قتل 2 من ابناءه وتلاعبت به زوجته.. ننشر تفاصيل القصة الحقيقية للسلطان العثماني سليمان القانوني
اعتاد الأتراك تصدير صورة غير حقيقية عن زعمائهم القدامى للعالم لدرجة أنهم شبهوهم فى كثير من الأحيان بالسلف الصالح من الصحابة حتى أنهم وصفوا السلطان سليمان القانوني أحد أشهر سلاطينهم بأنه مجدد دين الأمة المحمدية .
فى السطور القادمة نكشف حقيقة السلطان سليمان القانونى الذى يتغنى الأتراك بسيرته العطرة .
الشائع عن السلطان سليمان القانوني أنه من أعظم سلاطين العثمانيين حيث أمسك بالحكم بقبضة من حديد وكان نشيطًا في الغزو والدبلوماسية والتقنين و غزا المجر والنمسا وأدب المتمردين عليه في كل مكان ووطد حكم العثمانيين في العراق واليمن وردع الصفويين و مُد في عهده النفوذ العثماني إلى الجزائر وتونس، وناطح إمبراطورية الهابسبورج الشامخة سواء في شرق أوروبا أو في البحر المتوسط.. ووُصِفَ بأنه "ظل الله في الأرضين مجدد دين الأمة المحمدية"
لكن سليمان – مجدد دين الأمة المحمدية- خضع لمؤامرات جاريته المفضلة روكسلان الخبيثة التى دفعته بالحيلة و المكر لقتل ابنه وولى عهده وتلاعبت بتغيير أهم رجال حكمه كما تشاء.
"روكسلان".. إمرأة روسية اشتهرت بالجمال وأنها دائمًا تحمل ابتسامة فاتنة ضمها السلطان سليمان لحريمه وسماها "خوروم" أي "الباسمة" وتعلق بها إلى حد أنه عاملها كأنها زوجته الوحيدة..
كان ولي عهد السلطنة هو شاه زاده مصطفى ابن سليمان القانوني من زوجته ماه دوران خاصكي وكانت روكسلان –خوروم- تنظر لهذا الأمر بعين السخط طامعةً في أن يكون وريث العرش من أبناء السلطان منها-وقد كانت أمًا لكل أبناءه الذكور عدا مصطفى-ولما كانت إمرأة قاسية متوحشة لا ينم جمال وجهها عن قبح سريرتها فقد راحت تدبر بهدوء وخبث للإطاحة بشاه زاده مصطفى ليخلو العرش لأحد أبنائها.
وما زاد من إصرارها على ذلك وجود مادة "قتل الإخوة الذكور" في قانون صاغه محمد الفاتح وجعل منه سيفًا معلقًا على عنق إخوة ولي العهد إذا ما تربع يومًا على العرش.
تلفتت روكسلان حولها تبحث عن حليف قوي تتخذه أداة لمؤامرتها فوجدت أمامها "رستم باشا".. فسعت لأن يصل إلى أعلى مرتبة تحت السلطان وهي "الصدارة العُظمى" و التى كانت بمثابة رئاسة الوزراء ، وكان يحتلها الوزير العتيد صعب المراس إبراهيم باشا والذي كان رجلًا قديرًا ذو نفوذ واسع.. فسعت الخبيثة لتدبير وقيعة بينه وبين السلطان أدت في النهاية إلى قيام هذا الأخير بإعدامه.
ثم توالى على المنصب رجال ضعاف لم يسد أحدهم الفراغ الذى تركه غياب إبراهيم باشا، حتى وقعت الكرة في حجر رستم باشا صنيعة روكسلان والذي استطاع أن يكسب ثقة ومحبة السلطان إلى حد أنه قد صاهره فتزوج رستم من "مهرماه سلطان" ابنة سليمان المفضلة وتولى منصب "الصدر الأعظم"..
خلال هذا التدبير كانت روكسلان قد فقدت ابنها محمد بوفاته أثناء توليه ولاية صاروخان فلم يثنها هذا عن خطتها ووضعت أملها في ابنها سليم.
كانت الضربة القاضية لتلك المرأة وحليفها رستم باشا هي الوقيعة بين السلطان وولي عهده.. كان شاه زاده مصطفى في سن الثامنة والثلاثين، وقد نُصِب وليًا للعهد منذ كان في السادسة من العمر، وكان عاقلًا منضبطًا مثقفًا ومحبوبًا من العامة والجيش بشكل يبشر بأنه سيكون يومًا ما سلطانًا عظيمًا.
استغل رستم تحرُك السلطان مع ولي العهد على رأس الجيش العثماني لمحاربة الشاه الصفوي "طهمسب"، وأبلغ مولاه أن ابنه مصطفى يراسل قادة الإنكشارية ويحرضهم على الانقلاب على والده وقدم-رستم- أوراقًا مزورة رتبها مسبقًا مع روكسلان تفيد بوجود مراسلات بين شاه زاده مصطفى والشاه الصفوي يعد فيها مصطفى الشاه بالمصاهرة والتحالف لو ساعده على التخلص من أبيه السلطان سليمان.
ولما كان الحليفان روكسلان ورستم قد تمكنا من ثقة وعقل سليمان القانوني فقد صدق الادعاء بسرعة ويسر ودون تدبُر سارع باستدعاء ابنه وولي عهده إلى خيمته.. وفي الخيمة تم إعدام الابن خنقًا أمام أبيه ثم نُقِلَت جثته لتُدفَن في مدينة بورصه.. وإمعانًا في التنكيل بضحيتها سارعت روكسلان بإرسال من يخنق الطفل الرضيع لولي العهد المقتول.
لم يمر مقتل مصطفى مر الكِرام فقد ثار غضب الجند لما جرى له فحاول السلطان تهدئتهم بعزل رستم باشا وتعيين أحمد باشا للصدارة العُظمى فسعت روكسلان للوقيعة بينه وبين السلطان الذي عزله وأعدمه واعاد رستم باشا لمنصبه ثم فقد السلطان وركسلان ابنًا آخر هو الأصغر "جهانكير" الذي كان شديد التعلق بأخيه الأكبر فمات كمدًا.
فصار الآن للعرش وريثان هما على التوالي سليم وبايزيد.
وأخيرًا توفيت روكسلان-خوروم - قبل أن تشهد حسم ذلك الصراع العائلي الدامي
وافق السلطان سليمان على قتل مزيد من الأبناء والأحفاد فلم ينقطع خيط الدم في بيت سليمان القانوني بموت زوجته فقد وقعت الوحشة بين ابنيها سليم وبايزيد.
وكان بايزيد أميرًا قديرًا مشهورًا بالفضائل والثقافة فضلًا عن خبرته العسكرية من خلال مشاركته في حملات أبيه وطوافه بولايات السلطنة سواء في بلاد العرب أو غيرها.
ومال السلطان لابنه سليم على حساب بايزيد الذي حاول أن يحارب أخيه لكنه هُزِمَ في المعركة، فهرب بايزيد إلى بلاط الشاه الفارسي لاجئًا إليه.
فأرسل السلطان سفارة للشاه الفارسي-وكانت بينهما معاهدة سلام-يرشوه بمبلغ كبير من المال مقابل أن يتخلص من ابنه بايزيد.
وبالفعل قام الشاه الصفوي بالغدر بضيفه وقُتِلَ بايزيد وأبناءه الأربعة وبُعِثَت جثامينهم إلى سليمان القانوني الذي بعث إلى مدينة بورصه من يقتل الابن الخامس لبايزيد وهكذا استقرت ولاية العهد لسليم الثاني.
وأما الوزير الداهية رستم فكان قد وافاه أجله بعد حياة حافلة بالمؤامرات وقد اشتهر بالارتشاء وبيع المناصب وجمع الثروة من مصادر غير شرعية إلى حد أن المؤرخ العثماني بجوي إبراهيم أفندي يعدد في تركته نحو 100 حِمل من النقود والسبائك الفضية و1000 مزرعة في الأناضول وولايات الرومللي و170 مملوكًا و2900 فرسًا و1160 جملًا و600 سرج فضي و500 سرج مرصع بالذهب و1100 عمامة موشاة بالذهب و860 سيفًا مرصعًا و1500 خوذة فضية هذا بخلاف المجوهرات والأواني والتحف وما إلى ذلك وقد تمكن من كسب كل ذلك فى ظل حكم السلطان سليمان القانونى.
بمقتل كلا من مصطفى ثم بايزيد خلا العرش لسليم الثاني الذي يذكر المؤرخون أنه كان بداية دخول الدولة العثمانية في مرحلة "الاضمحلال".. حيث لم يكن بكفاءة أخويه القتيلين بل كان خاليًا من مؤهلات الحكم والقيادة.
أي أن سليمان القانوني كان قد قضى عمره يوطد أركان إمبراطورية واسعة قوية ثم أنهى مسيرته بأن أسلم نفسه لألاعيب إمرأة دموية وتدابير وزير فاسد مرتشي وتهافت ولي عهد غير كفء.. وقضى بنفسه على من كان كلًا منهما أهلًا لخلافته ولوث عهده بدماء ابنيه وأحفاده.