اكتشف عادل إمام.. ونجيب الريحاني أحرجه ..وطلب الزواج من شويكار علي المسرح ..وأصيب بالاكتئاب بعد وفاة عبد المنعم مدبولي.. حكايات لا تعرفها عن ”الأستاذ” فؤاد المهندس
من الصعب حصر مشواره الفني في بعض الكلمات وذلك لأنه أعطي الفن المصري الكثير من الأعمال التي مازلت خالدة حتي الآن فمن منا لم يتذكر شخصياته المميزة، فهو نجح في أدوار البطولة المطلقة كما أنه برع في الأدوار المساعدة، حلق في سماء النجومية بين المسرح والسينما والتليفزيون، وكان من النجوم الذين ارتبط اسمهم بالفوازير، حياة فنية طويلة جعلته يستحق لقب "الأستاذ"، وجعلت منه واحدًا من أهم فنانيين الكوميديا في الوطن العربي وليس في مصر فقط أنه الفنان القدير فؤاد المهندس.
ولد الفنان فؤاد المهندس في مثل هذا اليوم عام ١٩٢٤، بمنطقة العباسية في محافظة القاهرة، وله شقيقتان أكبر منه هما الإعلامية صفية المهندس ودرية وأخ اصغر منه سامي المهندس، حيث نشأ في أسرة عاشقة للغة العربية فوالده زكي المهندس كان عالم لغة حيث كان عميد كلية دار العلوم ووكيل مجمع اللغة العربية وهو الذي لقنه عشق اللغة وفن الإلقاء.
فكان والده هو صاحب الفضل في اهتمامه بموهبته وتنميتها، وبالطبع خفة الدم التي ورثها عنه، وبعد دراسته الثانوية ألتحق بكلية التجارة وهناك أنضم لفرقة التمثيل، وتعرض المهندس لموقف محرج للغاية في زفاف شقيقته صفية المهندس على الإذاعي المعروف بـ "بابا شارو" والذي كان صديقًا للريحاني فظل فؤاد يطارد الريحاني طوال الحفل فشعر الريحاني بالضيق وقال له "يابني حرام عليك مش عارف اتنفس منك روح في داهية"، فقام بابا شارو، من مقــعد العرس من أجل أن يشرح للريحاني شغف هذا الشاب بالتمثيل.
بعد حفل الزفاف أنضم المهندس لفرقة الريحاني، أملًا منه أن يأخذ دورًا في إحدى مسرحيات الفرقة، وبعد وفاة الفنان نجيب الريحاني انتقل المهندس لفرقة "ساعة لقلبك"، وكانت هذه بدايته مع التمثيل.
بدأ فؤاد المهندس أولي خطواته السينمائية عام ١٩٥٤ وذلك من خلال فيلم "بنت الجيران"، من ثم توالت أعماله الفنية ومن أبرزهم: "عيون سهرانة، بين الأطلال، عريس مراتي، نهر الحب، حب في حب، لحن السعادة، التلميذة، بلا دموع، موعد مع الماضي، امرأة في دوامة، موعد في البرج ، شفيقة القبطية، الشموع السوداء، ألمظ وعبده الحامولي، بقايا عذراء، المتمردة، القاهرة في الليل، والعريس يصل غداً".
على الرغم من أنه قدم مايقرب من ٧٠ فيلم سينمائي إلا أنه أحب المسرح وظل معشوقه الأول، وآمن المهندس بضرورة تقديم رسالة مجتمعية من خلال أعماله فقدم مشكلة الملاجئ من خلال مسرحية "هاله حبيبتى" التي أوضحت سوء المعاملة التي يلقاها الأطفال في الملاجئ وقد كانت المسرحية كوميدية فأضحكت الأطفال ونبهت الكبار لما يحدث في الملاجئ من تجاوزات بحق الأطفال.
وقدم المهندس مشاكل الأبناء في "سك على بناتك" لدرجه أنه كان يقدم مسرحية "إنها حقًا عائله محترمة" مع أمينة رزق وشويكار وهو مصاب بجلطه في القلب، وأكد له الأطباء أنه شفي منها من خلال عمله على المسرح.
وبجانب التمثيل برع فؤاد المهندس في تقديم الكثير من الأغاني في أعماله الفنية المختلفة وكانت البداية في مسرحية "أنا فين وانت فين" بأغنية "رايح أجيب الديب من ديله" وبعدها توالت الأغنيات بالأعمال الفنية وقد قدم العديد من الأغاني للأطفال لأنه كان يحب الغناء منذ الصغر حيث كان رئيسًا لفرقة الأناشيد في المرحلة الإبتدائية، وكان دائمًا أغانيه موظفة داخل العمل الفنى لأنه لم يكن مطربًا بمعنى الكلمة.
تزوج فؤاد المهندس زواج تقليدي من جارته عفت سرور في عام ١٩٥٢ وأنجب منها محمد وأحمد وهشام وتم الإنفصال بعد عدة سنوات لكنه كان يزور أبنائه يوميًا في تمام الساعة السابعة مساءً للإطمئنان علي أمور حياتهم ودراستهم، من ثم تزوج من الفنانة شويكار التي أرتبط بها لمدة ٢٠ عامًا ولم ينقطع الود والحب بينهما حتى بعد الانفصال والطلاق.
حيث بدأت قصة الحب عن طريق الصدفة، التي لعبت دورها في بداية العلاقة، وذلك عام ١٩٦٣، بعد أن حققت النجمة القديرة نجاحات في السينما ورشحها الفنان عبد المنعم مدبولي، للمشاركة في مسرحية "السكرتير الفنى".
وكان من المقرر وقتها أن يقوم بالبطولة أمامها الفنان السيد بدير، ولكنه اعتذر لظروف سفر مفاجئ، فأستعان مدبولي بصديقه فؤاد المهندس لأداء الدور ورفض المهندس في بداية الأمر مشاركة شويكار في المسرحية، فلم يكن يتخيل أنها تصلح للأداء الكوميدي، ولكنه فوجئ بأدائها.
وأثناء عرض المسرحية على خشبة المسرح، فوجئت شويكار بفؤاد المهندس يطلب منها الزواج قائلاً: "تتجوزيني يا بسكوتة"، ليتزوجا عام ١٩٦٤، وقدما خلال هذه الفترة أنجح الأعمال السينمائية والمسرحية، وكانا أشهر وأجمل دويتو غنائي استعراضي مسرحي سينمائي، لكنهما لم ينجبا أبناء فظلت شويكار تربي ابنيه من زوجته الأولى مع ابنتها منة من زوجها الأول، وانفصلا في هدوء، وفي أحد الحوارات التلفزيونية، وصفته شويكار بأنه كان رجل "بيعرف ربنا، وممتاز كزوج"، ولكنه كان شخصًا عصبيًا، يكره الإختلاط والسهر والموسيقى وكان يغير عليها بشدة حتى من معجبيها، وهذا آثار غضبها بشدة.
ولم يفترقا الثنائي عن بعض حتي بعد الطلاق فظلت تجمعهما علاقة صداقة قوية ووقفت شويكار بجانبه حتى الوفاة، لكن لم يفكرا في عودة العلاقة الزوجية بينهما رغم المحاولات الكثيرة.
وكان فؤاد المهندس السبب في إكتشاف عدد كبير من النجوم الموهوبين الذين كانوا ينتظرون الفرصة ومنحها إليهم في مسرحه، حيث قدم عادل إمام في مسرحية "أنا وهو وهي" عام ١٩٦٤، وقدم الفنان سعيد صالح في الفيلم السينمائي "ربع دستة أشرار" عام ١٩٧٠، ولم يترك هذا الجيل حتى صاروا نجومًا وشاركهم أفلامهم مرة أخرى بأدوار ثانية بعد تقدمه في العمر.
الفنان عبد المنعم مدبولي كان من أقرب أصدقائه حيث ربطته به علاقة متميزة ساهمت فى تطوير المستوى الفنى، ليشكل المهندس ومدبولى ثنائيًا فنيًا في المسرح والسينما، ومنذ بداية عملهما سويًا في فرقة "ساعة لقلبك"، قدم النجمان عدة أعمال تركت بصمة خاصة في تاريخ الفن منها "مطاردة غرامية، ربع دستة أشرار، اقتلني من فضلك، السكرتير الفني" وغيرها الكثير من الأعمال.
ورحل الأستاذ عن عالمنا في ١٦ سبتمبر عام ٢٠٠٦ عن عمر يناهز الـ ٨٢ عامًا، وذلك بعد معاناة طويلة مع أمراض الشيخوخة، وتعرض فؤاد المهندس لحالة من الإكتئاب الشديد عقب رحيل صديق عمره الفنان عبد المنعم مدبولي.