نفذ عمليات سرية ضد إسرائيل.. وتم فصله من التليفزيون بسبب عبد الحليم.. والرئيس السوري حاول اغتياله .. حكايات لا تعرفها عن غسان مطر

غسان مطر
غسان مطر

اختراع يا كوتش.. اعمل الصح.. من أكثر الجمل التي يعرفها المشاهد عن الفنان الراحل غسان مطر والذي تميز بأدوار الشر وقدمها بإتقان رائع ولكن  وراء الكواليس هناك  أسرار كثيرة عن حياته فهو مناضل فلسطيني قام بالعديد من العمليات ضد إسرائيل وفقد عائلته في إحدي الإنفجارات ومن خلال هذا التقرير نستعرض أهم الخطوات في حياته....

أشتهر غسان في السينما أكثر على الرغم من أنه عمل أيضاً في الإذاعة والتلفزيون، واشتهر بنظارته الشمسية التى يرتديها دائماً، والتي أشارت بعض المعلومات إلى أنه كان يضعها بسبب إصابته بمرض في عينيه واسمه "غلوكوما" يؤدي إلى تضرر عصب العين، وكانت لنبرة صوته الغليظ أكبر الأثر في اختياره لتمثيل أدوار الشر، لأنه يوحي بشيء من الخوف والرهبة، وذلك إلى جانب موهبته الفنية الكبيرة التي جعلته متواجداً في الأذهان باستمرار.

اسمه الحقيقي عرفات داوود حسن المطري، ولد بمدينة يافا الفلسطينية في 8 ديسمبر عام 1938، وهاجر من فلسطين مع أهله إلى بيروت عقب النكبة عام 1948، وانتقلوا إلى مخيم البداوي في شمال لبنان مع أبيه وأخوته الـ 14، تزوج مرتين فأنجب من الأولى أربعة أولاد أكبرهم سماه غيفارا وابنتاه ميساء ومريم، وتزوج للمرة الثانية من الممثلة سما مطر ودام الزواج 13 عاماً حتي وفاته.

كان غسان مطر رجلاً مناضلاً بإحدى حركات المقاومة الفلسطينية، ونفذ العديد من العمليات السرية ضد إسرائيل، وكان يرغب في أن يكون ضابطاً في جيش التحرير الفلسطيني، الذي كان يتشكل في بغداد عام 1958، غير أن تهمة "محرض سياسي" دفعت به بعيدًا عن المجال العسكري.

قوة صوته أهلته ليكون مذيعاً في راديو الثورة في لبنان ثم قدم البرامج في الإذاعة اللبنانية، ومن أبرزها ما تعلق بفلسطين، ثم انتقل للعمل في التلفزيون اللبناني، الاهتمام بالسياسة لم يحرمه من الاقتراب من الفن ليكون مقدمًا لبرنامج المواهب "الفن هويتي" على التلفزيون اللبناني، في تلك الفترة عمل أيضا في الصحافة محرراً، وتعرض لحادث مؤلم عندما فقد والدته و زوجته وإبنه غيفارا في حرب المخيمات الفلسطينية عام 1985.

كانت أولى تجاربه السينمائية "الخليفة العادل عمر بن الخطاب" في بداية الستينيات، كما اشترك في أفلام تعبّر عن الكفاح الفلسطيني فى السينما المصرية، وعكف على كتابة سيناريو أول فيلم فلسطيني له بعنوان "كلنا فدائية" عام 1969، وتلاه فيلم "الفلسطيني الثائر" من بطولته وتأليفه عن القضية الفلسطينية، وحتى أن أبو مازن أي الرئيس الفلسطيني محمود عباس منحه لقب "فنان الشعب الفلسطيني"، وقال غسان مطر تعليقاً على الموضوع حينها: "أنا فنان الشعب الفلسطيني دي أهم من أي جايزة تبقى فنان شعب عظيم زي ده".

شارك في بطولة أكثر من 100 فيلم ومسلسل طوال حياته، عشق الفن و لم يهتم بمساحة الدور الذي يُقدمه بقدر إهتمامه بتقديم أدوار تنال إعجاب جمهوره، و في السنوات الأخيرة من حياته، ساند الفنانين الشباب وشاركهم في أعمالهم الفنية، و أبرزها فيلم " لا تراجع و لا إستسلام" مع ​أحمد مكي​، "القبضة الدامية"، وظهر بشخصيته الحقيقية وإشتهر في ذلك العمل بمقولة "أعمل الصح"، و "الآنسة مامي" مع ​ياسمين عبد العزيز​، و"أمير البحار" مع ​محمد هنيدي​.

مر غسن بمأساة كبيرة في حياته عندما قُتلت عائلته "أمه زوجته وابنه"، في حرب المخيمات في لبنان، وعلم غسان بالأمر عندما كان يصور مشهداً في مسلسل "محمد رسول الله"، ففتح إذاعة "مونت كارلو" كي يسمع الأخبار، وكان الخبر الأول في النشرة فكانت فاجعة حلت عليه إلا أنه صرح مرة في لقاء تلفزيوني أنه حزن بالطبع لكنه يفدي فلسطين بكل ما لديه،وسبق وأشار فى أكثر من تصريح إعلامى له بأن الرئيس السورى الراحل حافظ الاسد كان قد أمر باغتياله نظراً للخلاف الذى كان قائم بين الاسد وبين ياسر عرفات الذى كان على مقربة كبير منه.

تم إجباره على تقديم استقالته من التلفزيون اللبناني بعد 8 سنوات من عمله بسبب مخالفته الأوامر، وفي حوار تلفزيوني عام 2014 قال غسان مطر: "أنا اطردت من التلفزيون اللبناني بسبب عبد الحليم حافظ، فبعد نكسة عام 1967، كانت هناك حفلة للعندليب يوم في مدرج بيسين عاليه، وكان بليغ حمدي وعبد الحليم موجودين في بيروت منذ الأول أو الثاني من يونيو والعدوان وقع يوم 5 ، وكان عبد الحليم مقيماً في ستراند بضيافة الشيخ جابر وأنا أتردد عليه، لأنني كنت مسؤولاً عن النقل الخارجي، وكنا سعداء بسماع أخبار عن إسقاط الطائرات المعادية وأننا سجلنا انتصاراً، إلى أن قام الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر يوم 9 بتلاوة خطاب التنحي الشهير، وكنت جالساً أنا وعبد الحليم حافظ وبليغ حمدي وإبني غيفارا وكلنا انهرنا وتاني أو ثالث يوم كان موعد الحفلة، وبيعت التذاكر والاعلانات ملأت الشاشات، وجلس عبد الحليم مع نفسه حزيناً ويحدث نفسه كيف سأغني في ظل النكسة، وفي هذه الظروف المصيرية التي تمر بها بلادنا أغنيات عاطفية؟ ، وكانت العمليات الفدائية بدأت في الجنوب اللبناني وفي سيناء وفي السويس وعلى الحدود السورية، فقلت له أعمل أغنية للفدائيين، علي الفور اتصل بالسفارة المصرية وطلب منهم أن يخابروا محمد حمزة أو الأبنودي كي يكتب واحد منهما الأغنية، وكان محمد حمزة أسرع من الأبنودي فأرسل الكلمات عبر السفارة، وتسلمها حينها بليغ حمدي ولحنها في نصف ساعة، ثم طلب عبد الحليم من أحمد فؤاد حسن أن يأتي مع الفرقة الماسية إلى قبرص ومنها إلى بيروت، لأن خطوط الطيران لم تكن متاحة، وعملوا بروفات سرية ولم يكن غيري يعرف ماذا سيقدم عبد الحليم، وليلتها المخرج غاري غارابيديان كان مسؤول النقل، فقال لي إن هناك اتصالاً لك وعندما أخذت السماعة طلب من أحد المسؤولين قطع الارسال عن الحفلة فاستغربت الأمر، وأنا لم أرد عليه وأغلقت السماعة، وكان لبنان يعيش انقسامات سياسية حينها، وهذا ما تسبب بطردي.

وتوفى غسان في 27 فبراير من عام 2015، عن عمر يناهز 76 عاما، بعد صراع مع السرطان.

تم نسخ الرابط