أرادت أن تتقرب إلى الله.. قصة أم كلثوم مع تسجيل القرآن الكريم بصوتها.. وهذا هو العهد الذي أخلّت به

أم كلثوم
أم كلثوم

في مطلع الخمسينيات من القرن الماضي، ثار جدال على خلفية تصريحات لكوكب الشرق أم كلثوم أعلنت خلالها رغبتها غي تسجيل القرآن الكريم بصوتها، ودون مقابل، لتتقرب به إلى الله، لكن الموسيقار زكريا أحمد قدم لها نصيحة ترتبط بهذا الأمر عبر رسالة أرسلها إلى مجلة «روز اليوسف»، وذكر فيها أن أم كلثوم إذا كانت تريد التقرب إلى الله بتسجيل آيات كتابه الكريم، فعليها أولاً أن تفي بتعهداتها والتزاماتها نحو الآخرين.

خلاف مادي

وكانت العلاقة بين كوكب الشرق وزكريا أحمد قد شهدت خلافًا بسبب رفض زكريا لتعاملاتها المادية مع الملحنين والمؤلفين، وتطور الأمر إلى رفعه دعوى قضائية فى النصف الثانى من عام 1948، اختصم فيها كلا من الإذاعة وشركة «كايروفون» مطالبًا بحقوقه المتأخرة فيما بين عامى 1934 و1947 عن إذاعة وتداول ألحانه لأم كلثوم وبعض المطربين والمطربات، وكان معنى قبول المحكمة لهذه الدعوى وتحويلها إلى خبير أن علاقة أم كلثوم بالإذاعة ستتأثر بشكل أو بآخر، أو بمعنى آخر، فإن نهر النقود المتدفق من الإذاعة إلى حساب أم كلثوم قد وجد أخيرا من يعترض مجراه ويحاول الانتقاص منه.

وكان طبيعيًا أن تغضب أم كلثوم من زكريا ويحل بينهما الجفاء والخصام، غير أن المساعى أثمرت عن الصلح بينهما، ونشرت «روز اليوسف» فى عددها الصادر يوم 3 أبريل عام 1951 خبرًا بهذا، بالإضافة إلى خبر عن صلحها مع الموسيقار رياض السنباطى بعد جفوة استمرت بينهما عامًا، بسبب ما تردد فى الوسط الفنى من هجومه على أم كلثوم وتأييده لزكريا فى دعواه القضائية.

غير أن هذا الصلح لم يتطرق إلى أساس المشكلة، مما وفر مناخا خصبا للمعركة التى نشبت بينهما على صفحات «روز اليوسف» حول تسجيل القرآن الكريم.



سوء معاملة

سخر الشيخ زكريا مما ذكرته أم كلثوم قائلًا: «عندما التقيت أنا وأم كلثوم لأول مرة بعد خصامنا الطويل، خيل إلى أن أم كلثوم قد وصلت إلى السن التى يتصوف فيها الإنسان ويتقرب إلى الله، فلم أحادثها بطبيعة الحال عن موضوع الخلاف، الذى كان قائما بيننا، والذى يرجع إلى سوء معاملتها المادية والمعنوية لى، ورأيت وقتها أن أسدل الستار على الماضى، وأوقف حديثى معها على أنه من واجبنا، وقد تجاوزنا الخمسين من عمرنا، أن نختم حياتنا الفنية ختاما رائعا، بتسجيل القرآن الكريم كله، وكان قد شاع آنئذ أننى لحنت القرآن كما هو الحال فى الأغانى، بل أننى لحنته بطريقة تعبيرية فى الإلقاء، كما هو الحال فى الآيتين اللتين حفظتها لها فى فيلم «سلامة».

وأضاف «قصصت على أم كلثوم كيف أننى حاولت منذ عشرين عامًا تسجيل القرآن كله على أسطوانات أوديون بالطريقة التعبيرية لا طريقة التطريب والتنغيم المعروفة الآن، ولكن فضيلة المفتى فى ذلك الوقت أفتى بعدم شرعية تسجيل القرآن على الأقراص المتكلمة، وبدأت أم كلثوم تنصت إلى فى دهشة، ثم اقتنعت بعد ذلك بأن نسجل السور الصغيرة لا القرآن كله، فوافقتها على أساس أن نتنازل عن حقوقنا كافة لإحدى الجمعيات الخيرية، ولم توافق أم كلثوم طبعا إلا بعدما أقنعتها بأن عملنا هذا هو خير ختام لحياتنا الفنية، وهكذا اتفقنا منذ شهرين على أن نتكتم على هذا الأمر حتى نشرع فى تنفيذه».

وأضاف «لكننى فوجئت هذا الأسبوع بحديثها فى «روز اليوسف»، الذى قالت فيه إنها على استعداد لتسجيل القرآن كله بلا مقابل، هدية منها لمسلمى الأرض جميعًا، ومع كل فبالرغم من أنها أخلت باتفاقنا فإننى أتمنى لها التوفيق فى تنفيذ فكرتى هذه، وأرجو من الله أن يكتب لها النجاح، كما نجحت فى فليم «سلامة».

وتابع «وأخيرًا أحب أن أهمس لأم كلثوم بكلمة صغيرة، وهى أنها أرادت أن تعود عليها بركة القرآن وحدها، ولكن عليها أن تتذكر أن وراءها تعهدات والتزامات أخلت بها نحوى ونحو غيرى، وأن عليها أن تفى بكل ذلك، مادامت تريد أن تتقرب إلى الله بتسجيل آيات كتابه الكريم».

تم نسخ الرابط