار الكتب العلمية)، و"مواهب الجليل" (1/ 317، ط. دار الفكر).
أما إذا كانت هذه المادة كما هي لم تتغير فإن جواز استخدامها مرتبط بعدم وجود بديل متوافر لها، فإن لم يوجد لها بديل طبي، أو وُجِد، ولكنه لم يتوافر لديكم فلا مانع من استخدامها؛ لأن الضرورات تبيح المحظورات، وقد قال تعالى: ﴿وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ﴾ [الأنعام: 119]، وقال: ﴿فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [البقرة: 173]، وينبغي التنبه إلى أن الضرورة تقدَّر بقدرها فلا يزيد على ما تندفع به الضرورة؛ لأن الضرورة أصل لإباحة المحظور، فإذا زال الأصل زال الفرع، وعاد المحظور غير مباح، فلو لم يجد المريض بدًّا من تناول الدواء المشتمل على مادة "الهيبارين" المستخلصة من الخنزير فله ذلك بقدر ما يدفع عنه المرض لا يزيد عليه.