حقا إنها عائلة مجتهدة ... حكاية أول طبيبة مصرية شقيقة أول محامية فى مصر
من لا يعرف الدكتورة توحيدة عبد الرحمن، فكأنما سقطت منه حبات الذهب من عقد الحياة، فهى أول طبيبة عرفها التاريخ، وكانت من أسرة متميزة فخرج منها أيضا أول محامية فى مصر، وأصبحت نائبة فى مجلس الشعب، التميز والانفراد كان يحيط بالدكتورة توحيدة منذ سنوات الدراسة، فكانت بين أقرانها نابغة لم تتكرر، وحصدت مكانة علمية طاغية فى زمن قصير، وارتبطت بالفقراء بصورة كبيرة حتى أنها رفضت هدية والدها عقب التخرج عندما أهدى لها عيادة قام بفرشها بالأثاث الراقى، وقالت له إنها لن تعالج سوى الفقراء، وكانت لها نجاحات كبرى فى العمليات الجراحية التى أجرتها للمرضى، وعلى الرغم من نجاحها فى إنقاذ مئات المرضى من الموت إلا أنها خارت قواها أمام أحد الأمراض الخبيثة الذى أنهى حياتها بعد معاناة طويلة .. فانتقلت الدكتورة توحيدة إلى الرفيق الأعلى، ولا تزال سيرتها العطرة تزين التاريخ وترفع من قدرة المرأة المصرية، حيث إنها تمثل الدليل الحيوى على أن المرأة المصرية نابغة من يومها، وأثبتت الجدارة عندما يتم إسناد المهام إليها.
الدكتورة توحيدة، هى أول طبيبة تم توظيفها فى الحكومة المصرية، ولدت في 1906، حيث تنتمى إلى عائلة تميزت فيها البنات بتعليمهن الراقي وتقلدهن المناصب الهامة فى ذلك الوقت، فهى شقيقة مفيدة عبد الرحمن، أول محامية مصرية وعضو مجلس الشعب، وتلقت الدكتورة توحيدة تعليمها في مدرسة السنية للبنات وهي أول مدرسة حكومية أنشئت في عهد الخديوي إسماعيل للبنات عام 1873، وفي عام 1922 قرر الملك فؤاد اختيار مجموعة تشمل 6 فتيات من المتفوقات دراسيا لإرسالهن فى بعثة للدراسة في بريطانيا ليكونوا نواة للطبيبات المصريات، وتم وضع المعايير اللازمة للاختيار ووقع الاختيار على توحيدة، ضمن المجموعة، حيث كانت تتمتع بمستوى عال فى العلوم والثقافة، وأطلقت الحكومة وقتها على هذه المجموعة التى تم إرسالها إلى البعثة اسم كتشنر.
وعند الانتهاء من تعليمها وعودتها إلى الوطن عام 1932 أهداها والدها عيادة في شارع عدلي، وكانت مجهزة بأحدث الأدوات الطبية وأفخم الأثاث، إلا أنها فاجأت والدها برفضها هديته لأنها اتخذت فى قرارة نفسها أن تعالج الفقراء، وفي نفس الأسبوع تم تعيينها في مستشفي كتشنر الخيري الذي تحول الآن إلى مستشفي شبرا العام، وظلت تعمل وكانت لها إسهامات طيبة فى العمل الخيرى إلى أن قررت الاستقالة والانطواء فى عام 1952 لتتفرغ لتربية أولادها، وبعد سنوات ليست طويلة دخلت فى صراع مع المرض الخبيث وانتهى الصراع فى الثالث من شهر سبتمبر 1974، بوفاتها، وظلت الدكتورة توحيدة ساقطة من حسابات المسئولين إلى أن تم إطلاق اسمها على إحدى الشوارع بمنطقه روكسى بمصر الجديدة، وذلك فى عام ٢٠١٧ تكريما لها و تخليدا لذكراها .